بين الموظف والمهني

 

فاطمة الحارثية

السعي نحو النمو هو التفسير الأمثل لعمليات التغيير، وجميعنا نسعى نحو مستقبل أفضل منذ نعومة أظفارنا، ونتغير في أثناء ذلك، البعض يكون شديد الحرص في مواجهته لعمليات التغيير والبعض الآخر يعتلي الأمواج ويُغامر بلا حدود؛ وما بينهما فوج يموج في معترك الحياة وينمو أيضا بطريقته، السؤال هنا، هل نُدرك ونؤمن أن ما يُصيبنا ما كان ليخطئنا؟ وأن الحرص لن يُغير حياة والمغامر لن ينال أكثر مما قُدر له؟ إذا لنتعلم كيف نعيش.

مقالي السابق كان تمهيدًا لمقال اليوم، لأننا سنتناول التباين بين الوظيفة والعمل الحر؛ يشير الأداء الوظيفي إلى الطريقة التي يؤدي بها الموظف المهام والمسؤوليات التي تتطلبها وظيفته، أي أنَّه مقياس يُظهر مدى فاعلية الموظف في إنجاز عمله، وأيضا مدى مساهمته في تحقيق أهداف المنظمة أي تفاعله التطوعي والإسهامات الإضافية (خارج الصندوق)، ويتطور من مجرد موظف إلى شريك وعضو فاعل، يخدم المؤسسة والمجتمع؛ ومن تطوره يطور أدوات التقييم التي تتبعها المؤسسات لتستوفي حق أداء متجدد، أي وباختصار؛ إنَّه الأداء والسلوك الذي تُقيِّم به المؤسسة الفرد الذي يعمل بها بطريقة عادلة وصحيحة، مع مراعاة مدى فاعلية وكفاءَة أدوات التقييم بما يتناسب مع تطور ومواكبة المؤسسة لنهج التفوق على المعايير العالمية. وهذا برهان أن التطور مرهون على استحداث/ ابتكار الأعمال والأداء من الموظف وردود فعل المؤسسة نحو التجدد.

المرونة مرآة للاستدامة، ومن غير المرجح أن نختلف في ذلك، ما دام فكر المتلقي منفتحاً نحو التفوق والتميز وكسر جمود المعايير العالمية الحالية، إننا ننبذ كل صندوق لا يسمح لنا بالتحرك خارجه، على أن يتبع الخارج منهجا واضحا يُثري بمرونة واضحة المخرجات والأهداف والنتائج؛ التحول من موظف إلى شريك أصبح هدفا وغاية، مثل ذلك باتت الكثير من الشركات والمؤسسات عالميا تصنف الموظفين على هذا الأساس، موظف شريك، موظف دائم (ثابت)، موظف/ عامل مهام (تدوير/ مؤقت).

العمل الحُر، المقصود منه هنا، هو أداء فردي إن نظرنا إليه في منظومة العمل نستطيع أن نُقربه نحو دائرة موظف مهام والأدق قولنا (مهني)، بمعنى استثمار مواهب محترفة بدون عقد دائم والتزامات سواء من المهني أو المؤسسة، مما يُعطي المهني المحترف حرية التعامل وتقديم خدماته لأكثر من مؤسسة، والتحدي المُرجح هو تنظيم الملكية الفكرية، وسرية الأعمال بما يحافظ على حقوق المؤسسات والمهني الحُر. قد لا يُشترط على المهني الاحتراف لكنه من وجهة نظري أمر مهم حتى ينال حقه في منظومة الأجر والحقوق ويتميز عن التاجر صاحب العمل الحُر مثل المؤسسات الصغيرة؛ إن المتابع والمراقب يرى أننا نسير نحو تحول جذري في منظومة العمل والأداء، وعليه نحتاج إلى ترتيب واضح وثقافة ووعي للمعطيات التي بين يدينا، واستكشاف ما خلف الجسر الذي الذين نحن إليه متجهون، لنستغل الأمور بما يخدم الجميع بلا ضرر ولا ضرار.

كلنا لعُمان وعمان لنا، تكاتف الجهود مطلب، والكِبر وجب نبذه، وهي ليست مسألة كراسي وسلطة ومن عليها هم فقط لديهم حق التفكير وصناعة الحلول، وأيضا هم من يحددون من يُفكر ومن عليه أن يُنفذ دون تفكير، بل هي مسألة مصير وبقاء واستدامة، الكل يعلم ولا نختلف في ذلك، لكن الحكمة ليست في المعرفة والعلم، بل بالقدرة على استثمار المعرفة والعلوم، وتسخيرهما لصناعة المنفعة وخدمة الناس ورفاهيتهم، وهذه مهارات وقدرات وهبات، لا ترتبط بالسلطة وليست متاحة للجميع، فلنعي ونُقدر ذلك.  

ألق...

لكل منا رسالته، المحظوظ من علم ماهي، وقبلها وبذل الجهد لها بكل إخلاص، أنقياء النفس هم جمال يمشي على هذه الأرض، يُنيرون الطريق ويُقيدون الحياة في الناس بكل عفوية، ابحث عن أولئك الأنقياء لتنال بعض قبس وتُنير معهم جمالا لا حدود له.