ورقة عمل المكرم الشيخ علي المحروقي في منتدى شركاء المسؤولية الاجتماعية والاستدامة 2023

صلالة- الرؤية

رعى صاحب السمو السيد مروان بن تركي آل سعيد محافظ ظفار، صباح الإثنين، افتتاح أعمال منتدى شركاء المسؤولية الاجتماعية والاستدامة 2023، والذي عقد في صلالة، تحت مظلة المنتدى العماني للشراكة والمسوؤلية الاجتماعية، بتنظيم من جريدة "الرؤية" والشبكة الإقليمية للمسؤولية الاجتماعية، بعنوان "مبادئ الاتفاق العالمي للأمم المتحدة.. المسؤولية والتنمية المستدامة"، مع حضور ضيف شرف المنتدى، الشيخ الدكتور ثاني بن علي بن سعود آل ثاني عضو مجلس إدارة مركز التوفيق والتحكيم التجاري بغرفة تجارة وصناعة قطر، والسفير الدولي للمسؤولية المجتمعية.

وفيما يلي ورقة العمل التي حملت عنوان "الجمعيات الأهلية بين مقتضيات الحاجة وعوائق الوجود":

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ

الحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام على النبي الأمين.. وبعد،

الحضور الكريم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...،

لقد أصبحت الحاجة لزيادة حيوية الجمعيات الأهلية "المنظمات غير الحكومية" أهمية كبيرة في الوقت الحاضر. وذلك لن يتم إلا من خلال تنمية روح المشاركة المجتمعية الفعالة والمستقلةَ في رسم وتنفيذ السياسات الاجتماعية والاقتصادية، وفى تحديث وتعميق مفاهيم التنمية المستدامة التي تتحقق بالتعاون الكامل بين الحكومة والقطاع الخاص والمنظمات الأهلية.

ويلاحظ أنَّ هناك العديد من المسميات والمفاهيم التي تُعبِّر عن الجمعيات الأهلية، وهناك أيضاً العديد من المسميات والمفاهيم التي تعبر عن القطاع الذى تنتمي إليه، ومن هذه المسميات نجد ما يلى:

- المنظمات غير الحكومية (Non Governmental Organizations (NGO’ S

- المنظمات التي لا تهدف لتحقيق الربح Non Profit Organizations.

- القطاع الثالث Third Sector

- القطاع التطوعي Voluantary Sector

- القطاع الخيري Philanthropic Sector (16)

ويعد تعبير "المنظمات غير الحكومية" هو السائد على مستوى العالم بشكل كبير.

ووفقاً لهذه الخصائص، يشير مفهوم الجمعيات الأهلية إلى تلك التجمعات غير الهادفة للربح والتي تعمل في مجالات الرعاية الاجتماعية وتعتمد في تمويلها على تبرعات القطاع الخاص وأشخاص من المجتمع أومن جهات أخرى. كما أنها قد تحصل على دعم الحكومة لمساعدتها في إنجاز أهدافها غير السياسية. أو تكون نافذة لتعزيز دور الحكومة وسياساتها.

وتمثل "المنظمات غير الحكومية" جزءاً من القطاع المجتمعي في المجتمعات الحديثة، وتلعب دورا بارزا في الإسهام في التنمية والتعاون المجتمعي، وتقع تلك المنظمات بين القطاعين العام والخاص. وتعد بمثابة منظمات ربط ووصل بين مكونات المجتمع.

وعلى الرغم من اختلاف المنظمات غير الحكومية من حيث الحجم والأهمية ومناط الاهتمام بين الدول والثقافات المختلفة، فإنَّ لتلك المنظمات وظائف متشابهة فهي تساعد الفقراء والمحتاجين والضعفاء وتسعى للتغيير الاجتماعي وتنميته وتطويره وحل مشكلاته، وفى بعض الدول تمثل الأداة الرئيسية لتوزيع ونشر الرفاهية الاجتماعية.

ويلاحظ من خلال واقع خبرات العمل المجتمعي في بلاد عديدة من العالم، أنَّ المنظمات غير الحكومية تنقسم إلى ثلاث فئات كبرى هي: منظمات تهدف لمساعدة الأفراد والأسر غير القادرة، بما في ذلك تلك التي تنشأ لغرض المساعدة الذاتية بين الناس غير القادرين.

2- منظمات تتكون بناء على اهتمام عام مشترك أو بهدف العمل في مجال محدد ولأغراض تحقيق منافع جماعية.

3- منظمات تتأسس في إطار سعى أعضائها لتحقيق هدف عالمي مشترك مثل الدفاع عن قضايا حقوق الإنسان والمرأة والبيئة والطفولة، وغير ذلك من قضايا ذات اهتمام عالمي.

وتعرف هذه المنظمات في سلطنة عمان بالجمعيات الأهلية.. وللجمعيات الأهلية تنظيمات رسمية تهتم بتقديم خدمات مباشرة أو غير مباشرة لسد احتياجات المجتمع وتحقيق الرفاهية الاجتماعية للمواطنين. وتقوم الجمعيات الأهلية على الجهود التطوعية لجماعة من الأفراد المهتم بالخدمة العامة يتولون تنظيمها وإدارتها في إطار النظام العام أو القوانين والتشريعات التي تنظم العمل الجماعي التطوعي.

