استعراض الممارسات المثلى لتعزيز مبدأ مواطنة الشركات

"منتدى شركاء المسؤولية الاجتماعية والاستدامة" يبحث آليات تطبيق مبادئ الاتفاق العالمي للأمم المتحدة

...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...
...

 

 

مروان بن تركي: المنتدى يواكب التوجهات الوطنية وفق رؤية "عُمان 2040"

الطائي: المسؤولية الاجتماعية ركيزة أساسية في منظومة التنمية المستدامة

ثاني آل ثاني: تقارير الاستدامة من أفضل أدوات تقييم الالتزام بأهداف التنمية

عبدالغفار: "ريادة الأعمال الاجتماعية" تمزج الجانب التجاري مع الاهتمامات الاجتماعية والبيئية

بودينة: الاستدامة مرآة للجودة والابتكار والصمود في المؤسسات حول العالم

حجيجة آل سعيد: ضرورة تمهيد مسارات التنمية أمام اضطلاع أكبر بالمسؤوليات

ورشتان تدريبيتان في اليوم الثاني للمنتدى حول برامج الاستثمار المجتمعي

 

 

صلالة- فايزة الكلبانية- مريم البادية

 

 

رعى صاحب السمو السيد مروان بن تركي آل سعيد محافظ ظفار، صباح أمس الإثنين، افتتاح أعمال مُنتدى شركاء المسؤولية الاجتماعية والاستدامة 2023، والذي عقد في صلالة، تحت مظلة المنتدى العماني للشراكة والمسؤولية الاجتماعية، بتنظيم من جريدة "الرؤية" والشبكة الإقليمية للمسؤولية الاجتماعية، بعنوان "مبادئ الاتفاق العالمي للأمم المتحدة.. المسؤولية والتنمية المستدامة"، بحضور ضيف شرف المنتدى، الشيخ الدكتور ثاني بن علي بن سعود آل ثاني عضو مجلس إدارة مركز التوفيق والتحكيم التجاري بغرفة تجارة وصناعة قطر، والسفير الدولي للمسؤولية المجتمعية.

وانطلقت أعمال المنتدى بشراكة إستراتيجية مع بلدية ظفار، وبرعاية ذهبية من شركة تنمية نفط عمان، ومؤسسة مؤسسة عبدالعزيز ومحمد وعبداللطيف أبناء حمد الجبر الخيرية "مؤسسة الجبر الخيرية" من المملكة العربية السعودية، والراعي الفضي شركة الشرق الأوسط للحفر والخدمات المتكاملة "ميدوسكو".

وقال صاحب السمو السيد محافظ ظفار، إن منتدى "شركاء المسؤولية الاجتماعية والاستدامة"، والذي ينعقد تحت مظلة المنتدى العماني للشراكة والمسؤولية الاجتماعية، يمثل إضافة ثرية لفعاليات "خريف ظفار" للعام 2023، نظرًا للعنوان الطموح الذي يتوافق مع توجهات سلطنة عمان اليوم في ضوء أولويات وأهداف رؤية "عمان 2040"، وكذلك هذه الكوكبة من الخبراء والمختصين والممثلين عن مكاتب الأمم المتحدة في الشرق الأوسط، بما يُعزز تشاركية الجميع في استكمال مسيرة النماء الوطني المستدام. ‏‎وأوضح صاحب السُّمو راعي المنتدى- في تصريح صحفي- أن قطاع المسؤولية الاجتماعية في سلطنة عمان مبشّر وينتظره مستقبل واعد، لا سيما وأن أغلب الاستثمارات المجتمعية التي تتنباها وتقوم عليها شركات، تنطلق أساسا من الحس الوطني التشاركي في مسيرة التنمية، ومن قيم التعاضد والتكافل المتأصلة في عاداتنا العمانية، وبوازع تمليه على الجميع مسؤولياتهم الاجتماعية والوطنية، مشيرًا سموه إلى أنَّ الأولويات الوطنية والمسؤوليات الملقاة على عاتق الجميع اليوم سواء -شركات أو أفرادًا- لتلبية التطلعات الوطنية، تفرض على الجميع الاضطلاع بدوره الوطني والمجتمعي كاملا، كل في مجاله وفي إطار اختصاصاته والمصلحة العليا للوطن.

