اهتمام خاص من "الوثائق والمحفوظات" بتوثيق الحقب التاريخية وإبراز الدور الحضاري لعُمان

27 ورقة عمل في افتتاح ندوة "محافظة جنوب الشرقية في ذاكرة التاريخ العُماني".. و1356 وثيقة في المعرض المُصاحب

السعدي لـ"الرؤية": "هيئة الوثائق" تبذل جهودًا جبارة للحفاظ على التاريخ العُماني وإبرازه للجميع

المعولي لـ"الرؤية": "هيئة الوثائق" تمثل "ذاكرة التاريخ".. وعُمان تملك إرثًا حضاريًا عظيمًا

رئيس "هيئة الوثائق": عُمان أروع نموذج في التسامح والاحترام على مر التاريخ

دور رائد لهيئة الوثائق والمحفوظات في التعريف بالتاريخ العُماني التليد

أوراق العمل تستعرض مفردات الحضارة التاريخية والإنسانية والسياسية والاقتصادية والثقافية لجنوب الشرقية

دور مؤثر للندوات والمؤتمرات التاريخية لإبراز الجوانب الحضارية لكل مدينة عُمانية

مدينة قلهات العاصمة الثانية لمملكة هرمز في القرن الثالث عشر

الرؤية- مدرين المكتومية

انطلقت صباح الثلاثاء ندوة "محافظة جنوب الشرقية في ذاكرة التاريخ العماني" والمعرض الوثائقي المصاحب لها الذي ضم 1356 وثيقة، وذلك بتنظيم من هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية بالتعاون مع محافظة جنوب الشرقية، تحت رعاية معالي الشيخ سباع بن حمدان بن سباع السعدي الأمين العام للأمانة العامة للاحتفالات الوطنية، وحضور سعادة الدكتور حمد بن محمد الضوياني رئيس هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، وسعادة يحيى بن بدر بن مالك المعولي محافظ جنوب الشرقية، وعدد من أصحاب السعادة والمسؤولين والباحثين والمهتمين والمختصين في المجال التاريخي والحضاري والثقافي.

وأعرب معالي الشيخ سباع السعدي عن سعادته برعاية هذه الندوة والمعرض المصاحب، مُثمنًا الجهود الجبارة التي تبذلها هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية في حفظ وصون التاريخ العماني. وقال معاليه في تصريحات خاصة لـ"الرؤية" على هامش الندوة: "ما رأيته يمثل مصدر فخر واعتزاز بما قام به الأجداد على مر العصور والحقب التاريخية، ويؤكد أن عُمان بلد التاريخ، وأن العمانيين من أقدم شعوب الأرض قاطبة.

وأشاد معاليه بجهود هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية باعتبارها "ذاكرة التاريخ العماني"، مشيرًا إلى أن أركان المعرض المصاحب تسلط الضوء على المراحل التاريخية المُشرقة لعُمان ودورها الرائد في الحضارة الإنسانية على مر العصور والأزمنة.

من جهته، قال سعادة الدكتور محافظ جنوب الشرقية إن التاريخ والتراث العماني يشكلان الذاكرة الجمعية التي يجب أن تتوارثها الأجيال وأن يتعرفوا على القيمة العظيمة لهذا التراث وهذا الإرث العظيم، مشيرًا إلى أن الحضارة العمانية تشكلت وترسخت عبر أجيال على مر آلاف السنين. وأضاف سعادته- في تصريحات خاصة لـ"الرؤية"- أن هذا الإرث تعمل هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية على توثيقه وإشراك الباحثين في دراسته وتحليله، لأنها في نهاية المطاف تمثل الذاكرة العمانية الحية، بوثائقها ومتاحفها وجامعاتها ومراكزها البحثية. وحث المعولي الباحثين الشباب على التعمق في دراسة التاريخ العماني والاهتمام بهذا الإرث العظيم، كي تظل الذاكرة التي تبقى عبر الأجيال.

وأعرب سعادة محافظ جنوب الشرقية عن شكره وتقديره لهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية على الجهد الكبير الذي تبذله في توثيق هذا الإرث، وعلى تواصلها مع المجتمع، والجهود الكبيرة من أجل البحث عن كل وثيقة تعكس الجانب السياسي والحضاري والثقافي والتراثي للحقب التاريخية التي يتصل ارتباطها إلى آلاف السنين.

وشدد المعولي على أن التاريخ العماني ليس وليد اليوم أو الأمس، وإنما هو تاريخ عريق تمتد جذوره في أعماق الحضارة الإنسانية والوجود البشري بشكل عام على الأرض؛ الأمر الذي يحملنا المسؤولية ليس فقط عن المحافظة عليه، وإنما التعريف بتراثنا بين الحضارات.

