عقاريون يطالبون بالإبقاء على الصورة الحضارية الشهيرة للمَعلَم المسقطي

"شارع 18 نوفمبر".. من يدفع ضريبة إرباك السوق العقاري؟!

...
...
...
...
...

من وراء تحجيم الحركة التجارية؟ ومن يدفع ضريبة إرباك السوق العقاري؟!

◄ الإسماعيلي: المباني المباشرة على الشارع غير مهيأة للسكن العائلي

◄ العجمي: ضرورة الاستفادة من الزخم التجاري في "18 نوفمبر" وليس إغلاقه

◄ الوهيبي: نتوقع تمديد المهلة كما حدث سابقًا.. ولكن يجب إنهاء "الوضع المُربِك"

 

 

الرؤية- مريم البادية

تصوير/ راشد الكندي

يؤكد عقاريون ومُلاك عقارات في شارع 18 نوفمبر، أنَّ القرار الإداري الخاص بتحويل النشاط التجاري بالصفوف الأولى في الشارع إلى الاستخدام السكني فقط، من شأنه إفقاد هذا الشارع خصوصيته التجارية وزخمه الاقتصادي ومنظره الحضاري؛ كونه أحد أعرق الشوارع التجارية في محافظة مسقط، والذي يشتهر بالعديد من مقار الشركات الكبرى والعلامات التجارية العالمية الشهيرة، إضافة إلى أنه سيؤثر بشكل كبير على أصحاب المشاريع والمكاتب وعلى ملاك هذه المباني، نظرًا لأنَّ هذه المباني مُخصصة للأعمال التجارية والإدارية، وغير مُهيأة للسكن، مطالبين بإعادة النظر في هذا القرار ووضع خطط لاستثمار هذا الشارع؛ بما يعود بالنفع الاقتصادي على الدولة.

ويقول فهد بن سلطان الإسماعيلي مؤسس شركة تبيان العقارية- في تصريحات خاصة لـ"الرؤية"- إن شارع 18 نوفمبر مر بتطورات عديدة خلال العشرين سنة الماضية؛ إذ إنه كان عبارة عن منطقة سكنية قبل أن تقرر الحكومة شق طريق يسهل الوصول من ولاية السيب إلى ولاية بوشر، ليولد شارع ١٨ نوفمبر الذي يبدأ من دوار الموج وحتى شارع الوزارات في الخوير ليربط بين الولايتين، مضيفا: "في السابق كان الشارع خطا واحدا ثم أصبح خطين وأضيفت إليه الإشارات المرورية، ولذلك فإنَّ هذا الشارع أصبح شارعا رئيسيا لا يقل أهمية عن الشوارع الرئيسية التي تربط بين الولايات الأخرى، كما أنه تم استحداث بعض القطع التجارية له، بالإضافة إلى أن الفلل السكنية التي بنيت على الشارع مباشرة لم تصمم للاستخدام السكني لأسباب كثيرة منها الإزعاج وخطورة السكن على الشارع وخصوصا للعوائل، لذلك تستأجرها الشركات".

فهد الاسماعيلي.jpeg
 

ويشير إلى أنه في السابق، لم يكن هناك قانون يسمح بتقنين تأجير الفلل لأغراض تجارية، إذ كان من الممكن استئجار فيلا لغرض تجاري في أي مكان، ثم جاءت بلدية مسقط وحددت أماكن استئجار الفلل للأغراض التجارية ليكون على الشوارع الرئيسية فقط، ثم تطور الأمر إلى أن اختاروا بعض الشوارع ومن ضمنها شارع 18 نوفمبر لينطبق عليه هذا القرار، وفي عام 2020 تفاجأ الجميع بقرار بلدية مسقط أنه لن يكون هناك تجديد لأي عقد للإيجار على شارع 18 نوفمبر.

ويوضح الإسماعيلي- خلال حديثه مع "الرؤية"- أنه حاول في ذلك الوقت بحث الأسباب التي دفعت البلدية إلى اتخاذ مثل هذا القرار، مبينًا: "قيل لي الموضوع الآن مع المجلس البلدي، وكان المجلس الأعلى للتخطيط- في ذلك الوقت- يقوم بدراسة شاملة لدراسة هل سيبقى الشارع تجاريا أم سيتحول إلى شارع سكني فقط، وفي حقيقة الأمر لم يكن هناك من يُعطي جوابا واضحا حول هذا المنع سواء من وزارة الإسكان والتخطيط العمراني ولا من بلدية مسقط وحتى المجلس البلدي، لا يوجد جواب واضح لمستقبل هذا الشارع، وكذلك أعضاء مجلس الشورى ممثلي ولاية بوشر، والغريب في الأمر أن الجميع متفق على أن هذا الشارع لا يصلح للسكن ويجب أن يبقى للاستخدام التجاري، لكن لا أحد يقرر ولابد أن تكون هناك أسباب، ومرت الأيام وعاودت بلدية مسقط في نشر التعميم بأن عام 2025 لن يكون هناك تجديد للعقود".