التنمية المستدامة

وبدأت أعمال المنتدى بكلمة للأمين العام المكرم حاتم بن حمد الطائي رئيس التحرير رئيس اللجنة الرئيسية، تطرق من خلالها إلى الحديث عن الأجندة الحادية والعشرين، المنبثقة عن مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية المستدامة عام 1992، والتي وصفت المؤسسات والشركات بأنها تؤدي "دورًا حيويًّا في التنمية الاجتماعية والاقتصادية للبلدان"؛ وهو الوصف الذي تغيّرت معه توجهات هذه الكيانات الاقتصادية كي تسلك مسارات مجتمعية أكثر فعّالية وعمقًا، كما تغيرت القناعات من كونها مجرد كيانات تسعى للربح وحسب، إلى أن تتحمل مسؤولياتها المجتمعية في إنتاج وتوزيع ثرواتها على مختلف الأطراف ذات المصلحة. وأضاف أنه منذ ذلك التاريخ، أبدت المؤسسات الاقتصادية استعدادًا لتكون مشاريعها مسؤولةً مجتمعيًا، وشرعت الأبواب أمام وضع مواثيق لأخلاقيات الأعمال، وأخرى تتعلق بالأداء المجتمعي وغيرها بالشأن البيئي، وتبارت الكيانات الكبرى منها لإنشاء إدارات مركزية للتنمية المستدامة، أصبحت فيما بعد تأخذ على عاتقها إبراز ممارسات المؤسسة في مجالات التنمية المستدامة. ومضى قائلًا: "شيئًا فشيئًا، بدأ البعد الأخلاقي المجتمعي في إدارة المؤسسات، يأخذ منحى الانتقال بالعمل من مفهوم تقديم الخدمة التطوعية، إلى تطبيق أوسع يقوم على تبني مفهوم المسؤولية المجتمعية، بما يعنيه من الانتقال من مفهوم "الترف المؤسسي" إلى مفهوم سدّ الحاجة الفعلية للمجتمع، وإدخال التطوير على سيناريوهات الاستثمار المجتمعي لتكون أكثر ملاءمةً للمستهدفات المتوخاة، وقياس أثر خدماتها المضافة وفق ثلاثة أبعاد رئيسية: البعد الاقتصادي، والبعد الاجتماعي، والبعد البيئي".

خارطة التنمية الشاملة

وأشار الطائي إلى أن هذه الأبعاد تتفق تمامًا مع الأهداف التنموية السبعة عشر، كمصطلح اقتصادي اجتماعي أممي، يحدّد ويرسم خارطةً للتنمية الشاملة.. تنميةٌ هدفها الأول تحقيق الرفاه والاستقرار للإنسان، الذي هو حجر الزاوية في أية عملية تنموية.

وشدَّد الطائي على أن ارتباط مفهوم المسؤولية بالجانب الاجتماعي يضيّق حدوده، ويتبادر إلى الأذهان أنه مرتبطٌ بجوانب خيرية وغير ملزم للشركات، في الوقت الذي تحتكم فيه مسؤولية الشركة لجملة مصالح متبادلة تحكمها ضوابط أخلاقية وقانونية واقتصادية؛ سواءً بينها وبين عامليها، وأسرهم والمجتمع الذي تعمل فيه، أو على مستوى أصحاب المصلحة الأخرى.

واختتم بالقول إنّ بناء إستراتيجيات شاملة للاستثمار المجتمعيّ وفق مرتكزات مهنية وهيكلية واضحة وإدارة محكمة؛ من شأنه أن يعزّز مسيرة التنمية الشاملة والمستدامة، ويلبّي التطلعات التي ينشدها المجتمع؛ إذ لا غنى عن الاستثمارات الاجتماعية كي يتحقق النماء والرخاء وينعم المجتمع بحياة مزدهرة على المستويات كافةً.

