مشاهير السوشال ميديا.. بين الجدية والسطحية في "خريف ظفار"

 

سلطان بن ناصر القاسمي

تُعد منصات الإعلام والتواصل الاجتماعي وسيلة أساسية في تناقل المعلومات والأخبار والمحتوى الثقافي والفني إلى الجمهور، ويتمتع بقوة كبيرة في تشكيل وجهات نظر النَّاس ونمط حياتهم.

‎ومع التطور التكنولوجي، ازدادت قنوات الاتصال وتنوّعت، فمنها ما هو حكومي ومنها ما هو خاص، مرئي أو مسموع، وتعتبر تلك القنوات وسيلة لترويج صورة البلد ومُشاركة محتوى هادف، ومع ذلك، يشهد العصر الحالي ظاهرة تدخل قنوات الإعلام في تسليط الضوء على مشاهير ومواضيع الشبكات الاجتماعية بشكل مبالغ فيه؛ حيث تطرح هذه الظاهرة تساؤلات حول الفائدة الإعلامية الحقيقية من وراء تلك الممارسات؟

‎وفي ظل الثورة الرقمية وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي، أصبحت الشخصيات المشهورة على الإنترنت وسيلة جذب للانتباه، ومن هنا بدأت القنوات الإعلامية تستضيف هؤلاء المشاهير وتسلط الضوء على تصريحاتهم وآرائهم، لكن هنا يطرح التساؤل: ما هي الفائدة الحقيقية للجمهور من هذه الممارسات؟ هل هي مجرد ترفيه زائف يُلبي فضول الجمهور أم هناك هدف إعلامي أعمق؟

إنَّ ما أفرزه لنا "خريف ظفار 2023" هو انغماس القنوات الإعلامية في العديد من الحلقات والبرامج التي تستضيف مشاهير الشبكات الاجتماعية تركز على الخلافات الشخصية والصراعات البسيطة بينهم، مما يُثير التساؤل حول هل هذه الأمور تمتلك قيمة إعلامية تستحق تسليط الضوء عليها بتلك الكثافة. بدلًا من ذلك، يمكن أن تقدم القنوات الإعلامية محتوى أكثر أهمية وفائدة للجمهور من خلال تسليط الضوء على مواضيع تعزز الوعي العام وتشجع على التفكير النقدي.

ومن منظور شخصي، يمكن رؤية تلك الممارسات على أنها ربما تعكس مصالح شخصية وعلاقات ودية بين مقدمي البرامج والمشاهير، هذا الأمر قد يشوب المحتوى بالتحيُّز ويُقلل من جودته الصحفية والإعلامية، وإذا لم تكن هناك أهداف إعلامية وتثقيفية وراء تلك الممارسات، فإنها قد تسقط في فخ السطحية والترفيه الفارغ، ونقول لذلك الإعلامي المخضرم إن ما قدمته خلال موسم الخريف 2023، لا يُضيف للإعلام أو المجتمع أي قيمة، بدلًا من ذلك، يمكن أن تقدم القنوات الإعلامية محتوى أكثر أهمية وفائدة للجمهور من خلال تسليط الضوء على مواضيع تعزز الوعي العام وتشجِّع على التفكير النقدي وتظهر جهود الجهات الحكومية في إبراز طبيعة محافظة ظفار الخلّابة في فصل الخريف، والأماكن الترفيهية الجميلة التي أقامتها بلدية ظفار مشكورة.

‎كما إن تلك الأغاني الترويجية لخريف صلالة التي شاهدناها، رغم أهميتها في الترويج للسياحة العمانية، قد تفتقر إلى المحتوى الجودي والفني، وبالتالي، يجب أن تكون القنوات الإعلامية في سلطنة عمان على قدر من المسؤولية لتقديم محتوى إعلامي يعكس تاريخ وثقافة البلد بشكل لائق وجذاب.

وهنا- ولا أُعمِم- فإن من انتجها وشارك في أدائها يدل بأن هدفه فقط كسب الشهرة والمتابعات في مواقع التواصل الاجتماعي، ثم تأتي المواقع والقنوات الإعلامية لتنقلها للمشاهد على أساس أنه عمل إعلامي جيد يقدم كمادة إعلامية تقدم للجمهور.

الإعلام في خريف صلالة يجب أن يكون مُكرسًا للترويج للسياحة العمانية وإظهار جمال المحافظة وجهود القائمين على تلك الفعاليات التي أعطت جمالًا فوق جمال الطبيعة في هذا العام، وندائي موجه إلى وسائل الإعلام كافةً، بضرورة أن تواكب خططهم الإعلامية ما تقوم به الجهات المعنية في الدولة لإظهار موسم خريف ظفار وانتقاء المادة الإعلامية التي تناسب مكانة الإعلام العماني، وندائي إلى الجهة المسؤولة أن يحافظوا على القيم الجمالية والثقافية من خلال مواجهة ما يُقدمه بعض المشاهير، لا سيما فيما يتعلق بعشوائية المحتوى الذي يقدمونه.

علينا أن نُعيد الوسائل الإعلامية والتواصلية إلى مسارها الذي ينبغي أن تكون عليه، كوسيلة تواصل قوية وفعّالة بين الحكومة والمجتمع، وبين الثقافات المختلفة، ولنجعل منها وسيلة لنقل القيم والمعرفة والتوجيه لصالح تقدم المجتمع وتطوره وإظهار سلطنة عُمان بالصورة المشرفة.

تعليق عبر الفيس بوك