◄ البيت الأبيض يؤكد مقتل أمريكي ثانٍ في السودان
◄ "منظمة الصحة" تتوقع "الكثير" من الوفيات مع تفشي الأمراض ونقص الخدمات
◄ خروج جماعي للنزلاء من السجون.. والفوضى تعم الخرطوم
◄ الجيش: البشير وحلفاؤه نقلوا إلى مستشفى عسكري قبل 15 أبريل
عواصم- الوكالات
وقعت اشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في محيط القصر الرئاسي، بينما تبادل الجانبان الاتهامات بالمسؤولية عن اقتحام السجون وإطلاق سراح نزلائها، ومن بينهم مسؤولون سابقون في نظام الرئيس المعزول عمر حسن البشير.
وقالت قوات الدعم السريع إن الجيش هاجم بالمدفعية والطيران الحربي مواقع تمركز قواتها بالقصر الجمهوري، بينما ذكر الجيش أن خرق قوات الدعم السريع الهدنة يتواصل بمحاولة هجومها على مقر قيادة منطقة العاصمة المركزية.
وتواترت أنباء عن سماع دوي انفجارات وسط مركز الخرطوم وغربه؛ حيث تجدد إطلاق النار بين الجانبين شمالي الخرطوم بحري، كما تجدد القصف بالمدفعية الثقيلة في منطقة الفتيحاب؛ جنوب مدينة أم درمان المقابلة للخرطوم على الجهة الأخرى من نهر النيل.
وفي الأثناء، تتوافد تعزيزات عسكرية كبيرة تابعة لقوات الجيش السوداني، ومرورها من قرية الجزيرة إسلانج بالخرطوم، لتكمل مسارها مرورًا بأم درمان؛ حيث قال الناطق الرسمي باسم الجيش إن قوات "المليشيا المتمردة" أصبحت ترتدي ملابس الجيش لمُمارسة النهب بأحياء أم درمان".
وقال البيت الأبيض أمس الأربعاء إن أمريكيا ثانيا لقي حتفه في السودان وإن الولايات المتحدة تقدم المساعدة لعدد صغير من الأمريكيين الراغبين في مغادرة البلاد في ظل الاشتباكات المستمرة على الرغم من تراجع العنف بشكل كبير على ما يبدو. وقال جون كيربي المتحدث باسم مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض للصحفيين إن إدارة الرئيس جو بايدن تواصل العمل مع طرفي الصراع لتثبيت وقف إطلاق النار من أجل السماح بدخول المزيد من المساعدات الإنسانية. وأردف قائلا "نناشد كلا من الفصيلين العسكريين" الالتزام بوقف إطلاق النار "وتمديده" مضيفا أن "مستويات (العنف)... يبدو بشكل عام أنها انخفضت كثيرا". وأضاف "المستويات تراجعت لكننا نريد أن نرى المستويات عند الصفر".
وتأتي تصريحات البيت الأبيض في وقت احتدم فيه القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية على مشارف العاصمة الخرطوم رغم هدنة تهدف إلى إنهاء الصراع المستمر منذ 11 يومًا.
وقال كيربي إن بايدن "طلب (توفير) كل خيار يمكن تصوره لمساعدة أكبر عدد ممكن من الأمريكيين". وأوضح أن الولايات المتحدة تعمل "بنشاط على تسهيل مغادرة عدد صغير نسبيا من الأمريكيين" الراغبين في الرحيل. وأضاف أن بعض المواطنين الأمريكيين وصلوا إلى بورتسودان لإجلائهم من هناك وأنهم يتلقون الدعم. وذكر أن الولايات المتحدة تواصل دعم جهود محدودة أخرى للإجلاء. وقال كيربي للصحفيين إن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية نشرت فرقًا في المنطقة وهي مستعدة لمد يد العون في تقديم المساعدات الإنسانية لكن لا بُد من استمرار أي وقف لإطلاق النار وتمديده.
وفي جنيف، قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم جيبريسوس أمس إن المنظمة تتوقع "الكثير" من الوفيات الأخرى في السودان بسبب تفشي الأمراض ونقص الخدمات الضرورية في ظل القتال العنيف. وتقول المنظمة إن المعارك المستمرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية منذ منتصف أبريل أدت إلى مقتل ما لا يقل عن 459 شخصا وإصابة أكثر من أربعة آلاف. وقال تيدروس "إضافة إلى الوفيات والإصابات الناجمة عن النزاع نفسه، تتوقع منظمة الصحة العالمية الكثير من الوفيات الأخرى بسبب تفشي الأمراض ونقص الغذاء والمياه وتعطل الخدمات الصحية الضرورية بما في ذلك التطعيم". وأوضح أن 16 بالمئة فقط من المرافق الصحية تعمل في العاصمة السودانية. وتابع "تشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن ربع الأرواح التي زهقت حتى الآن كان من الممكن إنقاذها من خلال إمكانية السيطرة على النزيف بصفة أساسية. لكن المسعفين وأطقم التمريض والأطباء غير قادرين على الوصول إلى المدنيين الجرحى كما أن المدنيين غير قادرين على الحصول على الخدمات".