ويتابع أن هذا القرار لا يمكن العمل به لأسباب كثيرة، ومن بينها أن هذا الشارع غير مهيأ للسكن، إذ إن ملاك هذه الفلل قاموا بإجراء تعديلات عليها لجعلها صالحة للاستخدام التجاري، مضيفا: "اليوم عندما نرى المعارض على هذا الشارع في شكلها كأنها مبان سكنية ولكن في الداخل لا توجد مطابخ ولا دورات مياه، وهي عبارة عن غرف بمساحات مفتوحة، وهناك بعض المشاريع الجديدة التي تم بناؤها بطريقة كأنها تجارية وهي في الحقيقة سكنية، لذلك إذا منعت البلدية التأجير التجاري على هذا الشارع كيف ستعود جميع هذه العقارات إلى مبان سكنية، ناهيك عن التكاليف الباهظة لأصحاب العقارات، الأمر الذي قد يؤدي إلى أن تتحول هذه المباني إلى فلل مهجورة في حال لم يستطع مالكوها القيام بتحويلها إلى مبان سكنية".

ويتساءل الإسماعيلي: هناك دخل كبير جدًا للبلدية من هذه العقارات التجارية عبر تسجيل عقود الإيجار، فهل البلدية مستعدة للاستغناء عن هذا الدخل؟ مستشهدًا بتحويل بعض الشوارع من سكنية إلى تجارية في العديد من الدول مثل شارع "جميرا- دبي" الذي كان يشبه شارع 18 نوفمبر.

ويقترح مؤسس شركة تبيان العقارية عددا من الحلول مثل: تحويل هذا الشارع بشكل كامل إلى شارع تجاري طابقين وملحق، وألا يكون سكنيا تجاريا متعدد الأدوار، لأن هذا هو الحل الأسهل والأنسب لطبيعة هذا الشارع، مبينا: "الحل الآخر إذا لم تر وزارة الإسكان أن هذه خطوة جيدة أن يتم استحداث نوعية جديدة من الفلل تسمى فلل ذات الاستخدام التجاري وتكون طابقين فقط، وهذا الأمر موجود في بعض دول الخليج واطلعت بنفسي على بعض التصنيفات لبعض العقارات، لذلك من الممكن أن تعامل هذه الفلل السكنية معاملة تجارية بحيث يتم السماح بالتأجير التجاري والسكني، ولا تكون متعددة الأدوار للحفاظ على خصوصية المنطقة السكنية التي توجد في الصف الثاني من الشارع وبعده، وكذلك للحفاظ على عدم الضغط على المنطقة بالسيارات".

كما يقترح الإسماعيلي التفكير في استثمار هذا الشارع بدلا من تحويله إلى شارع سكني فقط، وذلك عبر الاستثمار في القطار المصغر "الترام" ليبدأ من إشارات المرور في العذيبة القريبة من شركة محمد البرواني للنفط، وحتى حي الوزارات مكان مجلس الدولة سابقا، موضحا: "هذا الترام تكون فيه محطات وكل محطة تكون فيها مواقف للسيارات ويمكن التنقل في هذا الشارع عبر الترام، ويطرح هذا المشروع للاستثمار وهناك العديد من الشركات الأجنبية المستعدة للاستثمار فيه ثم تعود ملكيته للحكومة بعد ذلك، كما يأمل أن تكون هناك أشياء تجميلية أخرى في هذا الشارع تتوافق مع المدن المستقبلية".

من جهته، يرى الدكتور إبراهيم بن باقر العجمي خبير في المجال الاقتصادي والقانوني- في تصريحات خاصة لـ"الرؤية"- أن التخطيط الجيد منذ البداية يجنب الوقوع في بعض الهفوات التي تسبب العديد من المشاكل لاحقا، مضيفا: "من بداية الأمر عند وجود مخططات سكنية كان يجب ألا تعطى التصاريح للمنشآت التجارية أو ذات الطابع الاقتصادي على هذا الخط، وذلك حتى نتجنب هذه الهفوات أو سوء التخطيط".

