مبادرة وعي وصون الطبيعة

 

سالم الكثيري

في الوقت الذي كان الكثير منَّا يستمتع بجمال الخريف ورذاذه ونسماته العليلة كان المتطوعون الأفراد والفرق الأهلية ينتشرون على قمم الجبال لاقتلاع نبتة البارثينيوم خلال عامي 2020/ 2021، وهؤلاء المتطوعون هم الذين شكلوا النواة الأولى لجمعية صون الطبيعة في محافظة ظفار قيد التأسيس والتي شاركت بدورها مع الفريق المشترك لاقتلاع نبتة البارثينيوم الذي تترأسه بلدية ظفار في المواسم التالية.

وفي اليوم الذي كنَّا نحتفل فيه بالعيد الوطني الثاني والخمسين في مكاتبنا أو بيوتنا أو غيرها من الأماكن المكيفة كان الفريق ذاته يجوب السهول لمكافحة انتشار شجرة المسكيت بالتعاون مع المديرية العامة للثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه في محافظة ظفار. وبينما كان المهتمون بالبيئة يحتفلون بعيد الشجرة أو يوم البيئة أو يوم الأرض وغيرها من المناسبات البيئية كان هذا الفريق أيضًا في الشعاب والوديان لمكافحة حشرة حفار السيقان التي تهاجم شجرة التين البري (القيضيت) ومكافحة حشرة الرمة التي تهاجم شجرة الزيتون البري المعمرة (الميطان ).

وليس كل ما ذكر إلا على سبيل المثال لا الحصر .فقد أصبحت جهود الجمعية واضحة للعيان من خلال مبادرة وعي التي أطلقتها منذ خريف 2022 بمباركة من هيئة البيئة وبلدية ظفار والمديريات العامة للثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه والتنمية الاجتماعية في المحافظة ولازالت هذه المبادرة مستمرة في نسختها الثانية لهذا العام 2023، وذلك بالمشاركة في الموسم الحالي في مختلف الفعاليات المتعلقة بحماية البيئة بالتعاون مع مختلف الجهات الحكومية والأهلية والخاصة والتي كان آخرها المشاركة في فعالية (أفضل مما كان) التي دشنتها بلدية ظفار يوم 8 أغسطس الحالي بهدف توعية السائح والمقيم في المحافظة بنظافة المكان وحماية المسطحات الخضراء.

هذه الجهود المشكورة من أبناء عمان الذين بادروا من تلقاء أنفسهم بتأسيس جمعية تطوعية لصون الطبيعة من مختلف الأعمار والمناصب والتخصصات العلمية والتجارب العملية والتي باتت تحظى بالدعم الرسمي من الجهات المعنية بالبيئة والعمل التطوعي وتحظى بالدعم المجتمعي من خلال مشاركة أبناء المجتمع في الأعمال التطوعية التي تنفذها الجمعية بشكل مستقل أو بالمشاركة مع جهات أخرى جديرة بأن توضع موضع التنفيذ ولك بإشهار الجمعية رسميًا بحيث تتمكن من توسعة أعمالها بشكل منظم يضمن لها النجاح ولغايتها الاستدامة.

نتمنى أن تستثمر الجهات المعنية هذه الفرصة الذهبية المتمثلة في الوعي المجتمعي بأهمية المحافظة على البيئة وأن تعتبرها من نقاط القوة في الوعي الجمعي التي ستعمل على تعزيز مفهوم الاستدامة البيئية التي تعد أحد أهم محاور رؤية "عمان 2040"؛ حيث إن فتح المجال لأبناء المجتمع للانخراط في هذا العمل التطوعي الوطني ستكون له نتائجه الطيبة والمثمرة على المدى الطويل بلا شك، كما نتمنى ألّا تتأخر الجهات المعنية كثيرًا في قرار الإشهار وذلك قبل أن تخف الوتيرة المجتمعية المتحسمة لحماية أرضها الطيبة واستعادة ألقها وإخضرارها.

ومثلما يقول الشاعر:

إذا هبت رياحك فاغتنمها // فإن لكل عاصفة سكونًا