بين أبرهة الأبرش.. وسلوان موميكا وراموس

 

 

علي بن حمد بن عبدالله المسلمي

إنَّ الطغاة والملحدين الذين يظهرون بين الفينة والأخرى بدعوى العظمة وحرية التعبير والشهرة، لا شكَّ سينالهم غضب من الله ويلقون حتفهم، وتلك سُنن الخالق سبحانه المدبِّر لهذا الكون العظيم وللإنسان على مدى التاريخ عبر وعظات. ومن ذلك ما طالعتنا به الأحداث التاريخية المعروفة، كما حدث بين أبرهة الأبرش ملك الحبشة -صاحب الفيل- وعبدالمطلب بن هاشم جد النبي عليه الصلاة والسلام، عندما قاده جنون العظمة ليهدم بيت الله الحرام ليوجه بعدها الناس إلى كنيسته "القلِّيس" التي بناها في اليمن لصرف أنظار العرب عن كعبتهم، وهو العام الذي وُلِد فيه النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، ولكن هيهات هيهات أنَّ له ذلك؛ حيث أقسَم أنْ يهدم الكعبة وتوجه بجيشه إلى بكة المباركة.

وعند مدخل مكة المكرمة؛ كانتْ هُناك إبل لبنى هاشم بن عبد مناف فاستولى عليها، ثم أرسل رجلًا يدعى "حناطة الحميري" ليفاوض أهل مكة بأنه لم يأت لحربهم، وإنما جاء ليهدم البيت الحرام، وسأل عن سيد القوم فدلوه عليه فوجده، فكلمه بأمر سيده واختار سيدهم، خيار عدم الدخول في الحرب لعدم طاقتهم على قتالهم والذهاب معه للقاء الملك، فلما رآه قربه وأكرمه لما لمس منه من فطنة ومهابة ووسامة قال له ما شأنك؟ قال له أريد إبلي التي استوليت عليها، فتعجب منه كيف يطلب الإبل ولا يدافع عن البيت المعظم، فرد عليه عبد المطلب بأنه هو "رب الإبل وللبيت رب يحميه".

فعزم أبرهة على هدم الكعبة حتى أرسل الله الطير الأبابيل فقضت على جيشه: "أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ..."، وهذه القصة تقودنا إلى سلوان موميكا ومن قبله راموس قيامه بحرق القرآن الكريم تحت مرأى ومسمع الشرطة السويدية وموافقتها، دليل على عدم معرفته لنفسه وكينونته واحتقاره لذاته أمام من خلقه من نطفة، ثم من علقة، ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة، ثم لبث في بطن أمه تسعة أشهر، ثم خرج إلى الدنيا وتكفل الله برزقه وحفظه، ثم أخذته العزة بالإثم: "ثَّم أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ" فأحرق كتاب الله، المُنزَّل على عبده ليكون نوراً وهداية للبشرية جمعاء: "أَوَلَمْ يَرَ الإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ".

إنَّ أمثال هؤلاء وأعوانهم سيلقون جزاءهم عاجلاً أم آجلا؛ لأنَّ الله سبحانه وتعالى تكفل بحفظ كتابه. فالشّجب والنّدب مع هذه الفئات لا يجدي نفعاً وإن الله ناصر لدينه مهما بلغ الحال بأمة الإسلام فإن المنح تظهر من المحن فديننا دين التسامح والسلام وليس الاستسلام فالطرق والوسائل عديدة لإيقاف هؤلاء عند حدودهم، لا سيما وأنَّ هناك قوانين تجرِّم ازدراء الأديان، ويجب على أمتنا الاستفادة من هذه القوانين بالطرق السلمية لمقاضاة هؤلاء الرِّعاع حتى لا تتكرر مراراً وتكراراً حفاظاً على مشاعر أمة المليار مسلم.

وحريٌّ بالمنظمات الدولية المعنيّة بهذا الشأن أن تلتفت إلى هذه النعرات الشعبوية التي يمقتها التحضر ومقاضاة هؤلاء الأشخاص الذين يبثون الكراهية والحقد والعنصرية بين البشر رغم التقدم العلمي المذهل في عصرنا الحاضر الذي لا يتواءم مع هذه الأفكار المتطرفة والعبرة لمن يعتبر ومن اتبع هواه ظل، ولكم في القصص عبرة يا أولي الأبصار.

aha.1970@hotmail.com

تعليق عبر الفيس بوك