فوزية الفهدية: الأدب العُماني مسكون بعنصر المكان ومتعلقاته

 

مسقط- العُمانية

تقدم الكاتبة والباحثة العمانية الدكتورة فوزية بنت سيف الفهدية رؤية مغايرة حول النقد وأسسه في سلطنة عُمان من خلال أطروحاتها الأدبية وأبحاثها المتعددة التي تظهر للمتلقي بين الحين والآخر، من بينها كتاب "صائغ الكلام" الصادر حديثًا عن دار الرافدين، وكتاب "المكان في القصة القصيرة العمانية (الواقع والمتخيل)"، ومن خلال تلك الإصدارات تقترب من الواقع الأدبي في سلطنة عُمان على وجه العموم لتوجد أدوات تتوافق مع ما يطرح برؤية الناقد والمتتبع لأثر ذلك الأدب.

وتتحدث الفهدية عن آخر نتاج أدبي لها، ووقوفها على السيرة الأدبية لابن رشيق، والمحفزات التي جعلتها أكثر قربًا من هذا الأديب والناقد العربي وما وجدته في فلسفته الفكرية الأدبية وتقول: في الحقيقة لست من الكتّاب الذين يكثرون من الإنتاج الأدبي أو الإصدارات البحثية من خلال الكتب، لأنّها مشروعات تحتاج إلى وقت كبير ورؤية عميقة ودربة واسعة في الكتابة وقراءات عميقة ودقيقة وتحليل منهجيّ رصين، وأنا مازلت أتحرّى طريقي في البحث العلميّ في مجال الدّراسات الإنسانيّة، وأقرأ لأكون طالبة علم مجتهدة، وعندما أصل لأن أكون حجّة في تخصص دقيق بالتأكيد سأسعي لأنْ يكون لديّ مشروع علميّ وحضاريّ أستطيع من خلال الإضافة إلى الكمّ الهائل من المعرفة اليوم، لهذا أنا من الباحثين الذين يركّزون على النوع لا الكمّ، ويتحرّون العمق والدّقة كما أزعم.

فوزية الفهدية.jpg
 

وتضيف بالقول: إذا تحدّثنا عن كتاب صائغ الكلام الصادر حديثا عن دار الرافدين فهو بحث في المسيرة الأدبية لابن رشيق، والذي عُرف عبر التاريخ الأدبي بالقيرواني (٣٩٠- ٤٥٦هـ) (١٠٠٠- ١٠٧٠م)، عاش في نهاية القرن الرابع وبداية القرن الخامس الهجري في حاضرة إفريقية آنذاك مدينة القيروان - بعد أن انتقل من مدينته المسيلة الواقعة في الجزائر حاليا- ، وقد كانت إفريقية آنذاك يحكمها الصنهاجيّون من أسرة بني زيري (٥٥٥-٣٦٢هـ/ ٩٧٢-١١٦٠م)، الذين رفعوا من قدر العلماء، واهتموا بالحياة الثقافيّة والفكريّة أيّما اهتمام، فكان من أثر ذلك نشأة مدرسة علميّة وفكرية أطلق عليها – حديثًا- الشاذلي بويحيى "مدرسة القيروان". إذ بدأ الإنتاج العلميّ والفكريّ من علمائها يأخذ منحىً تأسيسيًّا لمدرسة مميّزة، بدأت تضيف إلى التراث الفكري والحضاري للأمّة الإسلامية آنذاك، فتبوأت القيروان مكان المدينة الحضارية التي يشعّ منها العلم والفكر منتقلا إليها من دمشق وبغداد؛ لتكون حاضرة العالم الإسلامي في نهايات القرن الرابع وبدايات القرن الخامس الهجريين.

وقالت إنه من حيث المحفزّات، فقد كانت كثيرة أهمها: استناد الكثير من الباحثين والدارسين في مجال الأدب والدراسات -حتى الآن- إلى كتابه العمدة في محاسن الشعر وآدابه، رغم قدمه، فأردت أن أكشف عن خصوصيّة خطابه النقديّ فيه، كما أنّ ابن رشيق بحر من العلم تنازعته الدول الحالية بينها في الانتماء، وذلك لما وجدناه في بعض الدراسات الحديثة من خلال بعض الباحثين، فمنهم من قال إنّه من الجزائر لأنّه ولد في المسيلة، وبقي فيها حتى عمر السادسة عشرة، ومنهم من قال قيرواني، ومدينة القيروان الآن تقع في الوسط من تونس، فأردنا أن نوقف هذا التنازع الذي يجدّد الجدل في انتمائه، لنقول كلمتنا من خلال النصوص التي كتبها ابن رشيق نفسه، والهّويّة التي اختارها لذاته، وهذه قضيّة مهمّة جدا ما زلنا نعيش فيها ونحن في عمان واقعون في دائرتها في عملية تنازع العلماء، كالخليل بن أحمد الفراهيدي، وأحمد بن ماجد السعدي.

تعليق عبر الفيس بوك