كلمة ضيف الشرف

وألقى ضيف شرف المنتدى، الشيخ الدكتور ثاني بن علي بن سعود آل ثاني عضو مجلس إدارة مركز التوفيق والتحكيم التجاري بغرفة تجارة وصناعة قطر، والسفير الدولي للمسؤولية المجتمعية، كلمة، أكد فيها أن المقصود بالمسؤولية المجتمعية ليس فقط تنفيذ أدوار محدودة الأثر عبر تبرعات أو مساهمات خيرية- مع أهمية هذا الأمر- ولكن المراد هو مدى مساهمة هذا القطاع؛ سواء الخاص منه أو العام أو المجتمع المدني، ومن خلال تعامله مع العملاء والمستثمرين وأصحاب المصلحة الآخرين، في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية داخل المجتمعات التي يتواجد فيها.

وقال آل ثاني: "لقد عرّف برنامج الأمم المتحدة للبيئة الاستدامة على أنها التنمية التي تهتم بتلبية الاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية الحالية دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها. وتزايد الاهتمام بموضوع المسؤولية البيئية والمجتمعية للمنظمات حيث تسعى دول العالم إلى محاولة الاستفادة القصوى من الموارد الطبيعية المتاحة دون الإضرار بالبيئة". وأشار آل ثاني إلى زيادة أعداد الشركات ومنظمات الأعمال والمؤسسات الأخرى الحكومية والمجتمعية التي تدرك الحاجة إلى جعل عملياتها أكثر استدامة، وفي الوقت ذاته تقوم الحكومات والأسواق والمستثمرين والمجتمع بأسره بدعوة هذه القطاعات للتحلي بمزيد من الالتزام والشفافية من حيث أهدافها وآثارها فيما يتعلق بالاستدامة. وأضاف أنه يوم تلو الآخر يزداد اهتمام العالم بالاستثمار في الشركات التي لا تنتهك حقوق الإنسان وتحترم البيئة وتساهم في التنمية المستدامة، موضحًا أن تقارير الاستدامة تعد من أفضل الأدوات أو الوسائل الفنية لتقييم مدى التزام منظمات الأعمال بتحقيق أهداف التنمية المستدامة.

تأثيرات إيجابية

وذكر الشيخ الدكتور ثاني آل ثاني ضيف شرف المنتدى، أن تقارير الاستدامة تتضمن إفصاحات حول أبرز الآثار التي تحدثها الشركة أو المنظمة (سواء كانت إيجابية أو سلبية) على البيئة والمجتمع والاقتصاد، لافتًا إلى أن هذه التقارير تفيد بتزويد المنظمة بمعلومات موثقة ذات صلة ومعيارية والتي يمكن بواسطتها تقييم الفرص والمخاطر واتخاذ قرارات سليمة ومن خلال تطوير العلاقة بين الاستدامة والعمل يمكن للشركات في أن تحسن من قيمتها وتقيس التغير وتديره وتسعى إلى التحسن والابتكار.

وأكد آل ثاني أن التزام الشركات والمؤسسات بمبادئ المسؤولية المجتمعية والاستدامة لم يعد اختياريًا أو مجرد وسيلة لتلميع الصورة الذهنية؛ إنما هي أطر أخلاقية يجب أن تلتزم بها ومؤشر تنافسية تجعلها في المقدمة.

وشدد على أن ممارسات المسؤولية المجتمعية تطورت منذ عرف العالم "نظرية أصحاب المصلحة"؛ فلم تعد العلاقة محصورة بين الطرفين الرئيسيين في التعاملات التجارية والاقتصادية والممثلة في (المالك أو إدارة الشركات والمؤسسات من طرف والعملاء من طرف آخر)؛ بل توسعت ووصلت لأطراف أخرى من أصحاب المصلحة، والذين بات واجباً عليهم أن يراعوا أولوياتهم واهتماماتهم في منظومة الممارسات المسؤولة المحترفة مثل (المالك/ المساهم أو الإدارة- العملاء- العاملين- الجهات الحكومية ذات الصلة- المجتمع- الإعلام- الفئات من ذوي الاحتياجات الخاصة بعمومهم- المنافسون- البيئة، وغيرهم)، وبالتالي شريحة المستهدفين من أعمال وممارسات المسؤولية المجتمعية باتت كبيرة ومتنوعة ويجب مراعاتها.

