اقتصاد "الترفيه الرقمي".. منصات البث تسعى لاستراتيجية بديلة لجذب المستخدمين وربح المليارات

تراجع أعداد المشتركين بعد انتهاء جائحة "كوفيد-19"

ألعاب الفيديو ستكون محور التنافس الجديد بين المنصات الرقمية

إيرادات صناعة ألعاب الفيديو تجاوزت 235 مليار دولار في 2022

جلال: منصات البث تسعى لتحقيق نمو أكبر عبر ألعاب الفيديو

◄ مرتضى: دخول المنصات لعالم الألعاب سيكون نقلة نوعية في هذه الصناعة

 

الرؤية- سارة العبرية

أحدثت منصات البث التلفزيوني مثل "نتفليكس" و"ديزني بلاس" ثورة في عالم الإعلام الرقمي والترفيه خلال السنوات الأخيرة، وزاد انتشارها نتيجة تأثيرات جائحة كوفيد-19؛ إذ اضطر ملايين البشر للبقاء في منازلهم والالتزام بالقيود التي فرضتها الجهات المعنية للحد من انتشار الجائحة، الأمر الذي دفع الكثيرين إلى الاعتماد بشكل كبير على هذه المنصات الترفيهية للتسلية في المنازل.

وبعد انتهاء جائحة كورونا، تراجعت أعداد المشتركين في هذه المنصات نتيجة لحالة التشبع التي شهدها السوق بسبب زيادة أعداد المنصات ومقدمي خدمات الترفيه والتسلية، وعدم قدرة محتوى هذه المنصات على جذب أعداد جديدة  من المشتركين أو تلبية تطلعاتهم لمحتوى أكثر إثارة وتشويقا.

وأظهرت نتائج أعمال خدمة "ديزني+" خلال الربع الأول من عام 2023 تراجعا في عدد المشتركين بحوالي 4 ملايين مستخدم خلال ثلاثة أشهر، لينخفض عدد المشتركين من 161.8 مليون إلى 157.8 مليون مشترك، وفي المقابل تمكنت "نتفليكس" من إضافة حوالي 1.75 مليون مستخدم خلال نفس الفترة، مما رفع عدد مشتركيها إلى 232.5 مليون مشترك،  ومع ذلك لا يزال هذا النمو في عدد مستخدمي "نتفليكس" غير كافٍ.

تقليص النفقات

تم الإعلان من قِبل المنصتين عن خطط لتقليص النفقات المتعلقة بالمحتوى وإلغاء آلاف الوظائف، بالإضافة إلى زيادة أسعار بعض الخدمات، وهذه الخطوة عكست استبعادهما لاحتمالية عودة النمو الذي حصل خلال فترة انتشار فيروس كورونا.

وعلى ما يبدو، فإنَّ سياسة رفع الأسعار وتخفيض التكاليف غير كافية لتحقيق النمو المستدام لشركات منصات البث التلفزيوني؛ لذلك على هذه المؤسسات أن تبتكر استراتيجيات تحقق النمو المستدام.

ولذلك، يبدو أن ألعاب الفيديو ستكون محور الصراع المقبل بين منصات البث؛ إذ ستنتقل هذه المنصات من مرحلة المنافسة في عالم الأفلام إلى مرحلة المنافسة في عالم الألعاب.

حجم سوق ألعاب الفيديو

ويقول عاصم جلال استشاري العلوم الإدارية وتكنولوجيا المعلومات في G&K: "تسعى منصات مثل نتفليكس وديزني+ إلى استهداف فئة جديدة من المستخدمين، وتدرك أن هناك فرصًا مالية ضائعة تتعلق بصناعة ألعاب الفيديو التي تحققت فيها إيرادات تجاوزت 235 مليار دولار أمريكي في عام 2022، وبالتالي، حتى لو استطاعت هذه المنصات الحصول على جزء صغير جدًا من هذا السوق، فإن ذلك سيؤدي إلى زيادة كبيرة في إيراداتها".

