تخوفات من تأثير "تشات جي بي تي" على مستقبل الطلبة.. ومتخصصون: يجب التوعية بالاستخدام الأمثل للتقنيات الحديثة

◄ خميس: "تشات جي بي تي" أداة قيّمة للطلاب والمعلمين بشرط الالتزام بضوابطها

◄ البدري: اعتماد الطلبة على التقنيات الحديثة يخلق جيلا لا يمتلك المعرفة

◄ المزيني: الذكاء الاصطناعي يوفر الوقت ويعطي معلومات تفصيلية

 

الرؤية- مدرين المكتومية

تباينت آراء عدد من المتخصصين حول تأثير تقنية "تشات جي بي تي" على المجتمع المدرسي، إذ يرى البعض أنَّ هذه التقنيات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي سوف تساعد الطلبة في زيادة معرفتهم ووعيهم والقيام بمهامهم الدراسية بشرط توعيتهم بالطريقة الأمثل، في حين يؤكد آخرون أن اعتماد الطلبة على تشات جي بي تي سوف يقلل من المستوى الثقافي والمعرفي لديهم.

ووصل عدد زوار تشات جي بي تي إلى 100 مليون مستخدم نشط شهريًا وذلك بعد شهرين من إطلاقه في نوفمبر الماضي، مما جعل منه تطبيقَ الويب الأسرع نموًا في التاريخ، كما أن عدد زيارات الموقع في الشهر الماضي بلغ مليار زيارة بحسب تقديرات موقع Similarweb.

يرى الكاتب عبدالله خميس، أن الذكاء الاصطناعي قادر على إحداث ثورة في التعليم المدرسي من خلال ما يتمتع به من مميزات تعود بالنفع على الطلبة أو من خلال ابتكار أساليب جديدة للتدريس، وذلك عبر الخوارزميات التي يعتمد عليها الذكاء الاصطناعي والقدرة على تحليل بيانات الطلاب وتحديد نقاط القوة والضعف لديهم وتوفير مواد تعليمية مبتكرة وأتمتة المهام الروتينية مثل رصد الدرجات والتقييم، مضيفًا أن الذكاء الاصطناعي يساهم في توفير وقت المعلمين والتغلب على الكثير من العوائق التي تحول دون تعلم الطلاب ذوي الإعاقة، مثل توفير ترجمات في الوقت الفعلي، أو تحويل الصوت إلى نص.

ويشير إلى أنه بالنسبة إلى "تشات جي بي تي" فيمكنه توفير مجموعة من الفوائد للطلاب والمعلمين، بما في ذلك الوصول الفوري إلى المعلومات والإجابة على الأسئلة وتقديم معلومات حول مجموعة واسعة من الموضوعات على الفور ودون الحاجة إلى الكثير من البحث، كما أن هذه التقنية متاحة على مدار الساعة وتسمح للطلاب بالوصول إليها في أي وقت وتدعم العديد من اللغات مما يجعلها أداة قيمة للطلاب والمعلمين في الفصول الدراسية متعددة اللغات.

وتحدث عبدالله خميس عن تخوفات البعض من تحول "تشات جي بي تي" إلى  أداة للغش والانتحال وتحويل الطلاب إلى كسالى، مبيناً أنه يمكن اتخاذ خطوات فاعلة للتخفيف من هذه المخاطر وتحقيق الفائدة من هذه التقنية دون المساس بالنزاهة الأكاديمية.

ويقول: "من أكثر الطرق فعالية لتقليل مخاطر الغش والانتحال، تثقيف الطلاب حول الاستخدام المناسب لهذه التقنية الجديدة، والتوضيح أن الغرض من الأداة هو تقديم الدعم والإرشاد، وأنها ليست بديلا عن التعلم المستقل والتفكير النقدي، كما يمكن للمدرسين أيضًا تقديم إرشادات حول كيفية استخدام تشات جي بي تي بشكل مسؤول، مثل الاستشهاد بالمصادر واستخدام الأداة كنقطة انطلاق لمزيد من البحث"، مقترحاً دمج تشات جي بي تي مع برنامج الكشف عن الانتحال الذي يتحقق من عمل الطلاب بحثًا عن أوجه التشابه مع المصادر المتاحة.

ويضيف أنه يمكن للمدرسين تصميم واجبات دراسية تكون أقل عرضة للغش والانتحال، مثل الأسئلة المفتوحة التي تتطلب تفكيرًا وتحليلا نقديًا أقل احتمالًا للإجابة عليها بمساعدة تشات جي بي تي مقارنة بالأسئلة التي تحتوي على إجابة واحدة صحيحة، كما يمكن للمدرسين أيضًا استخدام مجموعة متنوعة من طرق التقييم، مثل الاختبارات داخل الفصل أو العروض التقديمية الشفوية، والتي يصعب الغش فيها أكثر من المهام الكتابية.

