هل تتحول أحلام "الغزو الفضائي" إلى حقيقة؟!

 

محاولات مستمرة للبحث عن حياة خارج الكوكب الأخضر وبناء "المستعمرات" بعيدا عن الأرض

تعاون بين وكالات الفضاء المختلفة لاستكشاف حضارات أخرى

أمريكا تتصدر قائمة الدول المهتمة  بأبحاث الفضاء والاستكشاف

البعثات الفضائية تتنوع بين المهام البحثية والاستكشافية

استطاعت الصين الوصول إلى الجانب المظلم من القمر

الرؤية- سارة العبرية

تستمر محاولات البشرية لاستكشاف مزيد من الأسرار حول هذا الكون، وذلك في ظل التقدم العلمي الكبير الذي نشهده في الوقت الحاضر، وإرسال الرحلات الفضائية الاستكشافية بشكل مستمر بحثاً عن أماكن مشابهة لكوكب الأرض يمكن العيش فيها، أو الوصول إلى حضارات أخرى فضائية قد تكون موجودة ولم يصل إليها أحد حتى الآن.

ودائمًا ما ترسخ الأعمال الروائية والأدبية والأفلام السينمائية لفكرة "غزو الفضاء" من قبل كائنات غريبة قادمة من السماء للسيطرة على  البشر في كوكب الأرض، لتتأثر المفاهيم الشعبية بهذه الأعمال وأبرزها رواية "الحرب العالمية الثالثة" للكاتب هربرت جورج ويلز وفيلم "غزاة الفضاء" الذي أنتجه هوليوود في عام 1953، ليتطور خيال البشر حول تصور شكل هذه الكائنات وما تمتلكه من تكنولوجيا متقدمة وأسلحة متطورة.

وعلى الرغم من أنه لم يصل أحد حتى الآن لأي نتيجة تشير إلى وجود حضارات فضائية، إلا أن البحث ما يزال جاريا حتى الآن، وهو ما يزيد من التنافس بين الدول والمنظمات المهتمة باستكشاف الفضاء، إذ يتم العمل على تطوير الأدوات والتكنولوجيا المستخدمة لإرسال الرحلات الاستكشافية، ومن بين هذه الدول التي تنافس في هذا الأمر الولايات المتحدة الأمريكية من خلال وكالة ناسا التي تتمتع بتاريخ طويل في الاستكشاف الفضائي، وتعاونها مع القطاع الخاص في تطوير التكنولوجيا الفضائية، وأيضًا روسيا التي تمتلك وكالة "روسكوسموس" وتاريخها الطويل في البحث والتطوير الفضائي، كما أنها من الدول الرائدة في رحلات الفضاء المأهولة ولديها تكنولوجيا متقدمة في هذا المجال.

بالإضافة إلى ذلك، تشارك العديد من الدول الأخرى في التنافس لاكتشاف الفضاء الخارجي، مثل الصين والهند واليابان والاتحاد الأوروبي وكندا والبرازيل والإمارات العربية المتحدة وغيرها.

وتتنوع أهداف هذا التنافس بين استكشاف الكواكب والأقمار الصناعية، والتوسع في رحلات الفضاء المأهولة، والبحث عن حياة خارج الأرض، واستكشاف النظم الشمسية الأخرى، وتطوير تكنولوجيا الفضاء للاستفادة منها في مجالات مثل الاتصالات والملاحة والعلوم البيئية.

وبشكل عام، يعد التنافس في مجال استكشاف الفضاء الخارجي مفيدًا للبشرية بأكملها؛ حيث يدفع الاكتشاف العلمي والتقني إلى تقدم التكنولوجيا والابتكارات التي يمكن أن تعود بالفائدة على الحياة اليومية وفهمنا للكون وأصوله.

القمر والمريخ

تم إرسال عدة بعثات فضائية لاستكشاف سطح القمر وجمع البيانات العلمية، ويعد برنامج أبولو (Apollo) الفضائي الأمريكي الذي نفذته وكالة ناسا في فترة الستينيات والسبعينيات، مكن أشهر هذه الرحلات، إذ وصلت بعثات أبولو رقم 11 إلى 17 إلى سطح القمر؛ وهبط رواد الفضاء وأجروا مجموعة من الأبحاث العلمية وجمعوا عينات من التربة القمرية.

وأطلقت الصين مهمة "Chang'e 4" وتمكنت من الوصول إلى الجانب المظلم من القمر في عام 2019، وهي أول مرة يصل فيها جهاز فضائي إلى هذا الجانب، وتضمنت المهمة هبوط مسبار ومركبة استكشاف لإجراء أبحاث علمية.