وأضاف أن جميع منصات البث الرقمي تسعى إلى تعويض الجمود المتوقع في سوق المحتوى المرئي من خلال استكشاف مجالات جديدة، مشيرا إلى أن الشركات عندما تخطط للتوسع، تحاول تحديد أين يقضي المستخدم وقته وكم ينفق من ميزانيته، وتسعى للحصول على حصة من هذا الإنفاق، كما يمكن فهم توجه منصات البث نحو عالم ألعاب الفيديو بناءً على معرفتها بوجود فئة من المستخدمين يقضون وقتهم هناك، وذلك بناءً على توقعات بأن حجم إيرادات صناعة ألعاب الفيديو المتوقع تحقيقه سيصل إلى حوالي 321 مليار دولار في عام 2026.

ويشدد جلال على ضرورة أن تكون منصات البث الرقمي ذكية بما يكفي لعدم التفكير بالأساليب التقليدية، وأن تركز على وقت الترفيه لكل مستخدم وتسعى لجذبه من خلال خدماتها الجديدة، موضحا أن هذه الفلسفة ستكون واضحة في مجالات متنوعة وليس فقط في صناعة البث الرقمي.

عنصر نجاح إضافي

ويرى ريان مرتضى المحلل في شؤون التكنولوجيا، أن السنوات الأخيرة شهد فيها قطاع صناعة المحتوى الترفيهي وخدمات البث الحي عبر منصات التلفزيون استثمارات بقيمة عشرات المليارات من الدولارات، وأن الشركات أرادت أن يكون الجميع جزءًا من هذا التحول الكبير، كما أنه مع انتشار هذه الصناعة وتوسعها لتصل إلى أعلى نقطة ممكنة في عدد المشتركين، أصبحت تلك المنصات مضطرة للبحث عن عنصر جديد للنجاح.

ويبين: "ألعاب الفيديو هي الخيار الأمثل لتلك المنصات، بناءً على عدة عوامل من بينها سهولة التحول لتقديم خدمات الألعاب والشعبية المتزايدة لهذا النوع من الترفيه وعدد اللاعبين الكبير الذين يشاركون فيها، وعندما تقرر منصة مثل ديزني+ دخول صناعة ألعاب الفيديو، فإنَّ هذا القرار سيكون سهلاً لها نسبيًا، لأنها بالأصل تقدم محتوى مرتبطًا بالفيديو وأجهزة التلفاز، وتملك القاعدة الأساسية لتوفير هذه الخدمة، ويكفي أن تعقد شراكات مع شركات إنتاج ألعاب الفيديو المعروفة، أو حتى تبتكر ألعابًا خاصة بها لتوفيرها عبر منصتها".

ويلفت مرتضى إلى أن صناعة ألعاب الفيديو تتمتع بجمهور ضخم جدًا، في الوقت الذي يصل فيه عدد اللاعبين في الصين وحدها إلى 760 مليون شخص في عام 2023، ومن المتوقع أن يتجاوز هذا الرقم المليار شخص على مستوى العالم، وبالتالي توضح هذه الأرقام حجم الإيرادات المتوقع تحقيقها، مضيفا: " بدأت نتفليكس بالفعل التحضيرات لتقديم خدمة ألعاب الفيديو عبر أجهزة التلفاز، وتبيّن لأحد مطوري البرمجيات وجود رمز مخفي داخل تطبيق نتفليكس يشير إلى وجود خدمة ألعاب الفيديو، كما تم اكتشاف رمز يسمح باستخدام الهواتف كوحدات تحكم للعب ألعاب الفيديو على التلفزيون، وخدمة ألعاب الفيديو التي يتم الحديث عنها حاليًا تختلف عن خدمة الألعاب التي قدمتها نتفليكس منذ عام 2021 على الهواتف؛ حيث تتطلب تنزيل الألعاب من متاجر التطبيقات مثل آب ستور وجوجل بلاي، وبالتالي يتم تناقش حاليًا إمكانية تنزيل الألعاب مباشرة من تطبيق نتفليكس".

ويعتقد مرتضى أن دخول منصات مثل "نتفليكس" و"ديزني+" وغيرها إلى عالم ألعاب الفيديو سيكون نقلة نوعية في هذه الصناعة التي تحقق إيرادات سنوية بالمليارات، وأن هذه المنصات ستسعى للحصول على حصتها من السوق الذي يشهد مستويات نمو قياسية.

تعليق عبر الفيس بوك