ميثاق التمويل العالمي الجديد

 

 

علي الرئيسي **

 

في يومي 22 و23 يونيو، عُقدت في العاصمة الفرنسية باريس، قمةٌ عالميةٌ ضمّت المئات من زعماء العالم، إضافة الى وزراء مالية، ومصرفيين، ونشطاء في مجال البيئة؛ حيث كان شعار المؤتمر "البحث عن بريتون وودز جديد"، على غرار المؤتمر الذي عقد في عام 1944 والذي تم على ضوئه تأسس النظام المالي الحالي تحت قيادة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.

كان الهدف من الاجتماع- كما أعلن عنه من قبل المنظمين- إعادة هيكلة النظام المالي العالمي؛ ليكون قادرًا لتجنب الأزمة القادمة: خطر الفقر وتغير المناخ المتشابكتين. ويعتقد الكثير من المتفائلين أن نظامًا نقديًا دوليًا  جديدًا، يقدم دعمًا ماليًا بدلًا من الديون المُدِّمرة للدول النامية التي تواجه أزمات المناخ، قد يكون في طور الإعداد. لذلك تهدف القمة إلى حشد تضامن دول الشمال مع دول الجنوب، وبالذات تلك التي تعاني من التغيرات المناخية. وفكرة القمة بالأساس أطلقتها ماي موتلي رئيسة وزراء دولة بربيدوس (وهي جزيرة صغيرة تقع في البحر الكاريبي)، وقد أعلنت عنها في مؤتمر "كوب 26" وأطلقت عليها مبادرة "بريجدتاون".

هناك أيضًا قلق، يشعر به البعض، من أن الاجتماع قد يثبت كونه قمة كبرى أخرى يعقدها زعيم يحب دوره الذي قرره لنفسه (في إشارة إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون) باعتباره بانيًا للتوافقات المتعددة الأطراف ولكن في الأخير النتائج تكون غير مرضية.

تقول سيلون دوفيت من مُنظّمة "أوكسفام" في مقابلة مع  صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية: "إن الرئيس الفرنسي لديه رغبة للمبادرات الدولية ومضت أكثر من 6 سنوات على رئاسته، وقد استنفد الكثير من الطاقة وثقة الناس". وتعتقد دوفيت أن على القمة أن "تؤدي الى وعود ملموسة بإعفاء الديون وليس مجرد شعارات". وتضيف: "عندما تكون لديك اليوم 62 بلدًا تدفع أكثر لخدمة ديونها من الصرف على الصحة، فهذا يوضح أننا نعاني من نظام فاسد وغير فعّال".

وعلى أجندة الاجتماع، مجموعة من القضايا التي  تواجهها الدول الفقيرة، من ضمنها: كيفية استخدام الأموال العامة لتعزيز الاستثمارات الخاصة على نطاق واسع للبلدان النامية، وزيادة إمكانية حصول هذه البلدان على الدعم المالي من صندوق النقد الدولي، والسماح لهذه الدول بتعليق خدمات الدين الدولية عندما تتعرض هذه الدول لكوارث طبيعية.

ويطالب العديد من النشطاء البيئيين بوقف تمويل مشاريع الوقود الأحفوري، كما طُرحت فكرة إعادة هيكلة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، الذيْن تسيطر على إدارتهما الدولُ الغربية.

وشارك في القمة أكثر من 80 دولة؛ بما فيها الاقتصادات الكبرى في العالم، وكذلك دول صغيرة تعاني من المديونية العالية، وكذلك تلك التي تعاني من التغيرات المناخية، مثل غينيا بيساو، وهايتي، وسانت فينست، وغرينادا.

وقد أعلن فريق الرئيس ماكرون أن هذا الحدث لن يُعلِن عن خطوات ملموسة ولكنه سيكون أداة للوصول إلى تفاهمات وقرارات لمؤتمرات قادمة، وبالذات في اجتماع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي الذي سيعقد في مراكش بالمغرب في أكتوبر المقبل.

والشاهد في هذا السياق أن مؤسسات المجتمع المدني المشاركة في الاجتماع دعت إلى ميثاق جديد للتمويل؛ حيث تدعو إلى إصلاح مؤسسات التمويل العالمية، كما دعت 19 مؤسسة من مؤسسات المجتمع المدني حول العالم الى تضمين شرط إعفاء ديون الجائحة من أي اتفاقيات إقراض جديدة.

** باحث في قضايا الاقتصاد والتنمية