أما بالنسبة للمريخ، فلقد شهدت البعثات الفضائية عدة محاولات لاستكشافه وفهمه، منها مركبات التجوال على المريخ (Rovers) وتم إرسال عدة مركبات تجوال إلى المريخ لاستكشاف سطحه وتحليل التربة والصخور، ومن بين المركبات المشهورة المرسلة إلى المريخ تشمل مركبة "سوجورنر" (Sojourner) التي أرسلتها وكالة ناسا في عام 1997، ومركبة "أوبورتيونيتي" (Opportunity) ومركبة "كيوريوسيتي" (Curiosity) التي أرسلتهما ناسا في عام 2004 و2012 على التوالي، أيضا مهمة "برسفيرانس" (Perseverance) في عام 2021، وقامت ناسا بإرسال المسبار برسفيرانس إلى المريخ، ويحمل المسبار مركبة تجوال تسمى "إنجنيوتي" (Ingenuity) وهو أول طائرة هليكوبتر تعمل على سطح كوكب آخر غير الأرض.

وتهدف مهمة برسفيرانس إلى جمع عينات صخور المريخ وبحث عن دلائل على وجود حياة قديمة على الكوكب الأحمر، ويهدف استكشاف هذه الكواكب إلى زيادة فهم الكون وإجراء الأبحاث العلمية المهمة لتطوير التكنولوجيا الفضائية وفهم الحياة على الأرض وإمكانية وجود حياة في أماكن أخرى في الكون.

محطة الفضاء الدولية

أنشئت محطة الفضاء الدولية التي تعرف اختصارا بـ"آي إس إس"، عام 1998 بموجب تعاون دولي بقيادة الولايات المتحدة وروسيا، وبتمويل من كندا واليابان وعدد من دول أوروبية.

وتعتبر المحطة أغلى منشأة شيدها البشر على الإطلاق؛ حيث قدرت تكلفتها بأكثر من مئة وخمسين مليار دولار، وتدور "آي إس إس" على ارتفاع يبلغ 390 كيلومترا من سطح كوكب الأرض، وهي تسير في الفضاء بسرعة 27.600 كيلومترا في الساعة، معتمدة في ذلك على حسابات معقدة لاستغلال الجاذبية، بينما يبلغ طولها 109 أمتار، ويصل عرضها إلى نحو 73 مترا وهو ما يوازي مساحة ملعب كرة قدم كبير، لذلك فإنها توفر لرواد الفضاء الكثير من الغرف المريحة لفترات الأكل والنوم.

وبدأت المحطة الدولية للفضاء في استقبال أطقم رواد الفضاء منذ مطلع القرن الحالي، وتحديدا منذ الثاني من نوفمبر من عام 2000، وتعد مختبرا للأبحاث والتجارب، وتعمل على تحسين نوعية الحياة على الأرض عن طريق زيادة المعرفة العلمية من خلال الأبحاث التي تجرى خارج كوكبنا.

وقد أطلقت لتأخذ محل ومهام المحطة الفضائية الروسية "مير"، التي جرى إطلاقها عام 1986  وظلت في الخدمة حتى عام 2001 بهدف تحضير الإنسان لتمضية أوقات طويلة في الفضاء، وإجراء التجارب خارج منطقة الجاذبية الأرضية؛ إذ خضعت لإدارة الاتحاد الروسي بين عامي 1991  و2001، بعد سقوط الاتحاد السوفييتي.

وكانت مير تُعتبر أكبر قمر صناعي أثناء فترة وجودها في مدار الأرض، وشهدت إجراء مئات التجارب حول الآثار طويلة المدى للسفر في الفضاء، وتحديد ما إذا كان بإمكان البشرية العيش في مدار الأرض بشكلٍ دائم.

وفي يونيو من عام 2014، تم إطلاق أربعة مركبات فضائية منفصلة إلى المحطة الدولية ورست هناك، بما في ذلك المركبة الفضائية بروجرس M-21M، في مهمة لإسقاط المواد الغذائية والوقود  الإمدادات وغادرت بعد ستة اشهر من مهمتها، بعدها زار تموين من بعثة محطة (Space X) الناسا في سبتمبر من نفس السنة حيث وصل طاقم جديد كامل.

مستعمرات فضائية

في السنوات الأخيرة بدأت أفكار المستعمرات الفضائية تشغل حيزا كبيرا من تفكير القائمين على المحطات الفضائية، ليتم البدء في إجراء الأبحاث الجادة في مجال الفضاء من قبل مؤسسات حكومية كبرى مثل وكالة ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية، إذ تركز هذه الأبحاث على إنشاء مستعمرات فضائية واستكشاف الفرص المتاحة في الفضاء الخارجي.

تعليق عبر الفيس بوك