من عمالقة الدبلوماسية العربية (2-2)

 

 

علي بن مسعود المعشني

 

إسماعيل الحمداني (الجزائر)

رجل دولة جزائري، تقلَّد مناصب عديدة في بلاده من سفير ومستشار إلى رئيس حكومة، كان من الفريق الفاعل لاتفاقية الجزائر 1975م بين العراق وإيران، يتمتَّع بتاريخ نضالي وطني وتاريخ شخصي ناصع البياض، تولى من جملة مهامه -بحسب علمي- رئاسة سفارتي بلاده في السويد وإسبانيا، وكانتا بمثابة منفى له من قبل بعض رفاق الأمس، وبما أنَّه يحمل الجزائر بداخله قبل كل شيء فقد في نجح ببراعته ودهائه الفطري في خلق علاقات متينة ومتميزة بين بلده وهاتين الدولتين، تُوِّجت بتوقيع اتفاقيات لشبكة اتصالات مع السويد وخط الغاز مع إسبانيا.

 

سامي دروبي (سوريا)

أديب وسياسي سوري، عمل مُدرِّسًا جامعيًّا في جامعة دمشق، وسفيرًا للجمهورية العربية السورية في العديد من الدول؛ منها: مصر وإسبانيا ويوغسلافيا، وكان مندوبًا دائمًا لسوريا في الجامعة العربية.

اشتهر بترجمته لجميع أعمال دوستويفسكي، والتي تعد الترجمات الأشهر بالنسبة له، كما له ترجمات لمؤلفين آخرين كتولستوي وبوشكين وميخائيل ليرمونتوف وغيرهم. وُلد في مدينة حمص عام 1921. عمل مدرسًا للفلسفة في حمص، ثم عميدًا لكلية التربية بجامعة دمشق، وأستاذًا للفلسفة. بعدها استلم وزارة المعارف السورية، وأصبح سفيرًا للجمهورية العربية السورية في يوغسلافيا، ومصر، وإسبانيا، ومندوبًا لسوريا في جامعة الدول العربية، توفي 1976، ومُنح جائزة لوتس في عام 1978، أي بعد رحيله (ويكيبيديا).

اشتهر سامي الدروبي بموقفه الذي أبكى الزعيم جمال عبدالناصر حين قدم له أوراق اعتماده كسفير لبلاده بالقاهرة بعد انفصال الوحدة؛ حيث قال: "إذا كان يسعدني ويشرفني أن أقف أمامكم مستشرفا معاني الرجولة والبطولة، فإنه ليحز في نفسي أن تكون وقفتي هذه كأجنبي، كأنني ما كنت في يوم مجيد من أيام الشموخ مواطنا في جمهورية أنت رئيسها، إلى أن استطاع الاستعمار متحالفا مع الرجعية أن يفصم عُرى الوحدة الرائدة في صباح كالح من خريف حزين يقال له 28 أيلول، صباح هو في تاريخ أمتنا لطخة عار ستمحى، ولكن عزائي في هذه الوقفة التي تطعن قلبي يا سيادة الرئيس والتي كان يمكن أن تشعرني بالخزي حتى الموت أنك وأنت تطل على التاريخ ترى سيرته رؤية نبي وتصنعه صنع الأبطال".

 

نبيل نجم (العراق)

وكانت أبرز محطاته سفيرًا لبلاده بالقاهرة؛ حيث السفير نجم سفيرًا فوق العادة بكل ما تحمله الكلمات من مدلول ومعنى، بل كان وبشهادة الأشقاء بمصر، أبرز سفير اعتُمِد بمصر منذ عقود، بفعل نشاطه ونفوذه وسعة علاقاته، فقد كان لنبيل نجم حضور طاغ على مستوى القمة والقاعدة في بلده وبمصر وبسلاسة كبيرة.

 

السفير الدكتور بشار الجعفري (سوريا)

يُمثل د. بشار الجعفري ظاهرة دبلوماسية عربية وعالمية لافتة، بحضوره المميز وبديهته المتقدة وصفاته الفطرية الجلية، وقد لفت أنظار العالم بحضوره الطاغي ودفاعه المستميت عن قضايا بلده وأمته، فكسب قلوب محبيه واحترام خصومه على السواء، شخصيًّا شهادتي مجروحة بهذا الرجل لأنني أعتبره أسد الدبلوماسية العربية في المحافل الدولية وأفضل من يمثل الدبلوماسية الأممية بكل أبعادها.

رسالة من سفير عربي عراقي حُر يوضح فيها سبب مساعدته لشابين سوريين:

سعادة وكيل الوزارة المحترم

تحية الأخوة والزمالة...، وبعد

إنني أدرك تماماً الوضع الذي نحن عليه مع النظام السوري، وأنا كسفير ملتزم بكل اللوائح المعمول بها، وعلى دراية بكل ما يلزمني كسفير لدولة العراق، لكنني أحب أن أذكر الزميل العزيز أنني لم ولن أنسى أنني "عربي"، فخلال فترة شغلي الرسمي كسفير لم أفعل شيئا تجاه هذين المواطنين العربيين السوريين. لكن حين تنتهي ساعات العمل الرسمية أنا أعود مواطنا عربيا أحس أن كل إنسان عربي في قلبي ووجداني، وذلك الوقت الذي قضيته في الوقوف مع هذين الشابين كان وقتي وليس وقت العمل، والمال الذي صرفته عليهما كان من جيبي وليس من جيب السفارة فأنا يا زميلي العزيز موظف عند "عروبتي" قبل أن أكون موظفا عند حكومتي، وإذا كان ما قمت به من تصرف يقلل من سمعة وشرف العراق فإنني على استعداد لتحمل كامل المسؤولية بما في ذلك استقالتي فوراً.

دُمتم ودام العراق...،

--------------------------

قبل اللقاء: الدبلوماسية الحقيقية هي المرونة وليست الهشاشة، وهي الواقعية وليست الوقوعية، وهي التشبُّه بالوطن إلى حد التطابق، والاصطفاف إلى جانبه إلى الرمق الأخير.

وبالشكر تدوم النعم...،

الأكثر قراءة