عُمان تزخر بالعديد من المواهب وأصحاب الإبداعات

ثروة الشباب.. كنوز ثمينة بحاجة إلى الكشف عنها

 

◄ نشاط ملحوظ لـ"مركز الشباب" في تطوير المهارات وبناء القدرات الشبابية

◄ مطالب بزيادة المخصصات المالية لاكتشاف المواهب الواعدة في الولايات

◄ دور أكبر للمحافظات في ظل اللامركزية لتحفيز الطاقات وبث الأمل بنفوس الشباب

◄على الشباب المبادرة لصقل مواهبهم وإطلاق العنان لإبداعاتهم

◄ دور رائد لوزارة الثقافة والرياضة والشباب في إنشاء "اللجان الشبابية" بالمحافظات

 

 

الرؤية- ريم الحامدية

 

الشباب ثروة وطنية لا تنفد؛إذ تسعى مختلف المؤسسات لتوظيف هذه الطاقات عبر حزم من البرامج والدورات التي تساعدهم على إطلاق العنان لإبداعاتهم، من أجل توجيهها على النحو الأمثل بما يخدم المجتمع.. وفي عُمان تتزايد أعداد الشباب الموهوبين، بفضل ما توفره الحكومة ومؤسسات الدولة العامة والخاصة من برامج نوعية تُساعد على اكتشاف المواهب والطاقات، غير أن ثمة مواهب أخرى لا تجد الدعم اللازم، لا سيما الشباب في المناطق البعيدة.

ويمثل مركز الشباب الذي يحظى برعاية كريمة من صاحب السمو السيد ذي يزن بن هيثم بن طارق وزير الثقافة والرياضة والشباب، الكيان الأكبر والأضخم الحاضن للمواهب الشبابية، ويترجم التوجيهات السامية بضرورة الاهتمام بالشباب وتنمية مهاراتهم وصقل مواهبهم. إذ نظم المركز عدة برامج من أجل تعزيز المهارات ومن بينها برنامج "أصول" الذي استهدف 300 شاب وشابة من محافظة شمال الباطنة وتضمن أنشطة تفاعلية وحلقات عمل، بالإضافة إلى برنامج "جرب مهارة" الذي يهدف إلى تنمية المواهب والمهارات، وبرنامج "إشارة" الذي يستهدف الأشخاص ذوي الإعاقة وأولياء أمورهم، وبرنامج "كن رياديا" الذي يحثهم على الانخراط في ريادة الأعمال، وبرنامج "مسارات" الذي أقيم في محافظة البريمي ويعد ملتقى شبابيا يجمع الطاقات الشبابية، وبرنامج "خطوة" الذي استمر مدة 90 يومًا في محافظة ظفار ويقدم مهارات في التسويق الرقمي وذلك عبر مؤسسة مبادرون الشبابية، كما أقام المركز "مختبرات أهداف التنمية المستدامة" من أجل بناء مجتمع شبابي قادر على الإسهام في تنمية البلاد.

 

ومن بين الأمثلة على وسائل الاهتمام بالمواهب الشبابية، تنظيم معرض الشركات الطلابية الذي يعد أكبر معرض شبابي للشركات الطلابية بمؤسسات التعليم العالي والمدارس، بهدف اكتشاف الميول المهنية للطلاب ومساعدتهم على تأسيس شركات ريادية وإدارتها، بالإضافة إلى الخبرة التي يكتسبها المشاركون من خلال الاطلاع على المشاريع المعروضة واكتساب مهارات الاتصال والتواصل والتخطيط والتنظيم والتسويق وغيرها من المهارات.

تدريب وتأهيل

ويُؤكد عددٌ من المواطنين أنه على المؤسسات زيادة المخصصات اللازمة لتقديم التدريب والتأهيل للشباب المُبدع، خاصة في المجالات التي لا تعتمد على الدراسة، بقدر اعتمادها على الموهبة الفطرية، مثل الفنون والكتابة والتأليف وغيرها.

ويقول أنور الغريبي- مراسل صحفي في البريمي- إن المدارس هي مركز اكتشاف المواهب الأول، لأنها تولي اهتماما كبيرا بهذا الجانب من خلال اكتشاف مواهب الطلبة في فصول الدراسة، ثم الدفع بها للمشاركة في مختلف الفعاليات والأنشطة في بيئة المدرسة خصوصا والمجتمع المحلي عموما، كما أن الواقع أثبت أنَّ المواهب الطلابية تعدت ذلك بالوصول إلى فضاءات أرحب من خلال مشاركاتها العديدة خارج حدود سلطنة عمان.