وفي سلطنة عمان، توجد عدة جمعيات وفرق خيرية ينظم إطارها المرسوم سلطاني رقم ١٤/٢٠٠٠ بإصدار قانون الجمعيات الأهلية ودور هذه الجمعيات في سلطنة عمان. ويحظر على الجمعية الاشتغال بالسياسة أو تكوين الأحزاب أو التدخل في الأمور الدينية، وعليها أن تنأى عن التكتلات القبلية والفئوية، ولا يجوز لها:

أ- ممارسة أي نشاط غير النشاط المحدد في نظامها.

ب- أن تنتسب أو تشترك تنضم إلى جمعية أو هيئة أو ناد مقره خارج البلاد إلا بعد موافقة الوزير.

ومن الجمعيات في سلطنة عمان: الجمعية العمانية للأعمال الخيرية، جمعية الرحمة للأمومة والطفولة التي أتشرَّف برئاستها الفخرية، وجمعية دار العطاء، ومؤسسة سهيل بهوان، وجمعية الاستقامة الخيرية الإسلامية العالمية، وجمعية النور للمكفوفين، وجمعية رعاية الأطفال المعوقين بمسقط، وجمعية التدخل المبكر للأطفال ذوي الإعاقة، وجمعية إحسان لرعاية كبار السن.

وترتكز جهود الجمعيات الأهلية على محور أساسي، هو تعبئة جهود الأفراد والجماعات لإحداث التنمية في المجتمع لصالح هؤلاء الأفراد والجماعات وحل مشكلاتهم والإسهام في مؤازرة جهود الدولة فى تلبية الاحتياجات الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية للمجتمع في حدود صلاحياتها والنظام المعمول به.

ففكرة الجمعيات فكرة ليست وليدة الحاضر، بل هي صورة من الصور القديمة عندما يكون هناك حِرَاك مُنظم في مختلف المجتمعات على مدى العصور لعلاج قضية مجتمعية، كان التآلف والعزم على علاجها، وإذا عزم أبناء وطن من الأوطان على تنظيم ممارساتهم، فيجب أن تكون هناك جهات داعمة لبناء هذا التوجه وتنظيمه وتأطيره، وهذا ما نراه اليوم في عملية منظمة تحرص عليها حكومات الوطن العربي.

ونظراً لما نراه اليوم من أخطار فكرية في أغلبها سريعة الانتشار ذات أفكار تعارض الفطرة، فلا شك بأن وجود بل وزيادة مؤسسات المجتمع المدني بات أمراً ضرورياً؛ حيث لا ازدواجية في عمل هذه المؤسسات من حيث دورها التنموي ودورها التوعوي، بل إنَّ جميع قضايا التنمية مقرونة بالتوعية وجميع أهداف التوعية تجود من مستوى التنمية.

ونرى أنه من المفيد أن يكون المجتمع له دور في المشاركة لجميع خطوات مأسسة وتقييم استدامة هذه المؤسسات، وطالما أنَّ هذه رغبة المجتمع عندها من الجيد أن يكون للمجتمع حق وجود هذه المؤسسات؛ وذلك بعد استيفاء المشروع جميع أركان واشتراطات التأسيس، وحصوله على موافقة الجهات المعنية بعدم الإخلال بالاشتراطات.

لتكون الكلمة الأخيرة للمجتمعات، لتعكس رغبتها ورؤيتها وتبدي ملاحظاتها، وهي من أقوى أنواع الشراكات وأقله أخطاء، ليكون بهذا نقطة تحول في أدوار المجتمعات العربية عند بناء مؤسسات المجتمع المدني التي ترعى مصالحها وتساند الحكومات خلال مراحل عمل مؤسسات المجتمع المدني الرئيسة الثلاث؛ وهي: المأسسة - المبادرات – الإفصاح، وهي ما يبنى عليه استدامة مؤسسات المجتمع المدني.

وفيما يتعلق بمعوقات الجمعيات، فهي عدة جوانب؛ منها: رؤية بعض الحكومات أو المعنين بعدم الحاجة لتعاظم الجمعيات، ويخلطون بين دواعي حاجتها وتقاطع أهدافها مع جمعيات أخرى لا تمُت لاختصاصها بصلة، ليتم وأدها في مهدها أو لسوء فهم لا يطلب توضيحه، وهناك جمعيات يتنازع منتسبوها الأدوار لتتعثر عن أداء واجبها، بينما هناك جمعيات تتعثر بسبب قلة الداعمين وكثرة القيود الصارمة التي أصبحت أمرا معيقا بسبب الضوابط والإجراءات المالية العالمية.

وهناك جمعيات تتداخل وتتقاطع في مجالات جمعيات متخصصة أخرى.

وهذه الظروف يخلط فيها المعنيون في بعض الدول العربية بين الغث والسمين.

دُمتم بخير.. والسلام عليكم ورحمة الله

تعليق عبر الفيس بوك