حملات إلكترونية رمضانية

 

صبحي مجاهد

 

قد يرى البعض أن وسائل التواصل الاجتماعي "السوشيال ميديا" أفسدت كثيرًا من علاقتنا الإنسانية؛ بل وامتد الأمر إلى العيش في فراغ إلكتروني بعيد عن العلاقة مع الله عز وجل، وتظل تلك الفكرة مسيطرة كلما رأينا أحداثًا سلبية تحدث بسبب التعلق بالسوشيال ميديا، وتكوينها لسلبيات عديدة لدى أجيال مجتمعاتنا.

غير أن الحقيقة تقتضي القول إن عالم التواصل الاجتماعي يمكن أن يكون فرصة لأن نصل إلى بناء عقول الشباب بطريقة صحيحة؛ بل ونخلق من بعضهم جيلًا متدينًا إذا أحسنَّا استخدام آليات الإنترنت، لا سيما مع قرب حلول شهر رمضان المبارك.

وتوظيف مواقع التواصل الاجتماعي بصورة إيجابية أصبح ضروريا، من أجل الوصول إلى شريحة كبيرة في مجتماعتنا وتوجيهها التوجيه السليم؛ حيث أصبح عالم الإنترنت واقعًا يؤثر في حياة الكثيرين، ولابُد وأن يكون لدى مؤسساتنا الدينية في شهر رمضان خطة عمل واسعة للوصول إلى أكبر شريحة مُجتمعية ممكنة؛ بهدف بناء الوعي المعرفي الصحيح بالدين، وتحقيق الثقة والترابط بين تلك المؤسسات وأفراد المجتمع بمختلف طبقاتهم المعرفية.

دار الإفتاء المصرية تمثل نموذجًا مُهمًا في كيفية استغلال عالم الواقع الافتراضي في رمضان؛ ليكون فرصة لبناء عقول معرفية تفهم صحيح الدين ووسطيته من خلال حملات إلكترونية مستمرة طوال الشهر؛ إذ أعلنت عن خطتها التي شملت تنوعًا في العديد من الحملات والبرامج عبر الإنترنت، فيقول الدكتور إبراهيم نجم مستشار مفتي الديار المصرية، الأمين العام لدُور وهيئات الإفتاء في العالم إنَّ دار الإفتاء المصرية كعادتها كلَّ عام وضعت خطَّة مُتكاملة ومتنوعة لخدماتها وبرامجها التي ستُقدِّمها للجمهور خلال شهر رمضان المبارك بمختلف الآليات والوسائل لتحقيق الاستفادة القصوى من هذا الشهر الكريم.


ووفقاً لما أدلى به الدكتور نجم، فإنه سيكون هناك نشاط مكثف على وسائل ومنصات التواصل الاجتماعي لدار الإفتاء خلال شهر رمضان المعظَّم حيث ستقدم العديد من الخدمات، من بينها خدمة البثِّ المباشر اليومي للإجابة على أسئلة الصائمين بشكل مباشر، وبث قرآن المغرب والفجر بصوت كبار القراء، ونشر فيديوهات قصيرة خاصة بالصيام، وأوضح أنه سيجري يوميًّا من خلال صفحات الدار الرسمية التذكير بأفضل الأعمال التي يمكن أن يؤديها الصائم في رمضان، والتذكير بأفضل الأدعية والتهجد في وقت السَّحَر وعند الإفطار، وجرافيك بمبطلات الصيام "المفطرات"، والأعمال المستحبة في رمضان، وبيان مسألة زكاة الفطر المختلف فيها دائمًا، بشرحها عن طريق الفيديو بشيءٍ من التفصيل.

دار الافتاء المصرية أعلنت أيضا عزمها إطلاق عدد من الحملات الإلكترونية المتنوعة على مدار الشهر الكريم، منها: حملة (افعل، ولا تفعل) لبيان أهم الأعمال التي يجب التشبث بها، وكذلك التي يجب تركها، وحملة (#كانوا في رمضان) يُنشر من خلالها منشور يومي، يذكر فيه بأحوال الصالحين في رمضان، وحملة بعنوان "العبادات في رمضان" تتناول العبادات مثل الصلاة كصلاة التراويح والتهجد؛ وما يتعلق بهما من أحكام، والحث على المواظبة على السنن والرواتب وبيان فضلها، وتنتهي ببيان صلاة العيد وأحكامها في آخر أيام الشهر المبارك، وحملة بعنوان "لطائف قرآنية وإيمانيات" تقدم وِردًا يوميًّا من القرآن لمدة 10 دقائق بصوت مشاهير القراء، وكذلك نشر كبسولات "لطائف قرآنية"، وعمل إنفوجرافات رمضانية.

لا شك أن التنوع في الرسائل الدينية خلال الشهر الفضيل من شأنه أن يكون عامل جذب للكثيرين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بحيث يكون هناك استعانة بخبراء ومتخصصين قادرين على إيصال المعلومات بصورة شيقة ومفيدة.

إن رمضان فرصة عظيمة لبناء الفهم الصحيح للدين، حيث تنساق فيه النفوس بصورة تلقائية إلى كل ما هو ديني، ويزيد المسلم فيه من قراءته واطلاعه على أمور الدين، لاسيما عبر الوسائل الحديثة عبر الإنترنت، لذا ينبغي ألا نهمل هذا الجانب ونركز عليه بصورة عملية كي تكون المحصلة نشر الدين بوعي وفهم صحيح لأحكامه وقواعده ونصوصه.

** صحفي مصري، وعضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بمصر

تعليق عبر الفيس بوك