وتجري منظمة الصحة العالمية تقييمًا للمخاطر لتحديد ما إذا كان الاستيلاء على مختبر في الخرطوم يمثل خطرًا على الصحة العامة، نظرًا لأنه مكان تتوافر فيه مسببات الأمراض.
وقال مايك رايان مدير برنامج الطوارئ الصحية بمنظمة الصحة العالمية "عندما يُجبر طاقم المختبر على المغادرة ويدخل أشخاص غير مدربين إلى ذلك المختبر فهناك دائمًا مخاطر ولكن المخاطر تقع في المقام الأول على هؤلاء الأفراد أولًا وقبل كل شيء لتعريض أنفسهم عن طريق الخطأ لمسببات الأمراض". لكنه أضاف أن عدم توافر الماء النظيف واللقاحات إلى جانب مشكلات الصرف الصحي الأخرى تمثل الخطر الرئيسي على السودانيين.
وسُمع دوى إطلاق نار وانفجارات على المشارف الغربية للعاصمة السودانية الخرطوم، مما يعني اختراق هدنة وسط انهيار الخدمات الأساسية وشح الإمدادات الغذائية وفتح سجن لإطلاق سراح حلفاء رئيس سابق.
وفي ظل غياب أي دلائل على تهدئة الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية، قال الجيش إن الرئيس السابق عمر البشير نُقل إلى مستشفى عسكري قبل اندلاع القتال العنيف في 15 أبريل. وأضاف أن البشير نُقل من السجن مع خمسة على الأقل من الأعضاء السابقين في نظامه، من بينهم عبد الرحيم محمد حسين المطلوب مع الرئيس السابق لدى المحكمة الجنائية الدولية لارتكابهما جرائم حرب وفظائع خلال صراع سابق في إقليم دارفور.
وأصبح مكان تواجد البشير مثار تساؤلات بعدما أعلن الوزير السابق في حكومته أحمد هارون أنه غادر سجن كوبر مع مسؤولين سابقين آخرين. وهارون مطلوب أيضا لدى المحكمة الجنائية الدولية لاتهامه بارتكاب العشرات من جرائم الحرب.
وتبادلت السلطات السودانية وقوات الدعم السريع الاتهامات بشأن إطلاق سراح السجناء. وقالت الشرطة إن مسلحين شبه عسكريين اقتحموا خمسة سجون في مطلع الأسبوع وقتلوا عدة حراس وفتحوا البوابات. وألقت قوات الدعم السريع باللوم على السلطات في السماح لهارون وآخرين بالخروج.
وأدى إطلاق سراح المجرمين المدانين إلى زيادة الشعور بغياب القانون في الخرطوم؛ حيث أبلغ السكان عن زيادة انعدام الأمن وأعمال النهب وانتشار العصابات في الشوارع.
وقالت قوى الحرية والتغيير "هذه الحرب التي أشعلها ويتكسب منها النظام البائد ستقود البلاد إلى الانهيار".
واندلع الصراع الحالي بين الجيش وقائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو المعروف باسم حميدتي لأسباب من بينها الخلافات بشأن مدى سرعة دمج قوات الدعم السريع في الجيش في ظل الانتقال المقرر إلى الحكم المدني.
وقال مراسل لرويترز إن المعارك تجددت في مدينة أم درمان المقابلة للخرطوم على الجهة الأخرى من نهر النيل؛ حيث كان الجيش يقاتل في مواجهة تعزيزات جاءت بها قوات الدعم السريع من مناطق أخرى في السودان.
وقال مسؤول بمستشفى إن قذيفة أصابت مركز الرومي الطبي في أم درمان وانفجرت داخله مما أدى إلى إصابة 13 شخصًا. واتهم الجيش قوات الدعم السريع باستغلال هدنة مدتها ثلاثة أيام لتعزيز نفسها بالرجال والأسلحة. ومن المقرر أن تنتهي الهدنة مساء غد الخميس.
وبفضل وقف إطلاق النار، كان القتال بين جنود الجيش وقوات الدعم السريع أكثر هدوءًا في وسط الخرطوم.
وقال المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى السودان فولكر بيرتس في مجلس الأمن الدولي إن وقف إطلاق النار "يبدو صامدا في بعض المناطق حتى الآن". لكنه أضاف أن أياً من الطرفين لا يبدو مستعدا "للتفاوض بجدية، وهو ما يشير إلى أن كلا منهما يعتقد أن بإمكانه تحقيق نصر عسكري على الآخر".