التسويف يُفسد الفكرة

محفوظ بن راشد الشبلي

Mahfood97739677@gmail.com

لا يمكن استبعاد جزئية الخطأ عن بعض أفكارك التي تنوي تَجسيدها على الواقع لأن الفشل والصواب جزء من خطة العمل التي فكرت بها ونويت لتنفيذها، فإن جسَّدتها واقعًا ولم يعتريها فشل في أحد جوانبها، فذلك نجاح وتوفيق من اللّه أصاب فكرتك التي أبدعت فيها، ولكن ربما قد أمضيت وقتًا طويلًا في التجارب الفكرية قبل مرحلة التنفيذ الفعلية، واستغرق لديك الأمر وقتًا طويلًا حتى وُلدت فكرتك على الواقع، ورُبما فاتتك الكثير من الفرص الناجحة للبدء وأنت تُسوّف الأمر وتتردد فيه حتى وصلت لمرحلة التطبيق الفعلي وانجزت تجربك بنجاح، وعندما انتهيت أدركت أن نجاحك وصل متأخرًا وأن فُرص استثمار خِططك فاتها القطار ومضى عليها الوقت ولم تعد تصلح لأنها أتت في وقت متأخر، وقد سبقك إليها الغير ومضى في نجاحاته بتطويرها بأفكار وإبداعات حديثة تتماشى مع الواقع الحديث والمُتطور ولم تعد خِططك التي تباطأت في تنفيذها تتماشى مع الواقع الحديث، عندها فلا أنت سَعدت وفرحت بنجاحك المتأخر ولا أنت استطعت تطوير فكرتك وتحفيز ذاتك تماشيًا مع خطط العصر الحديث والمُتسارع في التجديد والتطوير.

إن أكبر معوقات تجسيد الإبداع الفكري على الواقع هو التسويف والتردد في التنفيذ والذي به تَضيع كثير من الابداعات وتتخلله كثرة الاستشارات مع أطراف مُتعددة وكلًا يسدي بفكرته ويدلي بدلوه لك والتي أغلبها لا تدفع بفكرتك نحو التنفيذ بل تَسوقك للتخاذل فيها وعدم تجسيدها على الواقع مع أخذ الاعتبار بأن كثير من الذين استشرتهم لا يكترثون بأهميتها ومدى تأثير نتائجها الإيجابية عليك وعلى مستقبلك بل ويتخذون من عامل الإحباط سلاح يَتغلبون فيه على استشارتهم لك، مع الأخذ بأن هذا ليس مبررًا لجعل عامل عدم الاستشارة أحد أهداف الفكرة بل بالعكس هو أحد عوامل نجاحها قبل وأثناء وبعد التنفيذ ولكن يجب أن لا تقف عند جزئية عدم المُضي في التنفيذ إن لم تجد تأييدهم لك كونك تُؤمن بقوة فكرتك.

إن أكبر مقومات نجاح الأفكار للتنفيذ هي الفكرة المُتقنة والاستشارة من أصحابين التجارب الناجحة والتصميم على التنفيذ والجرأة والثقة بالنفس وعدم والتردد واختيار الوقت والمكان المناسب ووجود المادة للتنفيذ، فإن اجتمعت هذه المقومات فلا داعي للتسويف الطويل ولا لكثرة الاستشارات الغير مُجدية والابتعاد عن المحبطين فإن عبّاد الفشل منتشرين حولنا وهمهم الوحيد هو عدم نجاحك وتطورك للأفضل، وإن أردت الشراكة في العمل فلا تعتمد على الكثرة بقدر اعتمادك على الجودة وأصحابين الهِمم العالية فهم عامل الوقود لنجاح كل فكرة اردت تجسيدها على الواقع.

الخلاصة.. كثير من الأفكار الإبداعية تلاشت وانتهت وماتت قبل ولادتها تحت تأثير عامل التسويف والتردد غير المنطقي، وكم من مشاريع إبداعية وخِطط ناجحة تهاوت تحت كثرة الاستشارات غير المُجدية وتحت وطأة الفئة المحبطة والمثبطة للعزائم والهِمم، وأغلب النجاحات تأتي أحيانا على شكل فُرص فإن استثمرتها نجحت فيها وإن فاتتك فستبقى في مكانك تنتظر قدوم غيرها حتى يفوتك قطار العابرين نحو النجاحات وعندها لا أنت بفكرتك ولا أنت بخِططك التي رسمتها وستبقى تجلد ذاتك الذي تعاملت معه ضد أفكارك الإبداعية وستضيع معه أحلامك الجميلة التي لو لم تُسوّفها لنجحت بها نجاحًا باهرًا أرضيت به طموحاتك وغاياتك وتطلعاتك في هذه الحياة فإياك ثم إياك في التسويف فهو أكبر عامل في ضياع الفُرص وفساد الأفكار التي سيسبقك بها وفي نوعيتها الآخرين الذين استثمروا ملكيات أفكارهم وجسّدوها على الواقع وسبقوك بها في نجاحاتهم وأنت لا زلت على قارعة التسويف والتنظير تنتظر ساعة البدء الذي أفسدت به أفكارك الإيجابية والإبداعية.

تعليق عبر الفيس بوك