ويضيف أن اللجنة الشبابية بمحافظة البريمي معنية باحتضان مواهب الشباب تحت مظلة وزارة الثقافة والرياضة والشباب، إضافة إلى مبادرة "فرصة" المنبثقة من اللجنة نفسها، وهي تؤدي دورها من خلال تنظيم أنشطة متنوعة ساهمت في صقل مواهب الشباب وتنميتها، بالإضافة إلى مركز الشباب الذي يواصل تنفيذ العديد من البرامج والورش والدورات التدريبية المتخصصة، إضافة إلى إدارة الثقافة والرياضة والشباب التي تعد هي الأخرى حاضنة للكثير من المواهب، وتواصل تقديم برامجها المتنوعة عبر خطة زمنية ممتدة طوال العام.

مواهب متعددة

وعن أبرز البرامج التي أقيمت في المحافظة، يشير الغريبي إلى أن ملتقى "فرصة" شاركت مواهب عديدة في الشعر والتصميم والتمثيل والإخراج والتصوير وغيرها، وبرنامج "إبداعات ثقافية" الذي تنظمه وزارة الثقافة والرياضة والشباب إضافة البرامج المتنوعة التي تقدم من قبل مركز الشباب، كما أنه في شهر رمضان نظم مكتب محافظ البريمي الملتقى الرمضاني بمشاركة العديد من الشباب المتميزين في العديد من الرياضات والذي استمر لمدة 16 يومًا، مؤكدا أن دور المحافظات في تنمية المواهب الشبابية يبدأ من خلال حصر هذه الفئة في المرحلة الأولى، لتأتي مرحلة تنظيم البرامج المتنوعة وتعزيز الشراكة بين المؤسسات المختلفة ذات العلاقة في هذا الجانب من أجل توحيد الجهود للارتقاء بهذه الفئة.

من جهته، يرى حمد بن حمود الغلابي من محافظة الداخلية، أن اكتشاف المواهب يأتي من خلال إتاحة الفرص للشباب عن طريق المشاركة في المعارض والمسابقات المحلية والدولية، وكذلك إقامة الهاكثونات المتخصصة بالابتكار والمواهب المختلفة، بالإضافة إلى وجود مراكز شبابية توفر البيئة والمناخ المناسب، بحيث تتيح الفرصة لإبراز مهارة معينة وموهبة مختلفة، بالإضافة إلى اكتشاف المواهب في الجامعات من خلال المشاركة في الأنشطة الطلابية، إلى جانب دور الأندية والفرق الأهلية والمؤسسات الشبابية في اكتشاف تلك المهارات والمواهب التي عادة ما تزخز بها مجتمعاتنا.

اللجان الشبابية

ويوضح الغلابي أن اللجان الشبابية والمراكز الصيفية والفرق الأهلية تقوم بدور ملموس في تأهيل وتدريب وتطوير مواهب الشباب في المحافظات، إلا أنها تفتقر إلى الدعم المادي واللوجستي؛ بحيث تتم بصورة متكاملة ووفق معايير واضحة، مطالبا بإعادة حوكمة هذه اللجان والمراكز لتقوم بدورها بشكل صحيح وأفضل.

وعن أبرز البرامج التي أقيمت في محافظة الداخلية، يقول: "مسابقة الأندية للإبداع الثقافي تعد من أبرز المسابقات الشبابية التي تقام بشكل سنوي في جميع الولايات، ومن ثم تنتقل فيها المنافسة على مستوى المحافظة ومن ثم على مستوى السلطنة، كما يقوم مركز الشباب بتنفيذ بعض الدورات التدريبية والمتنوعة لصقل مهارات الشباب وتنمية مواهبهم، بالإضافة إلى تنفيذ المديرية العامة للتربية والتعليم بمحافظة الداخلية برنامج "ثروة" بمشاركة 226 من طلبة مدارس المحافظة للكشف عن الطلبة الموهوبين، وتأتي أبرز المواهب في مجالات القصة القصيرة والرسم والإنشاد الشعر العربي والفصيح والتصوير الضوئي وصناعة الأفلام والمسرح".

ويلفت إلى أنَّ المحافظة تقوم بدور بارز من خلال التعرف على الموهوبين وإعدادهم وإمدادهم بالخبرات والتجارب وأوجه النشاط المختلفة، كما أنها تقوم بإعداد برامج خاصة للموهوبين لمساعدتهم في تنمية مواهبهم ومهاراتهم الاجتماعية، الأمر الذي يُتِيح الفرصة لتقدير مواهب هؤلاء الشباب والعمل على الارتقاء بها وتطويرها، مبيناً: "إنشاء المكتبات والمراكز الثقافية له عامل كبير في زيادة أعداد الموهوبين، حيث يتم توفير الكتب والدوريات والمجلات التي تثري ثقافة الأسرة في كل المجالات عامة، وفيما يتصل باهتمامات الأطفال على وجه الخصوص، وتعتبر هذه الوسائل ضرورية لتحفيز النشاط العقلي ونمو قدرات الطفل العقلية العامة والابتكارية، كما يتم توفير هذه الوسائل من خلال السلطات الثقافية والإعلامية الموجودة في المجتمع".

