أن تكون إيجابيًا

مدرين المكتومية

"أنتِ منبع الأفكار الإيجابية".. قالها شخص لي ذات يوم، لكنه لم يعلم حينها أنه ترك في داخلي شعورًا لا يُمكن التخلص منه، شعور يُقاس بالعمق وبالتأثير النفسي والفوري على شؤون الحياة كافة.

ما زالت حتى الآن هذه الجملة البسيطة في مفرداتها، العميقة في معانيها ودلالاتها، تشكل الجانب الأكبر من شخصيتي، فبعد سنوات من المشاعر المختلطة في مختلف مواقف الحياة، استطعت أن أتحرر من قيود التفكير السلبي، وأن أنزع عن نفسي رداء السلبية، لأنطلق على بساط الريح الإيجابية في مختلف شؤون حياتي، عملية كانت أو شخصية.. صرت أتبع أسلوب حياة أقرب إلى التمارين في صالة الألعاب الرياضية، فلا أتوقف عن الركض ورفع بعض الأوزان، مهما اعترض طريقي من إشكاليات وتحديات، لذلك أحرص كل الحرص على عدم الالتفات إلى الصغائر، أو التوقف لمجرد أن أحدهم يسعى لإفساد يومي، أو يتعمد استفزازي، ظنًا منه أنني قد أتصرف على نحو يجعل الناس تُغيّر نظرتهم لي.

كلٌ مِنَّا بحاجة لاستشعار ما حوله من جمال، سواء في الأشخاص (أصدقاء- زملاء عمل- أقارب)، أو المواقف، خاصة غير المتوقعة، لأن الخلاصة التي نخرج بها من هذه المواقف أن الحياة ليست كما نعتقد، والبشر ربما يكونون على النقيض مما نتوقع منهم. هناك من سيصدمنا يومًا ما، وآخرون سيتغيرون، وغيرهم سيرحلون، والبعض ربما يبقى، وفريق آخر قد نلتقيه للحظة ثم يغيب في دوامة الحياة ورحلتها الطويلة. غير أن ثمّة إيمان تام بأن هؤلاء البشر وهذه المواقف التي تعترضنا، ما هي إلا اختبارات لقدرتنا على التجاوز، تساعدنا على تغيير أفكارنا من السلبية الى الإيجابية، وأن كل ما يحدث من حولنا يمكن أن يصب في صالحنا إذا ما نظرنا إليه بإيجابية.

دعونا نتعلم درسًا مُهمًا في الحياة، وهو الاعتماد على الذات في تغيير أنفسنا، ولا أدل على ذلك من قوله تعالى{إِنَّ اللَّـهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَومٍ حَتّى يُغَيِّروا ما بِأَنفُسِهِم }[الرعد:11] . إذن التغيير يكون داخليًا، لا يجب أن ينتظر المرء مساعدة أحد على تغييره؛ بل أن يُبادر ويسعى ويجتهد من أجل أن يكون الإنسان الذي يريد.

ولذلك أقولها دائمًا للجميع.. عيشوا الحياة في سلام واطمئنان، ربما نخسر في مواقف لكن المؤكد أننا نكسب في أخرى.. قد نعاني الإرهاق والتعب، لكن حتمًا سنشعر بالراحة والسكنية. علينا التخلص من التفكير السلبي والسوداوي، وأن نفتح نوافذ الأمل المُغلقة في نفوسنا، أن نوقظ الحماس الكامن في داخلنا، أن نحمد الله على نعمه الكبيرة التي لا تحصى، فننعم بالرضا والقناعة.. فلنتوقف عن جلد الذات والشعور المُزمن بالذنب، وأن نُدرك أننا ما كنا لنفعل فعلًا لم يكن مُقدّرٌ لنا أن نفعله.. وأن "ليس في الإمكان أبدع مما كان"..

هكذا هي الحياة تمضي لمن يُريد أن يمضي معها، أما أولئك الذين قرروا أن يخوضوا المعارك والحروب من أجل توافه الأمور، فعليهم إعادة التفكير مليون مرة، كي يتجنبوا عواقب ذلك، وينعموا- مثلنا- بالسكنية وراحة البال!