معرض خريف ظفار للكتاب.. من المسؤول؟

 

سعيدة بنت أحمد البرعمية

لا أعرف من المُتسبب الرئيسي في الحزن الذي رأيته على وجوه أصحاب دور النشر في معرض الكتاب؛ لكني أعرف حزن الكتب، رأيتُها تئن وتتأوه وتتضجر من مكوثها طويلاً على الأرفف، تتوق ليد قارئ يحنو إليها وآخر يحرك الصفحات سريعًا ليصل إلى ملخص الكتاب، عناوين غامضة وأخرى مثيرة، ممرات فارغة تأمل تزاحم الزوّار، لا رائحة للورق ولاروح يحرّك ساكنها، باعة مستاؤون ومن قلّة الإقبال يتذمرون.

من المسؤول؟

شعرتُ بغضب الشخصيات الكائنة في صفحات الكتبُ وكأنها تثور، الأبطال والمجرمين، الجياع والشباع، الظالمين والمظلومين، العاشقين والمعشوقين، اتحدت جميعها ثائرة محتجة والتفّت حولها كتب الفلاسفة ترفع رايات الجدل والمنطق، وعلت هتافات الكتب الأكاديمية تلتها بقية الكتب متحدة ومؤيدة للثورة الغاضبة، وخرجت جميعها من ضيق المعرض باحثة عن ساحات الشغف والفكر.

لم يكن الإقبال على معرض الكتاب هذا الموسم أفضل حالاً من سابقه، بل إنه الأقل حسب المعطيات، لا شك أننا نعاني من تدني نسبة القراء في المحافظة، وأنّ فئة كبيرة ممّن يقرأ يجذبه نوع معين من الكتب التي تتناسخ بصورة أو بأخرى؛ ولكن هذا ما لا يجب أن نعوّل عليه ولا يشفع لما حلّ بالمعرض من التهميش؛ خاصة أننا في موسم سياحي، كان من الممكن أن يكون المعرض ناجحاً، وأن يتم عمل حملة إعلامية تخبر أبناء المحافظة والمقيمين والزائرين عن وجوده، وكان من الممكن أن يقام المعرض في مكان آهل بالناس ويستقطب الزائر بشكل يومي، وأن يكون للكُتّاب والمثقفين دور بارز في إنجاحه، ولكنَّ هناك شيئًا ما حال دون ذلك، ربما هو سوء التنظيم وإخفاق من الجانب الإعلامي؛ وتقديم أولويات الترفيه على الجانب المعرفي والثقافي والفكري، واثقة من أنه لو تم عمل استبيان عن مدى معرفة الناس بالمعرض واستهدف الاستبيان المواطن والمقيم والزائر ستكون النتيجة أنّ أغلب الناس لا يعلمون عنه شيئا.

لا أعلم من المسؤول؛ لكنّي أؤمن بالنجاح في حال تضافرت الجهود، وبما أن المعرض يقام كل عام في موسم الخريف؛ فهو معرض موسمي يُفترض أن تستهدفه السياحة وتسهم بدور كبير في نجاحه، ولكن من أين للسائح الساعي للجبال والسهول والبحار والمتنزهات أن يصل لمعرض في مجمّع ثقافي بعيد عن المتنزهات والأسواق وعوامل الجذب السياحي، بالتأكيد لن يتعنَّى السائح للمعرض مهما كان اهتمامه وشغفه بالقراءة؛ كونه مرتبطًا بشكل يومي بجدول سياحي كالتنقل من ولاية إلى أخرى، لهذا يجب أن يكون المعرض في مكان يقصده السائح باستمرار، ويهتدي إليه مساء بعد جولاته النهارية، ويكون للسياحة دور في الإعلان عنه للزوار وتوجيههم إليه.

لن ينجح أيُّ عمل دون أنه يسبقه حسن تخطيط ويتبعه المزيد من التنظيم، وإنْ لم ترفع رأسك وتسعى للحصول على الامتياز كأعلى تقدير؛ فلن تحصل على مقبول كأقل تقدير، هكذا تقول قاعدة النجاح.

برأيي وبما أن المعرض يحمل اسم الموسم؛ فهو موسمي سياحي مسؤولية نجاحه أو فشله لا تقع على جهة بمفردها دون أخرى، يجب أن تتكاتف جميع الجهات، الثقافية والسياحية والإعلامية وبلدية ظفار وشركات الاتصالات وتتضافر جهودها متحدة لإبراز المعرض بحلّة مقبولة على الأقل، وتسعى جاهدة منذ عملية التخطيط أن يكون معرضا كبيرا يضم الكثير من دور النشر وأن يحصل بعد افتتاحه على إقبال الناس ورضاهم.

عادة سهل إتين آخر محطة يقصدها السائح وهو من الأساس متنفّس المدينة ونقطة تقاطع للجميع مهما اختلفت جولاتهم السياحية اليومية؛ فما المانع من إقامة المعرض في السهل، قد لا يكون هذا الرأي مستحسنا للبعض، ولكن يجب أن نفكر بعوامل الجذب المشتركة بعيدا عن التفرّد وتجنبا للفشل، أيضا لِمَ لا يتم التعاون مع شركات الاتصالات عمانتل وأوريدو وفودافون وفرندي موبايل وغيرها من الشركات لإرسال رسائل نصية للمواطنين والمقيمين والسيّاح معلنة عن بدء المعرض وتعمل على التذكير بآخر يوم للمعرض، هذه الرسائل سيكون لها أثر كبير في استقطاب الناس للمعرض بلا شك.

أتساءل: لِمَ لا يوجد تطبيق إلكتروني يُحمّل على الجوّالات ليساعد في إرشاد الزائر إلى مكان المعرض في حال كان الموقع بعيدا عن الأماكن السياحية والترفيهية كالموقع الذي يقام فيه حاليا، ويتضمن التطبيق أسماء جميع دور النشر المساهمة في المعرض وعناوين الكتب لكل دار ويتيح للزائر سهولة البحث عن الكتب.