الصوت المطلوب

 

أحمد بن موسى البلوشي

الكل يعلم أنَّ القرن الحالي يشهد تطورات هائلة ومهمة في مجال التكنولوجيا والاتصالات، وهذه التطورات سهلت التواصل بين الشعوب وفي مختلف المجتمعات عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، وأصبحت هذه الوسائل تلعب دورًا مهما ومؤثرًا في مجالات كثيرة منها التوعية ونشر المعرفة، والاستفادة من البيانات والمعلومات، وكذلك في مجال تشكيل الرأي العام وتوجيهه، والتدخل في بعض القرارات الخاصة ببعض الوحدات الحكومية؛ وفي بعض خططها التشغيلية؛ كون هذه الوسائل تُعتبر الأسرع في إيصال المعلومات، وهي المنبر الحر والمفتوح أمام الجميع في إيصال صوتهم، وأصبحت وسيلة فعالة للوحدات الحكومية للتواصل مع المواطنين وجمع آرائهم وملاحظاتهم، وفهم احتياجاتهم ومشاكلهم.

ولكن متى تستفيد هذه الوحدات الحكومية من وسائل التواصل الاجتماعي؟

هنا مربط القضية في هذا الموضوع، كثيرًا ما نجد عتبًا وتذمرًا من الجمهور عندما تستجيب بعض الوحدات الحكومية لصوت أحد المؤثرين أو أحد المواطنين عند طرحه لتحدٍ معين يحتاج في بعض الأحيان تدخلا فوريا من هذه الجهات، وهنا نقول بأنَّ هذه الجهات تستفيد من هذه الوسائل عندما يكون الشخص الناقل للمعلومة أو الطارح للمشكلة يطرحها بطريقة صحيحة وسليمة بعيدا عن التحيز أو التنمر هدفه المصلحة العامة وليس المصلحة الشخصية؛ فالأسلوب في الطرح مهم جدًا، ونوع التحدي المطروح وملامسته للجميع كذلك في غاية الأهمية؛ لذلك نقول بأنَّ هناك الكثير من هذه الحسابات التي يطرح  أصحابها مواضيع وتحديات مختلفة، ولكن لا يتم الاستجابة لهم، والسبب في ذلك أنه لا يُمكن الاستفادة من هذه الحسابات بحكم أنَّ الأشخاص يقدمون في الكثير من الأحيان بيانات خاطئة وغير موثوقة، ويطرحون مشاكلهم بأسلوب وطريقة غير مقبولة ومقنعة.

وسائل التواصل الاجتماعي توفر بيانات مهمة للجهات الحكومية، وليس من العيب أن تستفيد هذه الجهات من بعض المعلومات أو التحديات التي يواجهها المواطنون والعمل على التغلب عليها، وهنا نتكلم عن أصحاب الحسابات المؤثرة الذين يتميزون في طريقة طرحهم للقضايا والتحديات والحلول التي يمكن للجهات اتخاذها والاستفادة منها؛ مما يساعد هذه الجهات في تحليل هذه البيانات والمعلومات وتتخذ الإجراءات المناسبة، كما أنَّ هذه الجهات تستخدم هذه المعلومات لتحسين أدائها واتخاذ قرارات أفضل وأكثر فاعلية.

ومع ذلك كله، يجب مُراعاة بعض التحديات التي قد تنشأ من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في عملية صنع القرارات الحكومية؛ مثل: صحة المعلومات وتأثير الأخبار الزائفة، وإثارة الرأي العام؛ لذلك يُمكننا القول بأنَّ وسائل التواصل الاجتماعي تعزز التواصل بين الحكومات والمواطنين وتساعد في تعزيز الديمقراطية وشفافية عملية صنع القرارات بشرط أن يتم طرح التحديات العامة والمؤثرة في المجتمع بأسلوب يساعد الجميع في اتخاذ القرار الصائب، وألا نتفاعل مع كل ما يُطرح قبل التأكد من مصداقيته، ومدى تأثيره ومنفعته للجميع.

تعليق عبر الفيس بوك