الإسلاموفوبيا.. جرائم بلا عقاب

د. سالم بن عبدالله العامري

إن ما نشهده اليوم من حملة العداء والإساءة للإسلام والمسلمين ومعتقداتنا الدينية من المسيحية الغربية وحتى الهندوسية والبوذية والصهيونية ضد الإسلام والمسلمين، وخطورة تصاعد موجة هذا العداء، فيما يُعرف بـ"الإسلاموفوبيا"، والتعرض للمقدسات والرموز الدينية للمسلمين بشكل ممنهج ومسيّس، والدعوة المتكررة لتأجيج الصراع والعداء والعنف وإشعال الفتن، لهو تعدٍ صارخ وعنصرية واضحة تتعارض مع القيم والمواثيق الدولية وحقوق الإنسان والفطرة الإنسانية، وأن تعامل بعض المسؤولين ووسائل الإعلام الغربية بعنصرية من خلال تحريض المتطرفين والمرتدين والدفاع عنهم بدعوى حرية التعبير والسماح لهم بالإساءةِ إلى مقدَّسات المسلمين كالذي يجرى في الآونة الأخيرة من انتهاكات واعتداءات على المقدسات والرموز الإسلامية آخرها كان حرق نسخة من المصحف الشريف في السويد يكشف لنا عن عنصرية بغيضة وعداء ممنهج وتمييز واضح ضد المسلمين.

لا شك أنَّ تلك الإساءات المتكررة التي تحدث بين الفينة والأخرى والمتعمدة ليست وليدة اليوم أو البارحة، بل هي نتيجة لتراكم سنوات سابقة من التحريض الإعلامي المسيس القائم على الكراهية والشيطنة الممنهجة لمعاداة الإسلام وتغذية الشعبوية والعنصرية، ولا تكاد تمر الأيام أو الشهور إلا وتحمل الرياح الغربية إساءةً جديدة للإسلام من جهات مختلفة؛ فقد تعرّض النبي الكريم صلى الله عليه وسلم للسخرية من خلال الرسوم المسيئة في صحف الدانمارك والنرويج والسويد وغيرها، وقبل أيام قليلة تم حرق نسخة من المصحف الشريف في أيام عيد الأضحى المبارك في تحدٍ سافر لمشاعر المسلمين، وأن التعامل غير الإنساني تجاه المهاجرين واللاجئين العرب والمسلمين والممارسات غير الإنسانية بإذلال وإغراق السفن التي تحمل المهاجرين غير الشرعيين من عرب وأفارقة مسلمين، وقيام أفراد الشرطة والأمن بقتل شباب المسلمين في شوارع وأزقة المدن الغربية في وضح النهار بدم بارد، يؤكد بما لا يدع مجالًا للشك الحقد الدفين والبغض العميق للإسلام والمسلمين من قبل هذا اليمين المتطرف والأحزاب المتشددة وأعوانهم.

و"الاسلاموفوبيا" هو مصطلح يستخدم لوصف الخوف المفرط والتحامل والتحيز ضد الإسلام والمسلمين ويعبر عن معاداة الإسلام والتحامل العنصري والتفرقة ضد المسلمين، ويتجلى ذلك في شكل تعصب أو تمييز أو اعتداءات تجاه الأفراد المسلمين أو حتى تشويه لصورة الإسلام في وسائل الإعلام المختلفة. وقد بدأ مفهوم الإسلاموفوبيا يبرز بعد انتهاء الصراع بين الغرب والشيوعية، ثم عاد التوجه نحو الصراع من جديد بين الغرب والمسلمين، وازداد بشكل واضح مع أحداث 11 سبتمبر عام 2001 التي ضربت الولايات المتحدة الأمريكية.

وتعدُّ ظاهرة الاسلاموفوبيا من أخطر الظواهر التي تهدد السلم والأمن العالمي؛ لأنها تؤدي إلى التمييز والتعصب ضد المسلمين، وتقوض مبادئ الحرية والعدالة والمساواة، كما تتسبب في حدوث تمييز في مجالات العمل، والتعليم، والإسكان، وحتى في أعمال عنف واعتداءات على المسلمين والمقدسات الإسلامية، وتهدد التفاهم والتعايش السلمي، وتزيد من التوترات الاجتماعية، والتشهير بالإسلام وتحريف الحقائق حوله، واعتبار المسلمين وحدهم مسؤولين عن العمليات الإرهابية التي ترتكب باسم الإسلام، ورفض القوانين أو السياسات التي تحمي حقوق المسلمين.

لذلك؛ وجب التصدي لجميع أشكال الإسلاموفوبيا بحزم، والتصدي بقوة لتجنب حدوث أي ضرر للمسلمين والمجتمع بشكل عام. وعليه، فإنه بات من الضروري على الدول العربية والإسلامية والقادة السياسيون ووسائل الاعلام المختلفة وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي بمشاركة الدول الكبرى والأمم المتحدة والمنظمات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان، العمل على تعزيز التوعية والتثقيف حول سماحة الإسلام والحقائق الصحيحة حول المسلمين، والتصدي للتمييز والعنف وتشجيع التسامح والاحترام المتبادل، وتعميق الفهم ومحاربة الأفكار المغلوطة والتحامل العنصري ضد المسلمين، والدفع بتحريم وتجريم التعدي واستهداف المعتقدات والرموز الدينية للدين الإسلامي والأديان الأخرى، أسوة بتجريم وعقاب من يروجون لمعاداة السامية؛ ليكون ذلك رادعاً، يمنع تكرار التطاول والإساءة للإسلام ومعتقداتنا الدينية.

إن بيانات الشجب والتنديد والاستنكار، والتصريحات الصحفية، وحتى استدعاء السفراء ما عادت تجدي نفعاً للأسف الشديد، ولا تضع حدًّا لهذه الجرائم التي ترتكب بحق مقدسات ورموز المسلمين، لذا يجب اتخاذ خطوات عملية أكثر فاعلية لتجريم من يتطاول على مقدسات المسلمين واتخاذ عقوبات صارمة وحازمة تكون رادعاً لمن يسئ للإسلام والمسلمين، وتضع حداً للعنجهية والغطرسة الغربية واحترام مشاعر ما يقارب 2 مليار مسلم أي ما يعادل أكثر من ربع البشرية على الكرة الأرضية." يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ المتقين" (التوبة:123).

تعليق عبر الفيس بوك