وأضاف أن تصميم المبادرات والمشروعات المجتمعية بأدوات علمية ومؤثرة، بات أمرًا في غاية الأهمية؛ لتساهم هذه المبادرات في تعزيز التنمية المستدامة والاستجابة الفاعلة لحاجات المجتمعات العربية والدولية، سواء داخل بيئة العمل ذاتها أو المجتمع الذي يقع في نطاق تأثيرها. وزاد قائلًا إن من أهم ما يدعم فاعلية ممارسات المسؤولية المجتمعية المعززة للتنمية المستدامة، التزامها بتطبيقات الحوكمة المؤسسية في أعمالها وفي علاقتها مع أصحاب المصلحة، ولذلك أصبح تبني تطبيقات الحوكمة أمرًا غير اختياري؛ بل مُمارسة مُلزمة لتحقيق عائد وأثر مجتمعي ومستدام في كل القطاعات.

العائد الاجتماعي

وسلط آل ثاني الضوء على أهمية قياس العائد الاجتماعي على الاستثمار (SROI)؛ باعتباره وسيلة لقياس القيمة المالية المضافة التي تقوم على مبادئ معينة (مثال: القيمة البيئية والاجتماعية التي لا تعكسها الحسابات المالية التقليدية الحالية) والمتعلقة بالموارد المستثمرة، ويمكن أن يستخدمها أي كيان لتقييم التأثير الواقع على أصحاب المصلحة وتحديد طرق تحسين الأداء وتعزيز أداء الاستثمارات.

وحث السفير الدولي للمسؤولية الاجتماعية، على دعم المبادرة العالمية للاتفاق العالمي للأمم المتحدة؛ والتي أُطلقت في عهد الراحل كوفي عنان الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة؛ إذ إن هذه المبادرة النوعية تستهدف دعم استدامة أعمال هذه الشركات والمؤسسات، ودعم تبنيها نهجًا أخلاقيًا ومسؤولًا تجاه المجتمعات التي تعمل فيها. وأشار إلى أن القطاع الخاص العربي ما زال محدود التأثير في دعم هذه المبادرة الدولية، لافتًا إلى أن غرفة قطر، انتسبت بالفعل لعضوية هذه المبادرة العالمية مؤخرًا، وسط جهود حثيثة لحث القطاع الخاص القطري على الانضمام لهذا الاتفاق.

وفي ختام كلمته، أكد الشيخ الدكتور ثاني آل ثاني أن تطبيق المسؤولية المجتمعية في مختلف القطاعات وفق الممارسات العالمية، يستلزم وجود قناعة تامة لدى القيادات بأهمية بناء استراتيجية شاملة تساهم في أن تكون هذه الممارسات مؤسسية، وتدخل في جميع قرارات وأنشطة وخدمات ومنتجات هذه القطاعات الحيوية، لتساهم بحق في تنمية مجتمعاتنا ودولنا.

بيان الافتتاح

فيما ألقى البروفيسور يوسف عبدالغفار رئيس الشبكة الإقليمية للمسؤولية الاجتماعية، بيان افتتاح المنتدى، استهله بالحديث عن أهمية الارتقاء بالمجتمعات من خلال توفير الخدمات المتميزة، وإيجاد الأشخاص الذين ينفذون عملية التنمية بكفاءة واقتدار، ويقودونها بوعي ومسؤولية، مشيرًا إلى أن ذلك لا يتأتّى إلا بإصلاح نظام التعليم، والارتقاء به، لإعداد جيل يكون قادرًا على التفكير وحل المشكلات، ويكون مُؤهّلًا للمنافسة في سوق العمل؛ من خلال إكسابه المهارات العملية إضافة للمعارف النظرية. وأشار عبدالغفار إلى تجربة سنغافورة، التي لا تمتلك أية موارد طبيعية، لكنها أصبحت واحدة من الدول المتطورة في العالم، وأسست اقتصادًا متميزًا، وأصبحت من أكثر المجتمعات نجاحًا على مستوى العالم في غضون بضعة عقود. وقال إن السرَّ في هذا النجاح تطبيقهم النظام القائم على الجدارة؛ أي إعطاء الأولوية للجدارة والكفاءة والاستحقاق على أية صفة أخرى.

