ندوة في "معرض الكتاب" تطرح حلولًا للمؤسسات الصحفية لاستعادة بريقها

خبراء يدعون إلى سرعة التحول الرقمي في قطاع الإعلام.. والتكلفة المالية بصدارة التحديات

الرؤية- مريم البادية

تصوير/ راشد الكندي

أكد المشاركون في ندوة "تأثير التحول الرقمي على الإعلام" الضرورة الحتمية لتسريع خطط التحول الرقمي في المؤسسات الإعلامية، لا سيما في المؤسسات الصحفية، مشيرين إلى أن الصحافة الورقية "إلى زوال قريبًا"، على حد تعبيرهم.

ونظمت مؤسسة الرؤيا للصحافة والنشر، الندوة ضمن فعاليات الدورة السابعة والعشرين من معرض مسقط الدولي للكتاب، بمشاركة المكرم حاتم بن حمد الطائي رئيس تحرير جريدة الرؤية، والكاتب الصحفي عبيدلي العبيدلي من مملكة البحرين، والصحفي أحمد عمر مدير تحرير جريدة الرؤية.

واستهل المكرم حاتم الطائي، الندوة قائلًا إن العالم بات في الوقت الراهن متاحًا في قبضة اليد من خلال الهاتف النقال، وأن ثورة الإنترنت أحدثت تغيرًا كبيرًا في حياتنا، وفي طريقة عمل المؤسسات الإعلامية، وخاصة الصحف الورقية التي تقلصت أعدادها. وضرب الطائي مثالًا بصحف مصرية ولبنانية وكذلك خليجية، والتي انزلقت إلى أتون أزمة وجودية، إما بالاختفاء الكامل أو التحول الرقمي والبحث عن حلول بديلة. وذكر الطائي أن مواقع التواصل الاجتماعي كان لها تأثيراتها، علاوة على التراجع الشديد في اهتمامات الناس بشراء الصحف الورقية، فضلًا عن الأزمات الاقتصادية المتتالية وتأثيرات تراجع أسعار النفط على دول الخليج، الأمر الذي ألحق أضرارًا عدة بالمؤسسات الصحفية، ومنها انهيار الإيرادات بنحو 75% نتيجة للتراجع الحاد في الاشتراكات والإعلانات.

وشدد الطائي على أن الحاجة إلى الإعلام في عمومه تتزايد، على عكس الصحف التي تتراجع الحاجة إليها. وأوضح الطائي أن جريدة الرؤية وفي عام 2010 أطلقت نهج "إعلام المبادرات"، على الرغم من التحديات المالية التي واجهتها، لكن المؤسسة استطاعت خلال تلك الفترة مواصلة السير والعبور نحو بر الأمان.

وأشار إلى أن هذه المبادرات بدأت بمكتبة السندباد المتنقلة التي استمرت 10 سنوات وهي عبارة عن حافلة متنقلة تجوب الولايات والقرى من مسندم إلى ظفار، وتزخر بمجموعة كبيرة من الكتب المتنوعة تصل قيمتها إلى 3 آلاف ريال، وكانت مبادرة جيدة في نشر القراءة، لكن توقفت منذ جائحة كورونا، مُعربًا عن أمله في أن تعود المبادرة مرة أخرى.

وتابع الطائي أن جريدة الرؤية دأبت على تنظيم المؤتمرات والمنتديات الرائدة، مثل منتدى الرؤية الاقتصادي ومؤتمر عمان البيئي، معددًا نحو 21 مبادرة.

وأكد رئيس تحرير جريدة الرؤية سعي المؤسسة إلى بناء نموذج الأعمال المثالي الذي يضمن استمرارية الصحف، وذلك من خلال التوجه الرقمي، بالتوازي مع الإصدار الورقي في آن واحد، بهدف تقديم محتوى إعلامي هادف ورائد.

