وداعًا هود العلوي

 

 

صاحب السمو السيد/ نمير بن سالم آل سعيد

 

لم أكن أنوي الكتابة في هذا الموضوع؛ لأنَّ ما أقوله يقف عاجزًا أمام ما حدث من فاجعة بمقتل صديق عزيز وزميل عمل عرفناه عن قُرب.

لقد تعرض هود العلوي للطعن بسكين الغدر لتقضي على حياته على الفور؛ ليُصبح هود العلوي النابض بالحياة والأمل قتيلًا، بعد جريمة آثمة من مُجرم لم يستطع كبح غِلّه وحقده إلّا بالتخلص من حياة هود. لا أتخيل شخصًا عرفناه عن قرب والتقينا به كثيرًا وتشاركنا أوقاتًا طيبة معه تكون نهايته بهذه الطريقة القاسية، وكيف نتخيل أمام أعيننا، المجرم وفي عيونه الشرر يأتي مع سبق الإصرار والترصد، ويطعن أحد أصدقائنا مرارًا وتكرارًا حتى الموت وهو يصرخ ويتألم ثم يقع قتيلًا مُفارقًا الحياة.

لكن يبقى الإنسان- أي إنسان- ضعيفًا هشًا في دنياه مُعرّضًا لأي شيء، يمشي في حياته يومًا بيوم، لا يعرف ما يحصل له غدًا أو بأي أرض يموت.

والحياة عبارة عن مسارٍ به خفايا من المُفاجآت غير المتوقعة، قد تحدث في أي وقت لأي أحد قد تطيح به ميتًا أو مريضًا أو معوقًا أو محطمًا. نسأل الله السلامة لنا ولأهلنا وأحبابنا.

هود العلوي- رحمة الله عليه- الذي أصابه الموت في مقتل مفاجئ أحزن قلوبنا، عرفته منذ فترة طويلة من خلال عملنا معًا بوزارة الإعلام، حين كان يعمل مديرًا للبرامج العامة بوزارة الإعلام، ثم تم تعيينه مُلحقًا إعلاميًا في مصر، وبعدها تم نقله من ملحق إعلامي ليعمل مساعدًا لمدير عام المديرية العامة للإعلام الخارجي، وكنت- آنذاك- أشغلُ منصب المدير العام للمديرية للعامة الإعلام الخارجي بالوكالة، إضافة إلى عملي مديرًا عامًا للمطبوعات والنشر والمصنفات الفنية.

وبعد أن تفرّقت بنا الدروب في العمل، كان ما زال مُبادِرًا أسبوعيًا برسائل أدعية الجمعة الأسبوعية إلى أن توقفت رسائله قبل أسبوعين.

كُنَّا قبل سفره بأيام اتفقنا على اللقاء في أحد المراكز التجارية بعد عودته من الخارج، لكن لم تُكتَب له العودة حيًا ولم يُكتَب لنا اللقاء.

حين يموت أحد المعارف الأعزاء علينا، نتمنى لو أننا جلسنا معه والتقينا معه أكثر وأكثر، ونأسف لعدم حرصنا واهتمامنا أكثر بلقائه، وقد فات الأوان.

هذا هو الحال، كلنا له دائرته الاجتماعية ومشاغله الدنيوية التي تشغل وقته، ونتوانى عن اللقاءات الأخرى حتى مع أناس نعزهم، لأننا نعتقد أن لدينا وقتا كثيرا في أيامنا القادمة، ونؤجل اللقاءات إلى أوقات أخرى قد لا تأتي!

لقد لمست من الأخ هود العلوي- رحمة الله عليه- خلال معرفتي به كل الاحترام والأخلاق النبيلة والتعامل الحسن وكان دائمًا ما يأتي إلى مكتبي للنقاش والحديث في المواضيع التي تهم المديرية، وكذلك نتطرق أحيانًا في لقاءاتنا إلى مواضيع أخرى جانبية في مجال اهتماماتنا، وتشكلت بيننا علاقة صداقة وزمالة طيبة؛ فقد كان- رحمه الله- شخصًا هادئ الطبع، دمث الخلق، مُتزنًا في تصرفاته وحديثه، مجتهدًا في عمله، لا يُكِن الكراهية والخبث والحسد للآخرين ولا يُدخل نفسه في خلافات أو مشاكل لأنَّ طبيعته وأخلاقياته بعيدًا عن هذا، وذكاؤه وخبرته العلمية والعملية تجعله ينأى بنفسه عن الأخطاء والمشاكل، إلى أن حصل ما حصل، في يوم حزين، وفُجِع أهله وأصدقاؤه ومحبوه بوفاته.

نسأل الله له الرحمة، وأن يغفر له، ويتغمد روحه الجنة، وإنَّا لله وإنَّا إليه راجعون. ووداعًا هود العلوي.