ليتنا نمتلك حرية الفراشة!

 

لينا الموسوي

 

كلمات تختلف في ذهن كل من يفكر بها. إنها فراشة حرة رقيقة جميلة ألوانها مختلفة أشكالها، ساعية في دورها الذي منحه الخالق لها، منظمة أوقاتها، مدروسة أعمالها، قوية إرادتها رقيقة أجنحتها، تسعد وتلامس قلب كل من يترقبها أو ينظر إليها فتخبرنا عن حقيقة حريتها.

إنها خلقت من ضمن مخلوقات كثيرة متنوعة حركاتها في نظام كوني معين، منحها الله شكلا وقواما مميزا لتقوم بدورها الذي خلقها الله من أجله متنقلة بحرية بين الوديان والجبال باحثة عن أزهار جميلة متحدية رياحاً ومخاطر كثيرة، فراشة حرة تمثل المعنى الحقيقي للازدهار والحرية؛ فالحرية باعتقادي أصدقائي هي أجمل ما زود الله به مخلوقاته ومنهم البشر الذين أكرمهم بها إضافة إلى العقل والفكر ليبنوا ويسعوا ويعمروا الأرض. هي حرية تنبع في الحقيقة من دواخلهم متغذية بدينهم ومجتمعهم وبيئتهم المحيطة بهم، تتحرر بالإيمان واليقين، والعلم والاطلاع، فتتوسع الآفاق وتنطلق الأرواح . قائمة على أسس كونية منظمة خلقها الله لمخلوقاته وما على البشر إلا أن يحررها بالأفكار النيرة التي تخدم حياته.

حرية الفكر والروح تنمو وتكبر وتتغذى بالتفكر والانفتاح الفكري لكل ما هو محيط به، والاستمتاع بما خلق الله لخدمته ومساعدته على الاستمرار لتطوير الذات وتحقيق الأهداف.

الحرية الذاتية تكسر القيود الداخلية التي يضعها البشر على نفسه فتحبس مواهبه وإبداعاته، وتقتل روحه فتزيد من مخاوفه لتصعب عيشه وتشوه فكره وتعرقل مسيرة حياته لتنعكس بدورها على محيطه وتطور مجتمعه . هذه القيود تعاكس ما أعطاه الخالق من نعمة فتغطي بصره وتجعله يجهل ولا يرى جمال الأشياء المحيطة من حوله،حيث مهما تنوعت المجتمعات واختلفت الأديان والعادات تبقى طبيعة البشر واحدة، أرواح حرة تسعى إلى البقاء والاستمرار كما خلقت، لذلك يجب علينا دائما أن نفكر كيف تتحرر أفكارنا من الشوائب التي قد تعيق مسيرة تقدمنا.

باعتقادي أن العلم والقراءة وتبادل العلاقات الإنسانية والانفتاح الفكري لتقبل علوم وأفكار المجتمعات ممكن أن تكون أحد المقومات التي تساعد على التحرر الذاتي الذي يشحن البشر بطاقات جميلة تساعده على العمل والبناء.

المجتمعات متنوعة ولكل منها أسلوب حياته وتفكيره فلا نستطيع في كل مجتمع نعيش فيه أن نربط أرواحنا بمفاهيمه أو نغير أسلوب حياتنا حسب متطلباته ولكن يتم ذلك بالانفتاح لتفهم معتقداته ومكوناته والاستفادة من إيجابيته ومحاولة تفهم سلبياته فيعطينا مساحة من الخبرة والحرية قدما نحو الأهداف المرجوة.

أودُ هنا كمهندسة معمارية التحدث عن حرية الإبداع التي تتجسد في مجالات كثيرة ومنها الفنون والهندسة المعمارية وغيرها من الجوانب الأخرى، هذه الحرية التي تنعكس وتتبلور وتظهر على شكل أبنية معمارية ذات فكر وشكل ووظيفة إبداعية حيث تعتمد في أساس تكوين أفكارها على طبيعة وروح وفكر وشخصية المبدع والتي تعتمد بالحقيقة على نشأته التي نشأ عليها، وثقافاته وإطلاعه إضافة إلى ما تزود به من أسس وأنظمة علمية في مجتمعه لتتبلور فتظهر على شكل إبداعات فنية أو معمارية، فالحرية الذاتية للمعماري تطلق العنان لأفكاره ليتخيل ويبدع ويظهر أجمل معالم الفنون وغيرها في أعماله فتبقى آثارها تتوارث عبر الأجيال لتحكي قصص هذه الإبداعات الفكرية والتصميمية وهناك أمثلة كثيرة لمعماريين أطلقوا العنان لأفكارهم وأبدعوا في إنتاجهم.

إن أجمل ما يملك الإنسان هو الحرية الذاتية الروحية حرية الفراشة التي بها ينطلق ويرتفع ويرتقي ليكون جميلا كالفراشة؛ فلنُحرر أرواحنا تدريجيا من شوائب ترسبات الحياة ونعمل جاهدين للوصول إلى ألوان وجمال وحرية الفراشة.

تعليق عبر الفيس بوك