ثمانية من خمسة

 

أنيسة الهوتية

وكانزعاج بعض البشر كان انزعاجُ الحيوانات من تاريخ 8 مايو! وقال الأسدُ بزئيره الذي كاد أن يُصيبهم بالصمم: كيف؟ كيف يُكرمُ البشر الحمار!؟ وأنا الأسدُ ملكُ الغابة المُهاب لم يضعوا لي اعتبارًا؟

فردت عليه لبؤتهُ المقربة وهي تربتُ على ظهره: لأنهُم بشرٌ ياعزيزي، فإنهُم يرفعون شأن من يتذلل لهُم كمثل الحمار، حيوانٌ بريٌ ترك حُريتهُ ولهوهُ ولعبهُ واستسلم للاستبعاد وأسعدوهُ بإنجاز الجزرة! وأنت لا ترضى بالاستعباد والتذلل لأجل ذلك لن يضعوا لك يومًا للتكريم! ليس لأنك لا تستحق بل لأنك الأفضل والبشرُ لن يضعوا الأفضل في المُقدمة أبدًا، أنظر إلى رؤسائهم الذين ينتخبونهم لقيادة العالم! والمسؤولين في مؤسساتهم العالمية الكبيرة! إنهُم يختارون العقول الراكدة التي تتقبلُ أن تكون مجرد قطعةٍ في رقعة شطرنج.

الفهد: أنا لا أهتم، ولا أدري لماذا أنت هكذا مُهتمٌ؟ قالها للأسد

الضبعُ يضحك، وكُلما حاول الكلام لم يستطع وكأنهُ مُصابٌ بمتلازمة توريت للضحك.

النمر: وأنا مع الفهد، فنحنُ أحرارٌ في غابتنا نفعل فيها ما نشاء، أما الحمار فسنعاقبهُ بالمُقاطعة وتحريمه من دُخول الغابة مع سلب كل ممتلكاته الموجودة فيها.

الضبع: "الحجران يقطع المصران لاااه" - ولازال يتقلب ضحكًا.

الفيل: هيا أنظر إلى الأمر بواقعيةٍ يانمر، تلك عُقوبةٌ كبيرة على الحمار الذي لم يضرنا بشيء! أما أنت ياملك الغابة، فأعلم بأن البشر مُتناقضون، نعم كرموا الحمار بيومٍ عالمي، ولكن إن وُصف أحدهم بالحمار فستقومُ قيامته!

الضبع يضحك أكثر..

الدُب: وإن تم وصفُ أحدهم بالأسد زاد فخرًا واعتزازًا!

الثعلب: إنهُ تكريمُ مُجاملةٍ حتى يتذلل لهُم هذا الحمار الغبي الذي لايمتلك دهائي وخُبثي.

الذئب: وإن وُصف أحدهم بالثعلب انزعج، ولكن إن تم وصفه بالذئب! -قالها مُتفاخرًا على الثعلب.

الكلب وهو يدور حول ذيله: سيفرح، سيفرح إن وُصف بالذئب.

القطة: الثعلب لازال نعتًا هينًا من الكلب! رغم أنهم يصفونهُ بالوفاء!

الثور: وفاءُ الكلب لصاحبه الذي يُربيه ويطعمهُ ويلاعبه، فهو وفيٌ لمن يصاحبهُ لطعامٍ ولهوٍ ولعب وليس للعائلة والقطيع! أما الذئبُ وإن كان بريًا متوحشًا إلا أنه يبقى وفيًا لقطيعه ونوعه وهذا مايقدسه البشر.

الخرتيت: رُغم أنهُم ليسوا أوفياء لنوعهم!

الفأر: إن كان كذلك، فلماذا لم يضعوا يومًا للبقرة التي هتكوا عرضها مُذ يوم وُلدت يأكلون لحمها، ويشربون حليبها ويستغلون زوجها الثور في الحراثة وعندما كرموا! كرموا الحمار؟!

البقرة تركض بعيدًا عنهم تبكي مفطورة القلب تصرخ: لن أعطيهم حليبي بعد اليوم، لن أفعل ذلك أبدًا.

السنجاب: حسنًا تفعل فيهم يا فأر بقرض مُمتلكاتهم وتخريبها.

الصرصور: صه يا سنجاب، ياجبان، يامن تعيشُ في شجرتك دون مشاركتنا الحرب مع البشر.

البوم: وأنا أيضًا أعيشُ على الشجرة؟ - اختبأ الصرصورُ خوفًا من أن تلتقمهُ البومة.

الدود: نحن بأنواعنا اتحدنا ضدهم، نحاربهم في عقر دارهم، ندمر طعامهم ونفسده حتى يمرضون وينقرضون.

النملة: نحنُ لا نسعى لتدميرهم لأنهُم ينفعوننا بفُتات طعامهم اللذيذ الذي يصنعونهُ بعمليةٍ تُسمى الطبخ والخبز.

النحلة: أما نحنُ فلا نسعى لشيء من البشر، لأنَّ الطبيعة تكفينا واليوم جئتُ هُنا احترامًا للطبيعة كذلك.

الغراب: اسكت أنت فإنك الأكثرُ استغلالًا من الحمار بسرقة العسل منك.

الحصان "بوزه شبرين" مُشاركٌ بصمت!

وبينما الأصواتُ تعلو في ذلك الاجتماع الكبير في حضرة الأسد، فجأةً ساد الصمتُ والذُهولُ وجوه الجميع حين انعكس عليهم بريقُ الميدالية الذهبية المُتدلية على رقبة الحمار وهو يمشي مُتمخترًا وسطهم، فوسّعوا لهُ حتى لا يدوسهم بحوافره، فوقف ببراءةٍ وتبتسم لهم وأكمل المسير.. وفي هذه اللحظة كان هو الملك بحضوره!!