اكتشاف المواهب

ويعتبر عبدالحميد الفطيسي الرئيس التنفيذي لـ"مؤسسة شباب"، أن هناك العديد من الوسائل التي تساهم في اكتشاف المواهب، ويقتصر بعض منها على الجانب الشخصي مثل كسر الروتين والتخلص من الخوف من خوض التجربة، وتجربة الكثير من الأنشطة لكي يكتشف الإنسان نفسه، موضحا: "بالنسبة لوسائل اكتشاف المواهب على مستوى الدولة فهناك أمثلة تستخدمها سلطنة عمان مثل إتاحة الفرصة للشباب العماني للمشاركة في المسابقات والملتقيات والندوات التي تتسم بتنوع في مواضيعها، والتي من شأنها إحداث نمو فكري ويساعد في اكتشاف ما يتميز به كل شخص من المشاركين، لأن ظهور الموهبة يسبقها اكتشاف الإنسان لنفسه أولا ثم المشاركة في تجارب متعددة، فمثلا توجد مسابقة صاحب السمو السيد بلعرب بن هيثم للتصميم المعماري، وكذلك مسابقة إنجاز عمان "شركتي" وأيضا هناك مجمع ابتكار مسقط الذي يعنى بتوفير مساحة للشباب الطامح لكي يستطيع المضي في تنفيذ أفكاره على أرض الواقع، وهناك الكثير الكثير من الأمثلة في السلطنة التي لها الأثر البالغ في إتاحة الفرصة لدى الشباب".

نقلة نوعية

ويذكر الفطيسي أنه بالنسبة لمراكز التأهيل والتدريب في محافظة شمال الباطنة، فهناك مركز لوى للعلوم والابتكار، والمديرية العامة للثقافة والرياضة والشباب، واللجان الشبابية بالولايات التابعة للأندية الرياضية، مؤكدا أن كل هذه الجهات المعنية تقوم بدور كبير في تدريب وتأهيل الشباب بمختلف المجالات، آملا أن يتم تفعيل هذه المراكز بشكل أكبر ليكون لها أثر قوي في تطوير مواهب الشباب.

واستشهد بدور مركز لوى للابتكار الذي من خلاله يمكن إحداث نقلة نوعية في المحافظة في مجال الابتكار، مضيفا: "لكن بحكم عدم التفعيل القوي له، يكاد ينسى تواجد هذا المركز والصرح المتميز في محافظة شمال الباطنة، كذلك نحتاج إلى تواجد أصحاب الخبرات في هذه المؤسسات والمراكز واللجان، لأن ذلك سيزيد من وتيرة العمل ويجود المخرجات لدى هذه المؤسسات والمراكز وغيرها من الجهات المعنية بتدريب وتأهيل الشباب".

وعن أبرز البرامج التي أقيمت في شمال الباطنة، يقول: "هناك العديد من البرامج التي أقيمت وكان لها الدور الفعال في إبراز مواهب أبناء المجتمع، مثل إقامة فعاليات "سِراج" التي أظهرت العديد من مواهب الشباب في مجالات عدة، منها الشعر والخطابة، كما أنه يتم التركيز حاليا على المجال الرياضي الذي يتمي بوجود الكثير من المواهب في هذا المجال، كما أنه من أبرز الفعاليات التي أقيمت تنظيم مهرجان الباطنة السينمائي الدولي الذي أقامته الجمعية العُمانية للسينما والمسرح، وهناك تطور لافت في شمال الباطنة لإبراز المواهب التمثيلية والسينمائية، وكذلك مبادرة "إمضاء" التي كان لها دور فعال في تنمية مواهب الشباب في الجانب التجريبي الابتكاري، وكذلك ملتقى "النحاتين" الذي يعد أحد أهم الملتقيات الفنية التي أقيمت على مدار سنتين متتاليتين لتنمية الكفاءات الوطنية في هذا المجال".

ويؤكد الفطيسي أنه على الرغم من زيادة أعداد الموهوبين في هذه المجالات، إلا أن هناك حاجة للاهتمام بالمواهب التقنية في ظل التطور التقني والتكنولوجي الذي يشهده العالم وتعول عليه الكثير من الدول، مضيفا: "يجب أن يكون للقطاع الخاص دور في تنمية المواهب العمانية وتطوير المحافظة، وتسهيل إجراءات تنفيذ أفكار الشباب والباحثين، وتوفير بيئة محفزة لهم لتطبيق هذه الأفكار على أرض الواقع، مع الاهتمام بالتغذية الفكرية والعلمية للمجتمع وتوفير البيئة التجريبية للأفكار الناتجة من هذه التغذية والحرص على تطبيق الأفكار بعد تجربتها، وهذا يأتي بشراكة بين القطاع الخاص والمؤسسات الحكومية المتواجدة في المحافظة وعلى رأسها مكتب محافظ شمال الباطنة الذي له دور كبير في تنمية مواهب أبناء المحافظة".

 

تعليق عبر الفيس بوك