وذكر: "مع سهولة توافر المعلومات، أصبح بإمكان النَّاس الآن الوصول إلى ثروة من المعرفة التي كان يتعذر الوصول إليها في السابق أو يصعب الحصول عليها، ويقدم هذا فرصًا وتحديات للأجيال القادمة، فمن ناحية يمكن أن يؤدي سهولة توافر المعلومات إلى تمكين الأفراد من التعلم والنمو وحل المشكلات بشكل أكثر كفاءة، ومن خلال الوصول إلى مجموعة واسعة من المعلومات، يمكن للأشخاص تطوير مهارات جديدة واكتساب وجهات نظر جديدة واتخاذ قرارات أكثر استنارة، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى مجتمع أكثر دراية قادر على معالجة المشكلات المعقدة والابتكار بطرق جديدة، ومن ناحية أخرى، يمكن أن يؤدي سهولة توفر المعلومات أيضًا إلى نقص التفكير النقدي والتحليل، وعندما تكون المعلومات متاحة بسهولة، فمن المرجح أن يقبلها الناس في ظاهرها دون التشكيك في دقتها أو صحتها، و يمكن أن يؤدي هذا إلى مجتمع أقل فطنة وأكثر عرضة للمعلومات المضللة والدعاية، ولمواجهة هذه التحديات، ستحتاج الأجيال القادمة إلى تطوير مهارات التفكير النقدي وتعلم كيفية تقييم المعلومات من أجل الدقة والتحيز والملاءمة، وسيحتاجون أيضًا إلى تعلم كيفية تجميع المعلومات من مجموعة متنوعة من المصادر واستخدامها لحل المشكلات المعقدة".

من جهته يؤكد أسعد البدري أن ظهور "تشات جي بي تي" وانتشاره السريع في مختلف دول العالم يعد نقلة نوعية في هذا العصر، في ظل مساعي العلماء والمطورين لتقديم كل ما في وسعهم من أجل ابتكار وتصنيع الكثير من التقنيات المواكبة لعصر التكنولوجيا في شتى مجالات الحياة، بهدف التسهيل والتيسير على البشرية والوصول إلى الإبداع والتميز وتقليل الأخطاء البشرية في العمل وفي كل الممارسات البحثية، مشيرا إلى أن تقنية تشات جي بي تي سهلت على الكثيرين عملية التعبير والتحدث في عدة مواضيع وخاصة الطلاب الذين سيستخدمون هذه التقنية لمساعدتهم في حل واجباتهم المدرسية.

ويتابع: "اعتماد الطلاب على تقنيات الذكاء الاصطناعي في حل الواجبات والتكاليف المدرسية قد يسبب لهم الكثير من المشكلات والتحديات مستقبلا والتي تتمثل في عدم القدرة على مواكبة التطورات، كما أن الاعتماد بشكل كامل على هذه التقنيات في القيام بالمهام المدرسية يخلق جيلا لا يمتلك المعلومة، ولذلك يجب وجود مراقبة مكثفة على استخدام الطلاب لمثل هذه التقنيات بالإضافة إلى توعية الطلبة بالاستخدام الأمثل للتقنيات الحديثة حتى لا ينعكس الأمر سلبا على معرفة الإنسان ومدى كفاءته وقدرته على الإنجاز والتميز في عمله".

وذكر البدري أن الاعتماد الكامل على تقنية مثل تشات جي بي تي سيكون له الأثر على الأجيال القادمة التي ستعتاد الحصول على المعلومة دون تعب أو جهد، كما أن هذه التقنية ستقلل من أعداد الفرص الوظيفية التي تتطلب إعداد البحوث والمقالات ما ينعكس سلبا على سوق العمل، مشددا على ضرورة تكييف هذه التقنية بالشكل الذي يجعلها تقنية مفيدة وليست تقنية ضارة تهدد مستقبل الأجيال.

ويتحدث عبدالعزيز المزيني عن تجربته مع استخدام تشات جي بي تي قائلا: "لأنني من الأشخاص الذين يحبون تجربة كل ماهو جديد، قمت باستخدام هذه التقنية وتوجيه الأسئلة والحصول على إجابات مطولة وشافية، ومن خلال تجربتي يمكنني القول إن تشات جي بي تي يعطي المستخدم ما يريده من خلال طرح الأسئلة وتلقي الإجابات التفصيلية"، مشيرا إلى أن الجزء الأكبر من قدرة تشات جي بي تي على الرد على المستخدمين تكون باللغة الإنجليزية، في ظل افتقار المعلومات للدقة عند استخدام هذه التقنية باللغة العربية.

ويعتبر أنه يمكن للطلاب الاستفادة من هذه التقنية الحديثة بشرط قيام المؤسسات التعليمية بتوعيتهم حول الطريقة الصحيحة للاستخدام، وعدم الاعتماد على تشات جي بي تي في كل الأمور، حتى تتحقق المعرفة والاستفادة.

تعليق عبر الفيس بوك