لننظر إلى الجزء المُمتلئ من الفنجان

 

علي بن سالم كفيتان

لا شك أنها كانت أربع سنوات صعبة للغاية على الحكومة وعلى المواطن، فكان مطلوباً من الحكومة رسم خطة تنقذ البلاد من الشلل الاقتصادي التام، بينما كان على المواطن ربط جميع الأحزمة منعًا لسقوطه من تلك الخطة، وفي حدث غير مسبوق استطاعت سلطنة عُمان العبور إلى منطقة الأمان من حيث الحفاظ على المركز المالي للبلد الذي يعد عصب الحياة اليوم ومصباح المستقبل غدًا.

استطاع العُمانيون العبور مع سلطانهم الحكيم الصادق أصعب مرحلة في تاريخ البلاد منذ فجر النهضة المباركة عام 1970، وهم اليوم على أعتاب عام الانفراج 2024؛ فمع بزوغ فجر الأول من يناير المقبل، سيبدأ تطبيق قانون الحماية الاجتماعية الذي ضمن العديد من الميزات المالية للفئات الأكثر حاجة في مرحلته الأولى (صغار السن- كبار السن- أصحاب الاحتياجات الخاصة) مع وجود هامش أمل ليشمل (الأمهات غير العاملات- الباحثين عن عمل) في مرحلته الثانية بإذن الله تعالى، كما دفعت الحكومة بترقيات القطاع المدني المتأخرة إلى عام 2016، وبدء الاستحقاق في يناير المقبل.. كل ما سبق عبارة عن تباشير خير تنم عن حرص مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- أيده الله- على إعادة توجيه البوصلة لرفع مستوى الرفاه الاجتماعي في عُمان.

اتركونا هذه المرة نُبحر في الجانب الممتلئ من الفنجان ونترك المساحة الصغيرة الفارغة التي أخذتنا بعيدًا وحمّلتنا أطنانًا لا نطيقها من التشاؤم والسوداوية طوال الأعوام الأربع الماضية.. لنبحر معًا في خضم النوايا الحسنة والسلوك الحميد؛ فبلادنا اليوم دحرت معركة المديونية وخفضتها لتصبح في المناطق الآمنة، وهذا بدوره رفع الثقة في أدائنا المالي والتزامنا الاقتصادي. كل ذلك سيفتح آفاقًا كبيرة للاستثمار وبناء الفرص، وهذه هي تباشير الحصاد الآمن لخطوات كانت بلا شك مؤلمة للغاية، لكنها كانت ضرورية، فسقط البعض خلالها من ثغرات الخطة، لكن اليد الكريمة الحانية لمولانا جلالة السلطان- رعاه الله- لم تغفل هذا الأمر؛ فبدأت إعادة التقييم التدريجي لبرامج الدعم والاستماع بعناية لشكوى المواطنين، وهذا ما انعكس في توجيهات خفض تعرفة الكهرباء في أشهر الصيف بنسبة تصل إلى 30%، وهذا يقودنا لحقيقة مُهمة، وهي أن الحكومة لديها النية الحسنة والمرونة الكافية لمراجعة كل السياسات التي تم اتخاذها خلال الفترة الحرجة، وهذا ما يجب أن نشكر من خلاله مولانا جلالة السلطان المعظم، وأن نُشجِّع الحكومة على بذل المزيد من الاستماع والتقصّي واتخاذ القرارات التي تعزز الثقة بين المواطن والحكومة؛ فنحن في وطن آمن مُستقر ينعم بالكثير من الخيرات، وفي مقدمتها الإنسان العمُاني النبيل المُحب لوطنه، الحريص على ديمومة الوئام والسلم الاجتماعي، فقد أصبحنا اليوم وبحمد الله أيقونة عالمية في السعي نحو السلام وتجاوز التناحر والصبر على الملمات في عالم مضطرب للغاية، ومن هنا ومن هذه الزاوية الغاية في الجمال والأمل يجب أن ننظر إلى عُمان ونطمئن أنها في أيدٍ أمينة.

سنطلب من سلطاننا الرحيم النظر في كل قضايانا الصغيرة والكبيرة، ونحن موقنون أن جلالته سيُوليها جُلّ عنايته وعظيم حرصه، سنظل نرفع همومنا ونتحدث عن كل ما يقلقنا وكُلنا يقين أن صوتنا سيصل بلا شك، وسننتظر عين الرعاية السلطانية في كل يوم تشرق فيه الشمس على بلادنا، لأننا نحلم بحياة أفضل ومستقبل مشرق سعيد، نجد فيه كل أبنائنا يرابطون على ثغور الوطن من حماة للأرض ومكتسباتها إلى بناة حضارة إنسانية ترتكز على إرث إمبراطوري لم يَخْبُ بعد إلى أصحاب فكر نَيِّر يقودون البشرية في عالم البحث والابتكار، إلى كُتاب مُلهمين ورسامين مبدعين وشعراء حالمين؛ لتكتمل اللوحة التي أُريدَ لها أن تكون.

يظل التغيير أمر غير متقبّل في مجتمعاتنا التقليدية؛ فنظرتنا للمكاسب تؤمن بحكمة "عصفور في اليد خير من ألف على الشجرة"، لكننا لا بُد أن نتغيَّر وأن نمتلك الإقدام الكافي للظفر ببقية الطيور التي ما زالت على الشجرة؛ فعصفور اليد سينضب يومًا ويتلاشى أمام نمونا وتطورنا وحاجاتنا المتزايدة، لهذا تنطلق بلادنا بقوة نحو المستقبل، ولا يجب أن نعيق عقارب ساعتنا لنصل معًا إلى غاياتنا في الأوقات والآجال المحددة، فقد بات من حكم المؤكد أن العالم لن ينتظرنا.

وحفظ الله بلادي.