إدمان الوجبات السريعة.. ناقوس خطر يهدد سلامة أطفالنا الصحية والنفسية

الرؤية- محمد سعيد الفارسي

مع الإيقاع السريع للحياة في مختلف الجوانب وضيق الوقت لدى الكثير من الآباء والأمهات، لاقت الوجبات السريعة رواجا كبيرا بين مختلف الفئات العمرية وخصوصا الأطفال، إذ إن الشركات الغذائية والمطاعم تتسابق في جذب الزبائن والتفنن في تقديم أشكال مختلفة من الوجبات سريعة التحضير، الأمر الذي تحوّل إلى إدمان لدى الكثيرين وخصوصا الأطفال والمراهقين، وهو ما يشكل خطرا كبيرا يهدد صحتهم الجسدية والنفسية.

ويقول الدكتور حمد السناوي استشاري أول في الطب السلوكي بمستشفى جامعة السلطان قابوس، إن الوجبات السريعة عادة ما تكون دسمة وغنية بالدهون، وتؤدي إلى تحفيز الدماغ لإفراز مادة الدوبامين، فيربط المخ بين تناول هذه الوجبات والشعور بالمزاج الجيد، فيلجأ الفرد إلى تناول كميات أكبر للوصول إلى شعور النشوة والسعادة، فيزيد إدمانه حدة وسوءا، كما تحتوي بعض الأطعمة السريعة على مادة اللكازين التي تعرف  بـ"نيكوتين الوجبات السريعة" والتي توجد في البطاطس المقلية والحلويات، ويشبه مفعولها تأثير السجائر فيعتاد الشخص على تناولها.

ويوضح أنه على الرغم من أن الوجبات السريعة يعتبرها البعض من مظاهر الحياة المدنية وتتواءم مع تطورات الحياة وتوفر الوقت والجهد، إلا أن الإكثار من تناولها يسبب مضاعفات نفسية وجسدية، مشيرا إلى أن الإدمان يعرف بأنه تكرار السلوك بطريقة تخرج عن السيطرة واستمرارية تكرار الفعل حتى مع وجود أضرار صحية ونفسية، مثل الاستمرار في تناول الوجبات السريعة على الرغم من مخاطرها الصحية.

ويلفت إلى أن الدراسات الحديثة أكدت أن الإكثار من تناول الوجبات السريعة بما تحتويه من كميات كبيرة من الدهون ومكسبات الطعم، يتسبب في إحداث تغيير على كيمياء المخ فيصبح اتخاذ قرار التوقف أو الامتناع عن هذه الوجبات بنفس صعوبة التوقف عن إدمان المخدرات أو إدمان التدخين، مضيفا: "تكمن أسباب إدمان الوجبات السريعة في سهولة الحصول عليها خاصة مع وجود خدمات توصيل الطعام إلى المنزل بمجرد الضغط على زر في تطبيق الهاتف الذكي عند الشعور بالجوع، أو التوقف عند أقرب مطعم للوجبات السريعة، فيلبي طلبك وأنت داخل السيارة دون الحاجة إلى دخول المطعم، كما توجد وجبات تحتاج فقط إلى إضافة الماء الساخن لتتحول إلى وجبة لذيذة، كما أن إيقاع الحياة العصرية السريع أوجد صعوبة في تخصيص وقت للطبخ خصوصًا وأن المرأة الآن أصبحت شريكا في بيئة العمل".

ويرى المواطن الخطاب الغداني، أن إدمان الأطفال للوجبات السريعة يعد مشكلة صحية خطيرة يجب معالجتها سريعًا، إذ تشهد المجتمعات العربية اليوم زيادة في استهلاك الوجبات السريعة، مما يؤثر سلبا على صحة الأطفال لاحتوائها على مستويات عالية من الدهون المشبعة والملح والسكر، مما يسبب خطر الإصابة بالسمنة وأمراض القلب والسكري.

كما يشدد على ضرورة تنسيق الجهود بين أولياء الأمور والمدارس ومؤسسات المجتمع والحكومة لتعزيز التوعية حول التغذية الصحية السليمة وتشجيع الأطفال على تناول وجبات متوازنة ومغذية، وذلك عبر تنظيم الإعلانات والترويج للوجبات الصحية بدلاً من الوجبات السريعة، وتوفير الخيارات الصحية في المدارس والأماكن العامة تحت إشراف أخصائيين في مجال التغذية، إذ إن الأطفال يحتاجون إلى عناصر غذائية لتكوين بنيانهم بشكل سليم بعيدًا عن الوجبات السريعة التي تؤثر على هذه الجوانب.

ويعتبر المواطن أحمد البلوشي أن الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والثقافية من العوامل التي تؤثر على زيادة استهلاك الأطفال للوجبات السريعة، موضحا: "يمكن أن يكون للوجبات السريعة دور إيجابي في الحياة الحديثة ولكن يجب التأكد من تناولها بشكل معتدل وبجانب نظام غذائي متوازن، كما يجب على الأهالي تشجيع الأطفال وتقديم خيارات صحية ومغذية في المنزل".

ويبيّن أنه يمكن استغلال وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية لتقديم المعلومات حول التغذية الصحية بطريقة مشوقة للأطفال، أو أن يتم إنشاء تطبيق على أجهزة المحمول لتوعية الأطفال بفوائد الغذاء الصحة ونشر جداول غذائية صحية على مدار الأسبوع وإشراك الأطفال في اتخاذ قرارات صحية بشأن طعامهم.

تعليق عبر الفيس بوك