قانون التعليم المدرسي.. وحقوق الطلبة

د. سالم عبدالله العامري

تقوم فلسفة التعليم في سلطنة عُمان على مجموعة المبادئ والأهداف التي تجمع بين الأصالة والمعاصرة، وتعد موجها لبناء عناصر المنظومة التعليمية كافة وتطويرها. وتلتزم وزارة التربية والتعليم بتحقيق الغاية الكبرى للتعليم المدرسي، وهي تحقيق النمو الشامل والمتكامل لشخصية المتعلم في جوانبها العقلية والعاطفية والروحية والجسدية.

ومع صدور المرسوم السلطاني رقم 31/ 2023 الخاص بقانون التعليم المدرسي الذي صدر في 18 من مايو الجاري لسنة 2023، تضمّن القانون 10 أبواب تحتوي على (97) مادة، تضمّن الباب الخامس منه المتعلق بالطلبة في الفصل الثاني على حقوق الطلبة وذلك في (5) مواد كاملة ما يدل على توجه الحكومة ممثلة بوزارة التربية والتعليم على تنمية مختلف جوانب شخصية المتعلم تنمية شاملة متكاملة.

تشير المادة رقم (24) من القانون ذاته على أن التعليم الأساسي إلزامي لجميع الأطفال الذين يبلغون سن السادسة، توفره الدولة، ويلتزم به ولي أمر الطالب، ويجوز النزول بسن القبول وفقا للقواعد التي تبينها اللائحة، دون الإخلال بالكثافة المقررة للصفوف. وهو ما يتوافق مع الحقوق التعليمية الواردة في قانون الطفل والتي تنص على أن للطفل الحق في التعليم المجاني في المدارس الحكومية حتى إتمام مرحلة التعليم ما بعد الأساسي، ويكون تعليم الطفل إلزاميا حتى إتمام مرحلة التعليم الأساسي، ويقع على ولي الأمر مسؤولية تسجيل الطفل، وانتظامه في المدرسة، والحيلولة دون تسربه منها.

وبالرجوع إلى المواد الخمس المتعلقة بحقوق الطلبة في قانون التعليم المدرسي؛ فقد نصت المادة (42) بأن للطلبة حقوقًا متساوية في تلقي الخدمة التعليمية، ولا يجوز التمييز بينهم بسبب الجنس، أو الأصل، أو اللون، أو اللغة، أو الدين، أو المذهب، أو الموطن، أو المركز الاجتماعي، أو لأي سبب آخر. وهو ما يتوافق مع قانون الطفل الذي يكفل للطفل الحق في عدم التمييز بسبب اللون، أو الجنس، أو الأصل، أو اللغة، أو الدين، أو المركز الاجتماعي، أو غير ذلك من الأسباب. وفي السياق نفسه، اشارت المادة (43) من القانون نفسه على أن للطلبة الحق في الحصول على تعليم ذي جودة عالية، يضمن استيفاء الطلبة للمعايير الوطنية والدولية، وتبين اللائحة الوسائل الكفيلة بالوصول إلى جودة التعليم المطلوبة.

وفي نفس الإطار، نصت المادة (44) على أن تعمل الوزارة- وفقا للضوابط التي تبينها اللائحة- على ضمان حقوق الطالب الآتية: التعلم في بيئة مدرسية آمنة وجاذبة، واكتساب المعارف والمهارات والكفايات المحددة في كل مرحلة من المراحل التعليمية، والاستفادة من الأنشطة والبرامج المتنوعة ومصادر التعلم في المدرسة، والحصول على الرعاية الصحية المناسبة، والحصول على خدمة النقل المدرسي الآمن من مقر الإقامة إلى المدرسة، وبالعكس. والمشاركة في تشكيل المجالس الطلابية، وذلك في القضايا والموضوعات التي تهمهم، وفتح قنوات التواصل مع المدرسة من خلال صناديق الاقتراحات، والوسائل التقنية كالبريد الإلكتروني والمنصات التعليمية، والحوار المباشر، والإذاعة المدرسية والاستبانات وغيرها من وسائل التواصل وفقا للضوابط التي تبينها اللائحة.