وأضاف عبدالغفار أنّ دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، أولت اهتمامًا كبيرًا في السنوات الأخيرة بريادة الأعمال التجارية، والتي تؤدي إلى إيجاد فرص عمل جديدة للأفراد، وتحفيز الابتكار والتنمية الاقتصادية، وتعزيز المجتمعات المحلية، داعيًا إلى تسليط الضوء على ريادة الأعمال الاجتماعية، وهي مفهوم يجمع بين روح ريادة الأعمال التجارية والاهتمام بالمسائل الاجتماعية والبيئية. وقال إن هذه الريادة تهدف لتحقيق التغيُّر الاجتماعي والبيئي الإيجابي؛ من خلال إنشاء وتطوير الأعمال التجارية، وتؤدي إلى معالجة التحديات الاجتماعية والبيئية؛ من خلال الابتكار والحلول المستدامة، وتضع النتائج الاجتماعية والبيئية في مقدمة أهدافها، بجانب تحقيق الاستدامة المالية.

وأبرز عبدالغفار العلاقة الوطيدة بين الابتكار وريادة الأعمال التجارية والاجتماعية، ويكون لهما دور مهم في تمكين الحكومات من مواجهة التحديات المشتركة في تطبيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة بأبعادها الثلاثة، بما يشمل القضاء على الفقر والجوع وتمكين المرأة، وغيرها من الأهداف لتُسهم في تقدم الشعوب وازدهارها.

وحث رئيس الشبكة الإقليمية للمسؤولية الاجتماعية على ضرورة جعل التنمية قضية وطنية يُشارك فيها كافة أفراد المجتمع والمؤسسات والشركات وليست الدولة فقط، من خلال التزام الشركات بأداء دور اجتماعي والتزام أخلاقي تجاه العاملين فيها وأسرهم والمجتمعات المتعاملة معها.

تحديات الاستدامة

إلى ذلك، قدّمت سلمى بودينة المدير العام للشبكة الوطنية للاتفاق العالمي للأمم المتحدة بالمملكة المغربية، كلمة، أشادت فيها بانضمام جريدة "الرؤية" إلى الاتفاق العالمي للأمم المتحدة، لتكون أول جريدة عربية تلتحق بالاتفاق العالمي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مشيرةً إلى أن المؤسسات المنخرطة في الاتفاق هي مؤسسات برزت ريادتها في تسخير قدراتها وكفاءاتها للتصدي للتحديات البيئية والاجتماعية وتحويلها إلى فرص تجارية تخدم أهدافها المالية وتخدم المجتمع.

وقالت بودينة إن الاستدامة أصبحت تفرض نفسها في خضم التحديات التي نعيشها، ليس لكونها قرارًا أخلاقيًا فحسب؛ بل لأنها القرار الأصوب تجاريًا واقتصاديًا، ويرجع ذلك إلى زيادة وعي الأفراد في دور الشركات في التأثير الإيجابي والسلبي على البيئة والمجتمع، فأصبحنا نشهد ضغطًا متزايدًا من طرف العملاء خاصة، والمجتمع المدني عامة، لمطالبة القطاع الخاص بالخدمة المجتمعية، حتى المستثمرون لم يعودوا يكتفون بتقييم الأداء المالي للشركات وأصبحوا يطالبون بمعطيات عن الأداء الاجتماعي البيئي والحوكمي قبل اتخاذ أي قرار استثماري.

وأضافت أن الاهتمام بالاستدامة بشكل جوهري، يمنح الشركات فرصة لتطوير ميزاتها التنافسية من خلال ربط نشاطاتها وقدراتها بالتحديات البيئة والاجتماعية لتطوير منتوجات وخدمات جديدة، أو تعديل عملياتها لخفض تكلفة الإنتاج، أو الزيادة في حصة السوق.

وأكدت بودينة أن الاستدامة أصبحت مرآة للجودة والابتكار والصمود؛ فلا يُمكن الاستمرار في التعامل معها كأمر هامشي؛ لهذا، فإننا في الاتفاق العالمي للأمم المتحدة نحمل مسؤولية نقل المؤسسات الأعضاء بشكل أسرع وأبعد من باقي المؤسسات في إحراز تقدم بارز في مجال المسؤولية الاجتماعية، كما نسعى إلى نقل أعضائنا إلى ما هو أبعد من الحد الأدنى في رحلة التحسين المستمر.

