7 أكتوبر.. الله أكبر

 

سعيدة بنت أحمد البرعمية

 

صباح السابع من أكتوبر صباح يؤذن أذان الحرية، يُبشِّر بنصر قريب، صباح يصدح بصوت الحق ليصحح المسار، صباح الثأر والوطن، صباح يُسجل يومًا مجيدًا، صباح يُذكر بالوعد الحق "إنّ نصر الله قريب" يوم يطوي الملفات السوداء ويتجه نحو العدالة.

"المستوطنون يهرعون إلى المطارات".. عبارة طال انتظارها وها هي ترددها كافة وكالات الأخبار والصحف المحلية والعالمية، عبارة تعود بنا إلى عام 1948 إلى ما شهده الفلسطينيون من قتل وقهر وظلم وتهجير، عبارة تشير إلى ترجيح كفّة على أخرى، تقول في كل حرف من حروفها ذوقوا ما أذقتونا، تقول بلسان المثل العربي "كما تدين تدان"، تقول: دخلنا تاريخًا جديدًا.

أتى اليوم الذي يعيد صياغة وعد بلفور بصيغة عادلة، أتى من يلقي قصائد محمود درويش بصوت الحرب ولحن الحرية ورائحة التراب، أتى من يخطط طريق العودة بمفردات غسان كنفاني، أتى من يأخذ للشهداء حقوقهم ويقول لهم ارقدوا بسلام فقد عاد الحق ودُحر المحتل.  

الله أكبر.. الله أكبر

رفعت المآذن صوت الحق، انتشر الذعر في إسرائيل علا صوت الحرية، ارتفع العلم الفلسطيني على الأراضي المحتلة، ما حدث صبيحة هذا اليوم ومازال يحدث ينذر ببداية النهاية ويسفر عن التفاف وطني حازم وقادر ومتمكن يثق بقدارته ويتجه لأهدافه المخطط لها بعناية وعزيمة وإيمان.

إنّ ما سمعناه من خطاب قائد هيئة أركان كتائب القسّام وما رأيناه وقرأناه من أحداث اليوم لا يعني إلاّ أنّ المجاهد الفلسطيني المؤمن بأهدافه والثائر منذ نعومة أظفاره، وصل إلى قرار حاسم وعزيمة عازمة على استرجاع الوطن مهما كلّف ذلك من ثمن، لقد فتحت حماس أبواب جهنم على الإسرائليين وأشعلت فيهم النار التي كانوا يشعلونها في الأبرياء العزل.

كلّ ما حدث ويحدث الآن يشير إلى ما كان يؤمن به مؤسس حركة حماس ومات وهو على يقين بأنه سيحدث يوما ما، ها نحن نقترب من تلك التنبؤات وها هو الغضب يتوقد وهاهي ألسنة اللّهب تتصاعد وها هو الذعر والهلع والضعف يتضاعف في صفوف الطرف الآخر.

المُتتبع لهذه الأحداث منذ صباح اليوم يتبادر إلى ذهنه أنها البداية لدخول مرحلة جديدة، مرحلة يُبذل فيها النفس والمال، وتكثر فيها الخسائر وتتضافر فيها الجهود، وتتلاحم فيها الأكتاف، مرحلة رغم صعوبتها لابد من عبورها؛ لبلوغ الأهداف ونيل الغاية.  

نشاهد حتى الآن أضرارًا جسيمة وتفرقة وشرذمة وخوفا وتراجعا في صفوف المحتل وغضبا هادفا يعرف طريقه جيدا في صفوف المجاهدين، وفي حال استمر الحال على ما هو عليه فبالتأكيد هناك الكثير من الأمور التي ستتغير جغرافيا بالدرجة الأولى.

ما زلنا نراقب ونتتبع سير الأحداث الفريدة من نوعها والمذهلة بكل ما فيها، لا أدري ماذا تخفي الليلة وماذا يحمل الغد؛ لكني أشعر أن أمرا ما قادم، ماحدث اليوم لم نرَ مثله من قبل ولم يكن متوقعاً بهذه الخطوات الثابتة، والموزونة والمخطط لها بدقة متناهية، بالتأكيد نحن أمام مرحلة جديدة، أعتقد أنها ستكون مرضية بشكل تام أو إلى حد ما، شعرت للحظة وأنا أتابع ما يحدث بأن الجغرافيا تثور وأن الأرض ضاقت بما عليها من الدناءة والظلم، شعرت بأن الجغرافيا نفسها تحارب وتحاول إعادة رسم نفسها من جديد، تحاول بلع ما عليها ممّا لا يليق بها في محاولة جادة للتطهير.

"اليوم نعم اليوم"، هذا ما يكرره ويؤكده محمد الضيف قائد هيئة أركان كتائب القسام في خطابه، ممّا يشير إلى أنّ اليوم البوابة المرتقب دخلوها من زمن طويل، يوم لا يشبه ما قبله وسيُغير مجرى الأحداث بعده، شعرت كأنه يردد أغنية فيروز "الآن الآن وليس غدًا، أجراس العودة فلتقرع".