قراءة في اختصاصات لجان انتخابات "الشورى"

 

د. أحمد بن محمد بن راشد الهنائي *

جاء الفصل الثاني من قانون انتخابات أعضاء مجلس الشورى الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 54/2023 ببيان تشكيل لجان الانتخابات وتحديد اختصاصاتها، حيث أبان القانون تشكيل أربع لجان، هي:

أولاً: اللجنة العليا للانتخابات.. ويترأس هذه اللجنة أحد نواب رئيس المحكمة العليا، وتضم في عضويتها قاضي محكمة عليا وقاضيي محكمة استئناف على أن يكون أحدهما من الدوائر الإدارية بهذه المحكمة، وكذا أحد مساعدي المدعي العام، واثنين من موظفي وزارة الداخلية على أن يكون أحدهما من الحاصلين على مؤهل القانون ليكون مقررا للجنة وفق القرار الذي سيصدر من وزير الداخلية بتسمية أعضاء هذه اللجنة.

وتتعدد اختصاصات اللجنة العليا للانتخابات بين الإشراف على العملية الانتخابية والرقابة على كل ما يصدر عن اللجنة الرئيسية للانتخابات وكذا عمل لجنة الانتخابات، مع الاختصاص بالفصل في أي طعون انتخابية تقدم من قبل المرشحين لعضوية مجلس الشورى.

ثانياً: اللجنة الرئيسية للانتخابات.. حدد القانون أن يتولى وكيل وزارة الداخلية رئاسة هذه اللجنة، تاركاً المجال للائحة التنفيذية التي سوف تصدر في هذا الشأن لتحديد أعضاء هذه اللجنة ونظام عملها، وتجدر الإشارة إلى أن القانون قد نص على أن تضم هذه اللجنة في عضويتها عددا من مثلي الجهات المعنية دون تسمية تلك الجهات.

وتتباين اختصاصات اللجنة الرئيسية بين إصدار القرارات والتعاميم اللازمة لسير العملية الانتخابية وبين الإشراف والمتابعة للجنة الانتخابات واعتماد الوسائل والأنظمة الإلكترونية، وصولاً إلى إقرار النتائج ورفعها إلى اللجنة العليا، في ضوء ما سوف تسفر عنه العملية الانتخابية.

ثالثاً: لجنة التظلمات الانتخابية.. أناط القانون في تولي أحد قضاة المحاكم الاستئنافية في نطاق الدوائر الإدارية لهذه المحاكم رئاسة هذه اللجنة، تاركاً المجال إلى اللائحة لتحديد عدد أعضائها ونظام عملها، على أن يتم تسمية أعضاء هذه اللجنة بموجب قرار وزير الداخلية، مع مراعاة أن يكون مقرر هذه اللجنة من بين موظفي وزارة الداخلية الحاصلين على مؤهل في القانون.

ومن نافلة القول أنَّ اختصاصات هذه اللجنة قد جاءت محصورة في البت في التظلمات على القوائم الأولية لكل من المرشحين والناخبين، ومن ثم لا يجوز لهذه اللجنة النظر أو البت في غير الاختصاص المحدد قانوناً.

رابعاً: لجنة الانتخابات.. على خلاف اللجان السابقة، لم ينص المشرع العماني على من يتولى رئاسة هذه اللجنة، تاركاً تحديد رئاستها وتسمية أعضائها إلى وزير الداخلية.

وغنيٌّ عن البيان أن هذه اللجنة تتفرع عنها عدة لجان، هي: لجنة التصويت، ولجنة التدقيق الفني، ولجنة الفرز. ويتم تشكيل هذه اللجان من قبل وكيل وزارة الداخلية -رئيس اللجنة الرئيسية- شريطة أن يكون رئيس كل لجنة من هذه اللجان من بين أعضاء لجنة الانتخاب، ويترتب على ذلك ترؤس بعض أعضاء لجنة الانتخاب للجان الفرعية المنبثقة عن هذه اللجنة.

وقد أحسن المشرع العماني صنعاً في استبدال لجنة التنظيم بلجنة التدقيق الفني -مقارنة بين القانونين الحالي والسابق- وذلك نظراً لتطور آلية إجراء العملية الانتخابية من النظام اليدوي إلى استخدام الأنظمة الإلكترونية. وعلى خلاف القانون السابق -الذي حدد اختصاصات لجنة الانتخابات- فقد أناط القانون الحالي إلى اللائحة تحديد اختصاصات هذه اللجنة، واللجان المتفرعة منها، وعدد أعضاء كل لجنة، ونظام عمل كل منها.

والبيِّن من ذلك أن المشرع العماني قد أفسح المجال أمام الجهة المختصة بتنظيم العملية الانتخابية -وزارة الداخلية- لتحديد اختصاصات هذه اللجان، وذلك بغية خلق نوع من المرونة القانونية في تقعيد النصوص الحاكمة لتسيير العملية الانتخابية، وسهولة إجراء التعديلات اللازمة في الحالات التي قد يتطلبها أو يفرضها الواقع العملي لسير تلك الانتخابات.

ولوزير الداخلية صلاحية تشكيل أي لجان -من غير المنصوص عليها في هذا القانون- في حالة تطلب الأمر ذلك، مع مراعاة تحديد اختصاصاتها ونظام عملها في قرار تشكيلها، وعدم تعارض اختصاصات أي من هذه اللجان مع اللجان المنصوص عليها في هذا القانون.

وحاصل القول أن هذا القانون جاء مُغايراً في غير قليل من النصوص الحاكمة للعملية الانتخابية، والتي تنسجم مع التوظيف التقني، وتتواكب في الوقت ذاته مع التطور المرحلي لمسيرة البرلمان العماني.

------------------------

المراجع:

1- قانون انتخابات أعضاء مجلس الشورى رقم 54/2023.

2- قانون انتخابات أعضاء مجلس الشورى رقم 58/2013.

 

* دكتوراه في القانون الدستوري والعلوم السياسية

تعليق عبر الفيس بوك