مسؤوليات كبرى

أعقب ذلك، الكلمة الرئيسية بالمنتدى، والتي قدمتها صاحبة السمو السيدة حجيجة بنت جيفر آل سعيد السفيرة الدولية للمسؤولية الاجتماعية؛ حيث أكدت أن انعقاد المنتدى تحت عنوان "شركاء المسؤولية الاجتماعية والاستدامة"، في ضوء مبادئ الاتفاق العالمي للأمم المتحدة، يضع على كاهلنا نحن المتحدثين والمشاركين ضمن أعمال هذه الدورة، مسؤولية تمهيد المسار أمام اضطلاعٍ أكبر بالمسؤُوليات، كلٌ في مجالِهِ وفي نطاقِ تخصُّصه، وحثِّ الخُطى لمُواكبة مُتطلباتِ المرحلةِ الحاليةِ والمقبلةِ، بمستوياتِ أداءٍ أعلى، تضمنُ وصولاً سلِسًا للمستقبلِ المأمُول.

وأضافت أنه لن يتأتّى ذلك، دون فِكرٍ تتحوّلُ معهُ هذه المسؤولية الاجتماعية إلى مسؤوليةٍ تنمويةٍ حقيقيةٍ وجادةٍ للشركات، تحقِّق قيمةً مضافةً لبرامج ومبادراتِ الاستثمارِ المجتمعيِّ المستدام.

وأعربت سموها عن سعادتها بما يشهده قطاع المسؤولية الاجتماعية في سلطنة عُمان من نماء وتقدم، داعيةً في الوقت نفسه إلى ضرورة مراعاة الشركات والمؤسسات لمبادئ الاتفاق العالمي للأمم المتحدة.

إلى ذلك، قدم المهندس محمد بن أحمد الغريبي مدير الشؤون الخارجية والاتصالات بشركة تنمية نفط عمان ورقة العمل الرئيسية، استعرض من خلالها جملة من النقاط حول مشاريع المسؤولية الاجتماعية لشركة تنمية نفط عمان، والخطط الطموحة التي تعكف على تنفيذها خلال الفترة الحالية والمستقبلية.

الجلسات النقاشية

واختارت اللجنة الرئيسية لأعمال المنتدى "نحو معايير عملية لتمكين مبادئ اتفاق الأمم المتحدة بقطاع المسؤولية والاستدامة" عنوانًا للمحور الأول، والذي يستهله سعادة الدكتور بدر عثمان مال الله مدير عام المعهد العربي للتخطيط بورقة عمل، بعدها تقدّم سعادة مريم التلمساني رئيسة مجلس إدارة شبكة الاتفاق العالمي بالمملكة العربية السعودية ورقة العمل الثانية، قبل أن تنطلق أعمال الجلسة النقاشية، والتي أدارتها فايزة بنت سويلم الكلبانية الرئيس التنفيذي للشبكة الإعلامية للمسؤولية الاجتماعية، وبمشاركة كلّ من: سعادة الدكتور بدر عثمان مال الله، وسعادة سلمى بودينة، وسعادة مريم التلمساني، ود. علي آل إبراهيم نائب رئيس الشبكة الإقليمية للمسؤولية الإجتماعية، وخبير التنمية المستدامة سامي العدواني من دولة الكويت.

أمّا المحور الثاني، فحمل عنوان "شركاء المسؤولية والاستدامة"، واستهلته المستشارة هديل السبتي مستشار رئيس مجلس إدارة الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية للعلاقات الخارجية، بعرض تجربة، وقدّم المكرم الشيخ علي بن ناصر المحروقي السفير الدولي للمسؤولية الاجتماعية عضو مجلس الدولة، العرض الثاني، فيما قدّم العرض الثالث الشيخ خالد بن عبدالله المسن الخبير الاقتصادي ومستشار التنمية المستدامة والعضو الفخري بالشبكة الإقليمية للمسؤولية الاجتماعية، أما عرض التجربة الرابعة فقدمه من المملكة العربية السعودية نايف بن صلاح بودي الرئيس التنفيذي لمؤسسة الجبر الخيرية، واختتم الكاتب والإعلامي عبيدلي العبيدلي مؤسس ورئيس جمعية الشركات البحرينية للتقنية (BTECH)، أعمال هذا المحور بعرض تجربة حول رقمنة التمويل الجماعي.