إبراهيم العجمي.jpeg
 

ويلفت إلى أن شارع 18 نوفمبر أصبح شارعا حيويا وله خصوصية لأنه يربط بين ولايتي السيب وبوشر مرورا إلى حي الوزارات والسفارات، وأنه تم منح تصاريح للأنشطة التجارية فيه للمكاتب والمحلات والبنوك والمطاعم والشركات المتنوعة والعيادات الصحية، مما أكسبه طابعا اقتصاديا، الأمر الذي يستلزم النظر في الاستفادة من هذا الزخم التجاري والاقتصادي وليس إغلاقه، لأن ذلك سيعود بأثر سلبي على أصحاب هذه المحلات والعقارات لأنهم غيروا واجهات المنازل وتصاميمها لتتوافق مع المعارض والنشاط الاقتصادي، وهذا بدوره سيؤثر على ملاك العقار وكذلك المستأجر لهذه المنشأة التجارية والذي قام بعمل الديكور والتصاميم المكلفة، ناهيك عن المستهلك الذي أصبح يجد ضالته في هذا الشارع، وخصوصا السكان المقيمين في هذه المنطقة والعابرين من الولايات الأخرى، مشددا على ضرورة قيام المسؤولين بإعادة النظر في هذا القرار.

أما عبدالوهاب بن عبدالكريم البلوشي، أحد السكان القريبين من الشارع، فيعتبر أن هذا القرار صائب لعدة أسباب ومنها: الافتقار إلى المداخل والمخارج لهذا الشارع، باعتباره غير مصمم للاستخدام التجاري ويفتقد للمساحات المناسبة للحركة المرورية، مضيفا: "الساكن عندما يبني منزل العمر يتفاجأ بتحويل المنطقة السكنية إلى تجارية تفقدها الخصوصية والجيرة وكذلك الهدوء، بالإضافة إلى المضايقات في مواقف سيارات البيوت من مرتادي المحلات التجارية والبيوت المؤجرة للموظفين والموظفات بنظام الغرف".

عبدالوهاب البلوشي.jpeg
 

ويقول حمد بن خلفان الوهيبي عضو المجلس البلدي بمحافظة مسقط،  إن شارع 18 نوفمبر من الشوارع التي أعطيت مهلة حتى 2025 لمزاولة بعض الأنشطة التجارية، متوقعًا أن يكون هناك تمديد لهذه المهلة مثلما حدث سابقا.

وكان المجلس البلدي لمحافظة مسقط قد أعلن في عام 2016 قرارًا تضمن توصيات اختصت باستغلال المباني السكنية للاستخدام التجاري؛ وذلك في إطار سعيه لإيجاد تنظيم مناسب يحقق التوازن بين النمو العمراني والتجاري بمحافظة مسقط، ووضع الضوابط والتشريعات التي تنظم هذا المجال، حيث سبق وأن تلقى المجلس مجموعة من الشكاوى المتعلقة بالظواهر التي تتسبب بها ممارسة تلك الأنشطة في الأحياء السكنية؛ لاسيما وسط المتغيرات التي أفرزتها التطورات الراهنة.

حمد الوهيبي.jpeg
 

وتضمَّن القرار السماح باستعمال المباني السكنية للأغراض التجارية ومكاتب الجهات الحكومية ومقار السفارات في محافظة مسقط في المباني السكنية وفق حالات معينة مثل منطقة مطرح القديمة لوجود سوق مطرح، وطبيعة المنطقة من الناحية التجارية والسياحية، إلى جانب السماح بممارسة مجموعة من الأنشطة في المباني السكنية في كافة شوارع محافظة مسقط، كما أوضح القرار الضوابط التي يجب توفرها للسماح بممارسة الأنشطة التجارية في المباني السكنية.

وأشارت المادة الثانية من قرار المجلس إلى منح مهلة للمباني الواقعة على الشوارع التي تم إقرارها وذلك حتى نهاية عام 2025؛ شريطة عدم تغيير شكل المبنى أو إضافة طوابق على المسموح به حاليًا "طابقين" حفاظًا على النسق العمراني، وخصوصية سكان المباني المجاورة، على أن تبقى هذه المباني سكنية إلا في حالة موافقة وزارة الإسكان على تغيير استخداماتها. في جانب آخر تمديد المهلة للمباني الواقعة خارج نطاق الشوارع المذكورة، مع تعديل أوضاعهم لفترة لا تتجاوز المدة المحددة بعقود الإيجار المسجلة لدى البلدية.

يُشار إلى أن المجلس البلدي يراجع دائمًا المسائل المتعلقة بالمخططات العمرانية؛ كأحد اختصاصاته بالاشتراك مع الجهات المختصة فـي دراسة ووضع المخططات العمرانية الهيكلية والعامة، وتقديم التوصيات بشأن تنظيم مخططات المناطق السكنية والتجارية والصناعية والسياحية.

تعليق عبر الفيس بوك