مقترح لتنمية المحافظات

خلفان الطوقي

سيظل ينتشر مصطلح "تنمية المحافظات" كثيرًا خلال الفترة الراهنة والمستقبلية، وسوف تظهر المبادرات الاستثمارية التي تتبناها الولايات، وعلينا أن نتفهم أن هناك مشاريع سوف تنجح، ومشاريع أخرى سوف تتعثر، فهذه هي طبيعة الأمور، وسوف تكون بعض المحافظات رائدة وسباقة، وبعضها أبطأ من غيره، وبعض المحافظات تتصف بالاتفاق وتحديد الخارطة الاستثمارية بسرعة وجسارة، وبعضها الآخر لا يستطيع تحديد أولوياته التنموية أو الاستثمارية، ومع بدايات لامركزية العمل في المحافظات، لا بُد من التفهم لهذه السيناريوهات الواقعية.

فبالرغم من الدعم الاستشاري المقدم من وزارة الاقتصاد للمحافظات، إلا أنه من المتوقع أن يكون هناك تباين بين إنجاز محافظة وأخرى، عليه رأيت من المناسب تقديم مقترح قد يكون غائبًا عن البعض، ويتلخص المقترح في: الاهتمام بالأسواق الشعبية التاريخية في المحافظة، فليس من الضرورة أن يكون الصرف المالي على مشاريع جديدة لمجرد القول إنه تم تنفيذ مشروع جديد، لكن العبرة تكون في الحكمة في طريقة الصرف، ومدى أثره على أهالي المناطق خاصة والمحافظة بوجه عام، علماً بأن المقترح لن يكلف إلا جزءًا يسيرًا جدًا من موازنة تنمية المحافظات، لكنه من المتوقع أن يترك أثرًا عمقيًا وطويلًا إن تم تنفيذه كما ينبغي.

المُقترح المُقدم لتطوير الأسواق المعروفة في المحافظات يُنفذ من خلال عدة إجراءات؛ أهمها: توسعة السوق مقارنة بما كان عليه في سابق عهده، أو تجديده بإضافة أركان تعظّم من القيمة المضافة ليكون أكثر قبولًا وجذبًا، كتخصيص ركن للمزادات التخصصية، أو إضافة ركن للسلع القديمة أو التراثية، أو تهيئته بتوفير مداخل ومخارج سهلة ومواقف إضافية وتسيهلات عصرية وصديقة للبيئة، أو تخصيص موزانات مالية لترويجه سياحيًا وجذب مزيد من الزوار من داخل عمان وخارجها، أو خليط من هذا وذاك حسب معطيات كل سوق، ويمكن للمجالس البلدية أن تقدم مزيدًا من المقترحات والأفكار الخلّاقة بحكم قربها من المشهد، فكل محافظة لها خصوصيتها ومزاياها النسبية.

عوائد مقترح "تطوير الأسواق الشعبية" العوائد يمكن أن تتعاظم من كل الجوانب، فمن الجانب الاقتصادي يمكنه أن يُنعش المحافظة من زوايا عديدة، كتوليد وظائف لأهالي المنطقة، ودوران السيولة المالية في محيط المحافظة، واستحداث فرص تجارية لم تكن موجودة من قبل، وتنمية المؤسسات الصغيرة من خلال الاستفادة من الحراك الاقتصادي الحاصل، وجذب مزيد من الزوار والسياح إلى هذه الأسواق، وتنامي المنافسة بين المحافظات في نشر هوية وسمعة إيجابية،  وابتكار مزيد من الفرص التجارية والاستثمارية.

وتمتد فوائد المقترح لتشمل الجانب الاجتماعي، فكما هو معروف أن هذه الأسواق النشطة ساحة للقاء والتعارف ومتنفس جاذب للأهالي، إضافة إلى ذلك فإنها تحد من هجرة الأفراد من المحافظات إلى العاصمة أو المدن الكبرى، كما إن أهالي هذه المحافظات يشتاقون لزيارتها في إجازات نهاية كل أسبوع أو الإجازات الأخرى، ويتفاخرون بمحافظاتهم، فهذا الخليط من العوائد والنجاحات الاجتماعية والاقتصادية المتوقعة المباشرة، سيجر معه تلقائيًا نجاحات أخرى طويلة المدى تؤتي بثمارها على المحافظات المختلفة في سلطنة عمان، ولنا في بعض الأسواق العمانية الشعبية دليل وبرهان، نجحت بتوسعتها وتجديدها والاهتمام بها، فيما تعثر من تعثر بعد إهمالها والابتعاد عنها.