مركز دراسات المحيط الهندي

 

د. سليمان المحذوري

abualazher@gmail.com

 

على مدار ثلاثة أيام عُقدت في مدينة صور العريقة ندوة محافظة جنوب الشرقية في ذاكرة التاريخ العُماني خلال الفترة 23-25 مايو 2023، بتنظيم من هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، وبالتعاون مع مكتب المحافظ بجنوب الشرقية.

لا شكّ أنّ لهذه الندوات قيمة علمية لا تخطئها العين في بحث مختلف الجوانب التاريخية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، وتسليط الضوء على المقومات الحضارية التي تزخر بها كل مُحافظة عُمانية على امتداد رقعتها الجغرافية، فضلًا عن تنشيط السياحة الثقافية وما يتبعها من حراك اقتصادي ملحوظ.

هنا نسجل كلمة شكر لهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية على دورها الملموس والمتواصل في البحث والتنقيب عن التراث الحضاري العُماني محليًا ودوليًا من خلال سلسلة الندوات والمؤتمرات التي تنظمها داخل وخارج السلطنة من أجل الكشف عن هذا الإرث الكبير وتوثيقه وحفظه للأجيال المتعاقبة.

وعودة على موضوعات الندوة المشار إليها؛ كانت لي مشاركة بورقة بحثية حملت عنوان "النشاط التجاري في مدينة صور خلال النصف الأول من القرن 20م". ومما لفت انتباهي تكرار كلمة المحيط الهندي عدة مرات في الأيام الثلاثة للندوة ولا غرابة في ذلك البتة؛ حيث تطل ولايات المحافظة ابتداءً من صور وحتى مصيرة على ساحل طويل مواجه للمحيط الهندي.

وبالتالي كان البحر بالنسبة لعُمان ومنذ فترات زمنية مبكرة جدًا هو النافذة المطلّة على العالم الخارجي، وكانت السفن تمخر عباب البحار شرقًا وغربًا شمالًا وجنوبًا جيئة وذهابًا مع حركات الرياح الموسمية في مياه المحيط الهندي. ومن خلال التجارة البحرية نسج العُمانيون علاقات حضارية مع مختلف الشعوب التي تقطن على ضفاف هذا المحيط الهادر، وانفتحوا على الآخر بلا وجل أو خوف على مدار الحقب التاريخية المُتعاقبة.

ومن هنا؛ وفي خضمّ الصراعات الدولية، فإنّ الحاجة ماسة قبل أي وقت مضى لإنشاء مركز دراسات يُعنى بشؤون المحيط الهندي مزود بكادر عُماني مؤهل فكريًا وعلميًا مع أهمية الإلمام بلغات أجنبية أخرى إلى جانب اللغة العربية مثل الإنجليزية والهندية والسواحلية والصينية وغيرها، ويضم تخصصات سياسية وأمنية واستراتيجية واقتصادية وتاريخية وعلوم البحار ونحوها. ومن مهام هذا المركز تقديم دراسات علمية رصينة في المجالات المومأ إليها؛ وذلك من أجل بناء سياسات استشرافية، ومدّ جسور التعاون الإقليمي مع الدول المطلّة على هذا المحيط بضلعيه الشرقي والغربي، وبما ينسجم مع تطلعات سلطنة عُمان المستقبلية.