أردوغان.. عندما تنتصر الإرادة

 

حمود بن علي الطوقي

من حق الرئيس التركي طيب رجب أردوغان أن يرفع علامة النصر بعد الفوز المستحق في جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية التركية؛ حيث قررت أغلبية الشعب التركي حسم الجولة الثانية باختيار من يراه مناسبًا لقيادة البلاد في المرحلة المقبلة.

من حق الشعب التركي أن يحتفل بهذا الانتصار، فقد اختارت الأغلبية الشخص المناسب. نقول الشعب التركي "ألف مبروك" وهنيئًا لكم هذا الرئيس المخضرم الذي أصبح أحد أهم زعماء العالم.

نقول كمراقبين ومتابعين إن تركيا اليوم في عهد أردوغان باتت رقمًا صعبًا بكل ما تعنيه الكلمة، وتحققت في تركيا بقيادة الرئيس المنتخب، إنجازات ضخمة ونهضة تنموية يُشار إليها بالبنان في مختلف المجالات وعلى مختلف الصُعُد.

تركيا اليوم في عهد أردوغان أنهت ديونها لصندوق النقد الدولي، فيما بلغت ديونها الخارجية 453 مليار دولار، لكن ذلك لم يمنعها من أن تحافظ على مكانتها ضمن أكبر 20 اقتصادا في العالم، مع عضويتها في مجموعة العشرين.

ويعود الفضل لما تحقق في تركيا من إنجازات ضخمة، إلى حزب العدالة والتنمية الذي وصل إلى السلطة عام 2002 ليبدأ مسيرة إصلاحية على مختلف المستويات. فقد كان الشعب التركي قبل حزب العدالة والتنمية يعيش أزمة خانقة سياسيًا واقتصاديًا وأمنية، وكانت الحكومة مثقلة بالديون لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي. والآن من حق المواطن التركي أن يفتخر ببلده، ومن حقنا كشعوب عربية أن نعتز بالإنجازات التي تحققت على المستويين الاقتصادي والسياسي.

تركيا تحتل الآن ترتيبًا متقدمًا ضمن أقوى اقتصاديات العالم، ودخلت مجموعة العشرين الكبار من أوسع الأبواب، وتتطلع لأن تكون ضمن العشرة الكبار مع حلول عام 2033، كما تعهد الرئيس طيب أردوغان في أكثر من مناسبة، وكانت رسالته في انتخابات عام 2023 أن يحقق الشعب التركي الحياة الكريمة. وقد أعجبني كثيرًا ما ذكره في كلمته بعد الفوز بالانتخابات؛ حيث أشاد بمقولة القاضي التركي يونس أمره لأهمية العائلة في تكوين المجتمع.

تركيا اليوم دولة جاذبة للسياحة، وحسب تقريرات منظمة السياحة العالمية فإن تركيا تستقبل نحو 40 مليون زائر سنويًا، نظرًا لتنوع مناخها وتعدد المقومات السياحية تاريخيًا وحضاريًا، فيما تطمح لزيادة هذا الرقم إلى 60 مليونً.

المُتتبع للنهضة التركية يلاحظ أن حزب العدالة والتنمية استطاع أن يكسب الرهان وخلال العشرين سنة الماضية أصدرت تركيا حزمة من التشريعات التي ساهمت في تشجيع المستثمرين الأجانب وتنمية العلاقات الاقتصادية والاستثمارية مع مختلف الدول.

وتتمتع تركيا بإطلالة على منافذ بحرية، مع ارتباطها بشبكات طرق واسعة وقربها من دول مهمة تتعاون مع تجاريًا؛ حيث زاد حجم التجارة الخارجية لتركيا من 87.6 مليار دولار عام 2002، إلى 496.7 مليار دولار في 2021، وإذا نظرنا إلى هذا الرقم الضخم نرى أهمية التجارة مع تركيا، لأنها لا تصدر نفط ولا طاقة، وإنما تصدر تكنولوجيا، وتنافس الدول الصناعية الكبرى مثل اليابان وكوريا.

تركيا تحرص على تنويع الشركاء الاقتصادية واستطاعت تحقيق توازن مع دول الاتحاد الأوروبي ومحيطها العربي والإسلامي، وتوجهت الآن إلى فتح أسواق في المناطق الآسيوية، وهو ما يعزز من زخم الاقتصاد التركي على مختلف المستويات.

يهمنا ونحن نتحدث عن فوز أردوغان القول إن علاقاتنا في سلطنة عمان مع تركيا لا بُد أن تشهد تطورات في الكثير من المجالات الاقتصادية، ويجب علينا، حكومة وقطاعًا خاصًا، أن نولي مزيدًا من الاهتمام بهذا البلد، ويحب أن يسارع المستثمرون العمانيون للاستفادة من السوق التركي الضحم، من خلال تعزيز التبادلات التجارية. ونأمل أن ينظر المستثمرون الأتراك إلى السوق العمانية نظرة إيجابية، ويعملون على تحقيق شراكات اقتصادية استراتيجية.

علينا في سلطنة عُمان أن نوجّه البوصلة نحو تركيا، ونُركِّز على تنمية العلاقات في الجوانب التي تحقق قيمة مضافة؛ كالتوجه إلى الشراكة مع تركيا في القطاعات الصناعية وإقامة المناطق الصناعية الحرة ببن البلدين.

كما إن أُطر الشراكة مع تركيا يحب أن تتسع لتضم الجوانب السياحية والتعليمية والثقافية والتكنولوجيا ومجالات الثورة الصناعية الرابعة مثل إنترنت الاشياء والذكاء الاصطناعي.