وتستعرض الندوة- على مدى 3 أيام- 27 ورقة عمل يلقيها باحثون ومختصون تتعلق بثلاثة محاور تدور عن الحضارة التاريخية والإنسانية والسياسية والاقتصادية والثقافية لمحافظة جنوب الشرقية. فيما يضم المعرض الوثائقي مجموعة من الوثائق والصور التاريخية والخرائط والمحفوظات التي تبين الوجه التاريخي العريق الذي تزخر به السلطنة عموما وولايات محافظة جنوب الشرقية خاصة. ويستمر المعرض الوثائقي حتى 27 مايو الجاري.

مبادئ راسخة

وألقى سعادة الدكتور حمد بن محمد الضوياني رئيس هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية كلمة رحب من خلالها بالحضور، وقال: "يشرفني أن أرحب بكم أجمل ترحيب وأحيكم تحية طيبة في هذا الحفل الذي تنظمه هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية والتي دأبت على التعريف بالجوانب الحضارية والتاريخية والثقافية والفكرية لسلطنة عُمان وتاريخها التليد، فعُمان عبر تاريخها العريق أسهمت في بناء فكر وثقافة وقدمت أروع الأمثلة في التسامح والاحترام، وفتحت مجالًا واسعًا من العلاقات مع دول العالم وفق مبادئ راسخة وثوابت قائمة على السلام والوئام وحُسن التعامل ونشر الطمأنينة والأمان فتحقق لعُمان ما تطمح إليه من أرساء علاقات تجارية وسياسية وثقافية واسعة امتدت شرقًا وغربًا في عمق الأراضي الآسيوية والأفريقية والأوروبية، وقد كشفت لنا الوثائق والشواهد التاريخية ما حققه الإنسان العُماني على مدار الحقب التاريخية المختلفة، فأولت الهيئة اهتمامها في توثيقه ورصده واستغلاله الاستغلال الأمثل في الدراسات والبحوث العلمية إدراكًا منها بأهمية تحقيق الأهداف المرجوة والغايات المنشودة التي ترتكز على إبراز  دورنا الحضاري والفكري وعلاقاتنا الدولية ودور المجتمع العُماني وإسهاماته في بناء التنمية المستدامة المتكاملة، وعلاقات المجتمع التي اتسمت بصفات حميدة وخصال كريمة وأفعال يُضرب بها المثل في التراحم والمودة والوحدة واللحمة الوطنية من أجل الوطن أرضًا وشعبًا".

أساطيل بحرية

وأضاف الضوياني أن عُمان ساهمت في دعم رسالة الإسلام منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم؛ إذ نبغ العمانيون في علم الفلك الذي كان له دور كبير في بناء أساطيل بحرية شقت عباب البحار واكتشفت طرقًا ومسارات بحرية ساهمت في تطور التبادل التجاري عبر القارات، وكان لهذه الحنكة البحرية دور رائد في التواصل وبث رسالة الإسلام التي أرست عليها سلطنة عُمان دعائم نهضتها وانفتاحها الخارجي مع دول العالم في مختلف مجالات الحياة وإسهامها في البناء الحضاري الإنساني لتشكل تلك الإنجازات العمانية تاريخًا حضاريًا تليدًا تحكي شواهده قصة تاريخ حافل بالبطولات والإنجازات التي امتدت إلى الأجيال الحاضرة وتستمر بعون الله إلى المستقبل.

وأكد سعادة رئيس الهيئة أن المؤتمرات والندوات تمثل أهمية خاصة في دراسة التاريخ الحضاري لسلطنة عُمان وتتبع ما حققه الإنسان العماني على مدار الحقب التاريخية المختلفة. وشدد الضوياني على أن الهيئة أولت اهتمامها كبيرًا بهذا الجانب، إدراكًا منها بتحقيق الأهداف المرجوة والغايات المنشودة التي أنشئت من أجلها ومنها استغلال الوثائق والدراسات والبحوث ومختلف المصادر الاستغلال الأمثل دراسة وبحثًا وإصدارًا، وأصبح ذلك منهجًا تعمل عليه الهيئة بأحداث سلسلة من الندوات والمعارض الوثائقية لإبراز الجوانب الحضارية والتاريخية للمحافظات والمدن العُمانية.

وقال سعادته: "نتشرف أن تعقد هذه الندوة في محافظة جنوب الشرقية للوقوف على دورها التاريخي؛ فهي حاضرة عُمانية قامت على أرضها الطيبة حضارة تمتد لقرون عديدة وأضحت موطنًا تجاريًا ومعبرًا في التواصل التجاري والثقافي والاجتماعي فكانت جنوب الشرقية بولاياتها محورًا مهمًا من محاور الاحداث العمانية وشكلت أهتمامًا في ثنايا التاريخ العماني دون انقطاع لحقب عديدة وهي اليوم تنعم كغيرها من محافظات سلطنة عُمان بنهضة مباركة في مختلف مجالات الحياة وها هم أهلها الكرام يساهمون في مسيرة البناء والتطور والنماء لسلطنة عُمان بكل كفاءة واقتدار وأدوارهم شاهدة على خلقهم الكريم".

