ما قبل أزمة الحمير في العامرات!

 

 

خالد الخنبشي

 

في السنوات الخمس الأخيرة، بدأت تتزايد بشكل ملحوظ ظاهرة انتشار الحمير السائبة في ولاية العامرات، فقد ازدادت أعدادها بطريقة مضطردة، حتى أصبحت تُرى في عموم الولاية، تنشر القمامة من الحاويات، وتأكل المزروعات أمام منازل الناس، وتسبب حوادث سير على الطرقات.

وفي الحقيقة، وبديهةً، فإنه لا يلوح في الأفق ما سيوقف تنامي هذه الظاهرة أو يعيق تقدمها، ما يجعلنا نعتقد بأنها مشكلة في مرحلة الميلاد لتتحول إلى أزمة؛ لأنها ستستمر للتصاعد طالما لا يوجد تدخل بعد لوقفها، ولأن هذه الحيوانات تتوالد، والزيادة تلك يلحظها ساكنو الولاية، كما أن ازدياد الحوادث المرورية التي تسببها، وزيادة الأخبار الصحفية عنها، خاصة في الصحافة الأجنبية، مؤشر على أنها تتجه لمنحى تصاعدي.

وعلى أي حال، لست هنا لمناقشة التبعات المادية لهذه الظاهرة، لكن لأسلط الضوء على أزمة من نوع آخر، الأزمة من النوع المعنوي، التي قد لا يلتفت إليها الغالبية، وهي الصورة النمطية التي سببتها هذه الظاهرة في أذهان عامة الناس، بأن المنطقة أصبحت اليوم مربوطة بهذا الكائن، نتيجة ثمرة السخرية التي مارسها البعض في فضاءات العالم الرقمي، والذين وجدوا في هذه الظاهرة مادةً شهيةً للسخرية، مهما كانت الدوافع، ودون وعي منهم بأنها تفرز وراءها هذه التبعات، ومثل هذا النوع من الارتباطات الذهنية لا يتشكل بالقوة الجبرية إنما بالقوة الناعمة التي تصنعها وسائل الإعلام، ونوع من الدعاية التي تسيطر على العقول وتلحق الهزيمة النفسية بالناس، وهي نتيجة السيل المعلوماتي المتدفق الذي يستغل هذه الظاهرة، وللأسف، فإنها تتجه إلى التصاعد؛ طالما يضج الفضاء الرقمي بالناس، الذي يتأثرون لا وعيًا بما يرونه على هذه الفضاءات، وطالما لم نجد بعد ما يحارب هذه الصور، على الأقل بالقول.

وحتى إن افترضنا أن المشكلة لن تتجاوز موضوع تكوين صورة نمطية عن المنطقة على الأقل في الوقت الحالي، هل ننتظر لندخل أنفسنا في جدال مع منظمات حقوق الحيوان؟ بسبب حوادث السير المتكررة، أو نفتح المجال للصحفيين الأجانب لتمرير هذه الظاهرة بصورة سلبية عن البلد؟ أو ننتظر لتصل المشكلة إلى ذروتها ليصعب الحل أكثر؟

تعليق عبر الفيس بوك