ماذا تستفيد؟

 

أحمد بن موسى البلوشي

 

العالم أصبح قرية صغيرة في هاتفك، فيمكنك أن تعرف أخبار العالم والمجتمعات فيه من خلال الكثير من الحسابات والقنوات والبرامج ومن ضمنها برامج التواصل الاجتماعي المختلفة، وأصبح من السهولة جدًا أن يمتلك الشخص حسابات على هذه البرامج، والقانون كفل للجميع حرية التعبير، وإبداء الرأي في كل ما تطرحه الجهات المختصة.

لكن عندما تتصفح حسابات الكثير من المواطنين في وسائل التواصل الاجتماعي ترى أن السلبية منتشرة بين الكثير منهم؛ فالكثير منهم يُسيئون لمنجزات الوطن وللكثير من الكفاءات فيه، دورهم فقط الانتقاد السلبي والانتقاص من كل منجز، ينتقدون كل ما يُطرح ويُقدم من أي مؤسسة حكومية، يطرحون رأيهم في كل ما يخصهم ولا يخصهم، وإن كانوا لا يمتلكون المعرفة الكاملة حول الكثير مما يُطرح، وإن كان الطرح مثلًا عبارة عن تقرير يمتدح الوطن ويضعه في مقدمة التصنيف في بعض المجالات تجدهم يشككون في هذه التقارير ويقللون من أهميتها، ويتهمون المؤسسات أو الوكالات القائمة على هذه التقارير بعدم المعرفة!! لا يحبون أي شيء فيه إيجابية لصالح الوطن، وكأن الحياة مليئة بالعيوب فقط.

لسنا ضد الانتقاد البنّاء؛ بل العكس، الجميع يطمح لأن يكون وطنه متقدمًا ومتطورًا وناجحًا في كل المجالات، غير أن ما نشاهده ونقرأه في هذه الحسابات من تقليل للكثير من المنجزات الوطنية، والكفاءات المجيدة، وتضخيم للكثير من الأخبار بصورة مختلفة عن الواقع؛ لهو دليل على أن السلبية باتت الطابع السائد لدى الأغلبية منهم، وفي نفس الوقت تجد في حساباتهم أنهم يمجدون ويفتخرون بكل ما يتم إنجازه بالدول الأخرى طارحين الكثير من المقارنات غير الهادفة وغير المنطقية، والأبعد من ذلك محاولتهم نشر هذه السلبية على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي والترويج لها، متفاخرين بما يكتبونه، وإنْ كان ما يكتبونه ليس له مصداقية وغير منطقي، ويبحثون عن أي خبر ضد ما يتم إنجازه بهذه الأرض وإن كان غير صحيح ليتداولوه وبصورة غير إيجابية.

يقول ألبرت آينشتاين: "ابتعد تمامًا عن الأشخاص السلبيين في حياتك، فهُم يختلقون المُشكلات حتى مع أسهل الحلول".

الاعتزاز بالوطن والتفاخر به ليس مجرد شعور فقط أو كلام يُقال؛ بل هو فعل وعمل يعكس هذا الشعور، فالكل يتغنى بعبارة "نحب وطننا"، لكن عندما ترى الواقع تجد كمية التناقض بين ما يُقال وما هو موجود، الاعتزاز بالوطن هو أن تمجّد ما يتم فيه من إنجازات وتفتخر بها، وتنتقد ما يجب انتقاده بهدف الاستفادة، وتبحث عن الحلول للمشكلات التي تراها وتعلم عنها جيدًا، فالانتقاد ليس كلاماً يُكتب فقط، وتنتظر تشجيع الآخرين لك.

عزيزي السلبي تأكد أن ما تكتبه من سلبية عن منجزات وطنك ليس مفخرة وتباهٍ، وإن وجدت البعض يشاطرونك الرأي، فهي فئة من الناس لديها نفس أفكارك، ولا يغرك تأييدهم لك فيما تكتب وتقول، فكل ما تكتبه من انتقاص للمنجزات الوطنية هو بالدرجة الأولى انتقاص لشخصك أولًا، وتأكد دائمًا أنه لا يوجد على كوكب الأرض وطن متكامل من جميع الجوانب.

يقول عبد العزيز آل زايد: "الوطن ليس حدودًا تُنقط به خارطة ما، إنّما هو انتماء يشدّنا إليه، فيه تنغرس جذورنا وله تذوب ذواتنا".

تعليق عبر الفيس بوك