ويصاحب أعمال المنتدى في يومه الثاني، ورشتان تدريبيتان، يقدّم الأولى الأستاذ الدكتور علي آل إبراهيم نائب رئيس الشبكة الإقليمية للمسؤولية الاجتماعية، بعنوان "تصميم برامج الاستثمار المجتمعي وقياس مؤشرات الأداء"، فيما تحمل الورشة الثانية عنوان "برنامج الاستثمار الاجتماعي في المنظمات" ويقدّمها سعادة المستشار فايز العمري رئيس المركز الأممي لخدمات المانحين بالشبكة الإقليمية للمسؤولية الاجتماعية.

وقد اختارت اللجنة الرئيسية لأعمال المنتدى موضوع الدورة الحالية انطلاقًا من كون الاتفاق العالمي للأمم المتحدة (UNGC) بمبادئه العشرة هو أكبر عمل تطوعي يحظى بتوافق عالمي لحماية ورعاية المسؤولية الاجتماعية؛ بما يضمنه من تعميم للمبادئ العشرة للاتفاق فيما يتعلق بالأنشطة التجارية حول العالم، وتحفيز الإجراءات لدعم الأهداف العالمية للأمم المتحدة بما فيها الأهداف الإنمائية للألفية، حيث تتوزّع مبادئه وفق أربعة محاور رئيسية؛ تشمل: حقوق الإنسان، والعمل، والبيئة، ومكافحة الفساد، إضافة لحثّ الشركات على تبني وتفعيل ودعم مجموعة من المبادئ والقيم الأصيلة المعزز لدور قطاع المسؤولية الاجتماعية.

وهدف المنتدى إلى الوصول لممارسات مستدامة يتعزّز معها مبدأ مواطنة الشركات؛ من أجل أن يصبح قطاع الأعمال جزءًا من الحلول المساعدة على تحقيق الاستدامة الدائمة وفق الرؤى المستقبلية والخطط المنفذة لها.

 

سلمى بودينة.jpeg
د. ثاني بن علي آل ثاني.jpeg
حجيجة آل سعيد.jpeg
حاتم الطائي.jpeg
تكريم.jpeg
تكريم 1.jpeg
المهندس محمد بن أحمد الغريبي.jpeg
الصورة الرئيسية.jpeg
الحضور.jpeg
الصور  (9).jpeg
الحضور 2.jpeg
البروفيسور يوسف عبد الغفار.jpeg

توصيات منتدى شركاء المسؤولية الاجتماعية والاستدامة

 

 

  1.  وضع خطط عمل لضمان امتثال الشركات للأبعاد الإستراتيجية الرئيسية الخمسة للمسؤولية الاجتماعية

 

  1.  صياغة مرتكزات مهنية وهيكلية واضحة وإدارة محكمة لمشاريع التنمية الشاملة والمستدامة بالدول العربية

 

  1.  الدعوة لوضع أُطر أخلاقية مُلزمة للشركات لتنفيذ مشروعات المسؤولية الاجتماعية والاستدامة

 

  1.  اتباع النهج العلمي المؤثر عند تصميم المبادرات والمشروعات المجتمعية لترسيخ الاستدامة

 

  1.  اقتراح إطلاق مؤشر قياس العائد الاجتماعي على الاستثمار لكل قطاع

 

  1.  اتباع أساليب عمل واستراتيجيات تضمن تحسين أداء الاستثمارات الاجتماعية

 

  1.  دعوة مؤسسات القطاع الخاص إلى الانضمام إلى الاتفاق العالمي للأمم المتحدة لدعم الاستدامة

 

  1.  الدعوة لصياغة استراتيجية عالمية شاملة لمأسسة ممارسات المسؤولية الاجتماعية

 

  1.  اقتراح خطط لإطلاق مبادرات تنموية تعمل على حل المشكلات الاجتماعية

 

  1. تأكيد دور مؤشرات الأداء الاجتماعي والبيئي للشركات في جذب المزيد من الاستثمارات

تعليق عبر الفيس بوك