وفي سياق مشابه، نصت المادة (45) على أن تعمل الوزارة على توفير الخدمات اللازمة لتعزيز الصحة النفسية، والبدنية، والاجتماعية، وخدمات التوجيه، والإرشاد المهني للطلبة. وعلى صعيد مراعاة ظروف الطالب واحتياجاته النفسية والجسدية فقد أشارت المادة (46) على جواز سماح الوزارة بالدراسة المنزلية أو التعلم عن بعد للطلبة الذين تقتضي ظروفهم عدم الانتظام في الدراسة، على النحو الذي تبينه اللائحة. في خطوة إنسانية تمكن المتعلمين من الاستمرار في التعليم وفقًا لقدراتهم وظروفهم لمواجهة تحديات وظروف الحاضر وتطلعات المستقبل، في إطار التنمية المجتمعية الشاملة.

وفي ظل التحديات التي تواجه النظام التعليمي الحالي، يأمل المربون من كافة شرائح المجتمع أن تأتي اللوائح والقرارات الملحقة للقانون والتي ستصدر لاحقًا بقرار من وزير التربية والتعليم ملبيةً لطموحاتهم وآمالهم، وتعالج المشكلات، وتسد الفجوات التي تعاني منها المنظومة التعليمية في ظل المستجدات الحالية والتغيرات السريعة والثورة المعرفية والتكنولوجية التي يشهدها العالم.

ولضمان توفير بيئة آمنة وسليمة للطلبة تضمن حقوقهم ينبغي العمل على تبسيط أو تأطير نظام الدراسة في المدارس في مراحلها ومساراتها المختلفة، من حيث مدة كل مرحلة، والخطة الدراسية، وشؤون الطلبة، وأنظمة التقويم، والمناهج الدراسية دون الاخلال بزمن التعلم المطلوبة فعليًا، وبما يتوافق مع تحقيق الصحة النفسية، والبدنية، والاجتماعية للطلبة، كما ينبغي تعزيز الجوانب الإدارية والمالية للمدارس بدءًا من مرافق المبنى المدرسي، وسائل نقل الطلبة، والتغذية المدرسية، الأنشطة والفعاليات، وانتهاءً بتعزيز الشراكة المجتمعية مع المجتمع المحلي بما يضمن تطوير العملية التعليمية، من أجل توفير بيئة وفرص تعليمية محفزة تنمي شخصية المتعلم في جميع جوانبها العقلية والعاطفية والروحية والجسدية.

لا شك أن الطلبة يتمتعون بمزايا وحقوق مناسبة في تلقي الخدمة التعليمية في معظم مدارسنا إلا أن المأمول والطموح ينبغي أن يكون نحو الافضل، وأن نكون في مصاف الدول المتقدمة في العملية التعليمية وتحقيق الأداء المستهدف في مؤشر تنمية التعليم للجميع في رؤية "عمان 2040"، كما تعمل الوزارة جاهدة على توفير ما يلزم من خدمات تعليمية في أي زمان ومكان على تراب هذا الوطن، الأمر الذي يجعلنا كمجتمع محلي أمام مسؤولية كبيرة يتحتم علينا أن نبذل جهود كبيرة من أجل التعاون مع مؤسسات التعليم الحكومية والخاصة لضمان حفظ حقوق أبنائنا الطلبة وذلك من خلال الالتزام بالأنظمة واللوائح المنظمة للعمل المدرسي وخاصة المتعلقة بشؤون الطلبة من حيث انتظامهم ومتابعة مدى تقدمهم في مقاعد الدراسة وضمان عدم انقطاعهم، وتسجيل الطلبة المستجدين في فترة التسجيل المحددة من الوزارة، وتقديم الدعم والمساندة، وتوظيف مجتمعات التعلم المهنية بما يستوجب بناء نظام تعليمي محفز تتضافر فيه الجهود بين الأطراف المختلفة في نشر الوعي حول دور الأفراد والمجتمع في دفع العملية التعليمية التعلمية والنهوض بها.

تعليق عبر الفيس بوك