المعرض الوثائقي

إلى ذلك، أزيح الستار عن المعرض الوثائقي "محافظة جنوب الشرقية في ذاكرة التاريخ العماني" بمجلس العفية في ولاية صور، ويحتوي على عدة أركان، وهي: ركن تاريخ التوثيق والأرشفة، وركن محافظة جنوب الشرقية في ذاكرة التاريخ العماني، والذي يحتوي على مجموعة من الوثائق في الشؤون المحلية والخارجية التي تتحدث عن تاريخ وحضارة المحافظة. ويضم المعرض أيضا ركنًا خاصًا بمحافظة جنوب الشرقية في الصحافة المحلية والذي يحتوي على أهم الأخبار والمحطات التاريخية المهمة للمحافظة، إضافة الى ركن مراسلات المواطنين، والذي يحتوي على مراسلات مواطنين محافظة جنوب الشرقية والذين بادروا في تسجيل وثائقهم لدى الهيئة، وتنوعت المواضيع في كافة المجالات (الدينية، الأدبية، الاجتماعية... إلخ)، وركن المخطوطات الذي يعرض أصول المخطوطات لمواطني محافظة جنوب الشرقية وممن وهبوا مخطوطاتهم للهيئة، وركن المحتوى الرقمي الذي يعرض مجموعة قيمة من الخرائط والوثائق والطوابع والعملات، وقاعة السينما يتم فيها عرض فلم محافظة جنوب الشرقية في ذاكرة التاريخ العماني، وركن المكتبة التي تتوفر فيها جميع إصدارات الهيئة في المعرض وعددهم 30، إضافة إلى المسابقات الثقافية لزوار المعرض لإثراء المعرفة وتحقيق الوعي المعرفي في مجال الوثائق وتاريخ وحضارة عمان.

أوراق العمل

وتضمن يوم الافتتاح عددًا من أوراق العمل والأبحاث والدراسات؛ حيث بدأت الجلسة الأولى التي أدارها الدكتور علي بن سعيد الريامي، بورقة بعنوان "محافظة جنوب الشرقية.. خصائص الموقع الجغرافي والإمكانات الاقتصادية والسياحية" والتي قدمها الدكتور سالم بن مبارك الحتروشي. تلى ذلك ورقة بحثية حملت عنوان "جوانب حضارية لمدينة قلهات في ظل حكم الهرمزيين من القرن 7-9هـ/ 13-15م" قدمتها الدكتورة فاطمة بلهواري.

وقدم  الدكتور سليمان بن سعيد الكيومي ورقة بحثية بعنوان " دينة قلهات في المراسلات الرسمية البرتغالية (1504- 1522م): دراسة وثائقية"؛ حيث قال إن مدينة قلهات ذُكرت في المصادر على أنها كانت أول عاصمة لعُمان قبل ظهور الإسلام بعدة قرون، وقد كانت محط أنظار العالم في ذلك الوقت، بسبب المميزات العديدة التي تزكي موقعها الفريد والمتميز وكمدينة مهمة وميناء متميز كانت لها ميزة الاستقطاب للرحَّالة والمستكشفين والباحثين عن المعرفة، فاشتهرت كمدينة تجارية.

فيما قدم الدكتور فيصل سيد طه حافظ، ورقة عمل بعنوان "التلامس الأوروبي الإسلامي في الرؤية الحضارية لمدينة قلهات في القرن (8هـ/ 14م) من خلال رحلتي ماركو بولو وابن بطوطة: دراسة مقارنة". وسلط حافظ الضوء على بعض المشاهدات الحضارية لمدينة قلهات العُمانية في القرن الثامن الهجري/ الرابع عشر الميلادي، واعتمدت الدراسة على رحلتين؛ الأولى: رحلة ماركو بولو الإيطالي، والثانية: ابن بطوطة، الذي زار المدينة بعد ماركو بولو بنحو خمسين سنة تقريبًا.

وقدمت مريم بنت سعيد البرطمانية ورقة بحثية بعنوان "سعيد أبو علي القلهاتي ومكانته في القصر الصيني". وهدف البحث إلى تسليط الضوء على التاجر سعيد أبو علي القلهاتي وموقعه في الكتابات التاريخية الصينية، ولكونه من أصول قلهاتية، وتسلط الضوء على دور هذه الشخصية العُمانية الصينية في بناء العلاقات الصينية العُمانية خلال القرن السادس الهجري.

أما الدكتور أحمد بن حميد التوبي فقدم ورقة بحثية بعنوان "رأس الحد وطيوي في المصادر البرتغالية المترجمة (1507- 1650م)"، ركز فيها على الوجود البرتغالي على الساحل العُماني في الفترة من 1507م وحتى 1650م.

وقدم الدكتور عادل بن راشد المطاعني ورقة بعنوان "جعلان بني بو حسن ومكانتها التاريخية (1601م- 1901م)"، وقال إن ولاية جعلان بني بو حسن تعد من الولايات العريقة بإنجازاتها الحضارية المتعددة وموروثها التاريخي.

 

تعليق عبر الفيس بوك