 

إلى ذلك، تحدث الكاتب الصحفي البحريني عبيدلي العبيدلي عن التحول الرقمي؛ وبدأ ورقة العمل بالتمييز بين عملية الترقيم، والرقمنة، والتحول الرقمي، موضحًا الفروقات الجوهرية بين الثلاث مفاهيم، ومؤكدًا ضرورة أن يُركز الإعلام على مسألة التحول الرقمي لا سواه. وقال: "يجب أن تكون لديك منظومة يدوية حتى تبدأ في التحول الرقمي، وينطلق ذلك من خلال 3 مراحل؛ وهي: الترقيم من خلال تحويل الوثائق من شكلها الورقي إلى شكلها الإلكتروني، ثم الرقمنة وبعدها يأتي التحول الرقمي، من خلال تحويل كل المؤسسة إلى العمل الرقمي، بدءا من العمليات اليومية وانتهاءً بإدارة الأفراد، وهذا يحتاج إلى رؤية شاملة، وتوافر المورد المالي، وكذلك الموارد البشرية القادرة على إدارة منظومة العمل الرقمي بكفاءة". واستعرض العبيدلي مكونات التحول الرقمي، وقال: "لا يمكن أن ينجح ذلك إلا في وجود الإبداع، ثم تعاون جميع الموظفين في المؤسسة الواحدة، وبعدها تأتي الخبرة في النظام الذي ترغب التحول له". وضرب العبيدلي مثالًا بأفضل تجربة في التحول الرقمي، وهو موقع "ديزني" الأمريكي.

ومن جهته، قال أحمد عمر مدير تحرير جريدة الرؤية إن قطاع الصحافة والإعلام بشكل عام، شهد تطورات هائلة خلال السنوات القليلة الماضية؛ سواء من حيث آلية العمل والانتشار، أو المضامين والرسائل التي يقدمها هذا القطاع الحيوي، والمؤثر في الوعي المجتمعي بالدرجة الأولى. وقال إن قطاع الإعلام العربي تأثر مثل غيره من القطاعات، بما تحقق من تحول رقمي في العديد من المجالات، غير أن ثمّة تحديات ظلت تُعاند التطور الرقمي في قطاع الإعلام. وأضاف: "في حين أن هناك عددًا من الدول حول العالم شهدت تجارب إعلامية وصحفية رائدة، استطاعت من خلالها أن توظّف التقدم التقني من أجل تحقيق التطور المنشود، سواء على مستوى المادة الإعلامية المُقدمة، أو العائدات التي تجنيها هذه المؤسسات، إلّا أن الكثير من وسائل الإعلام في العالم العربي، لم تتمكن من مواكبة هذه التطورات على النحو الأمثل، فكان تفاعلها مع التقنيات الحديثة دون المستوى المنشود، فضلًا عن تراجع أو غياب المعايير المهنية على حساب عوامل أخرى تسببت فيها التكنولوجيا. وأوضح أنه على الرغم من وجود عدد من الوسائل الإعلامية نجّت من "فخ التكنولوجيا" واستطاعت أن توظفها على أكمل وجه، لكن يظل السواد الأعظم من الإعلام العربي "محلك سر"، على حد تعبيره.

واستعرض مدير تحرير جريدة الرؤية عدة عوامل أثّرت في عدم تطور الإعلام العربي رقميًا على النحو الأمثل، من بينها المتغيرات السياسية والاجتماعية التي تمر بها المنطقة، وتداعيات ما شهده الإقليم خلال السنوات الماضية، وكذلك الضغوط المالية التي أثرت على حجم السيولة في الأسواق، وعزوف المُعلنين عن تمويل الصحف ووسائل الإعلام، إضافة إلى ضعف المردود المادي للمنصات الرقمية، ومن ثم تراجع الاستثمارات الرقمية كذلك، علاوة على دخول أطرف أخرى منافسة بعيدًا عن مجال الصحافة والإعلام، ما تسبب في توجه الأنظار إليهم، وانصراف الجمهور عن الوسائل الإعلامية الموثوقة، وأخيرًا تباين مستوى العاملين في القطاع، سواء نتيجة لعدم إلمامهم بالتطورات التكنولوجية أو لرفضهم التطوير من أساسه.

وللاستفادة من الإعلام الرقمي، طرح مدير التحرير عددًا من المقترحات منها: توسيع قاعدة الجمهور، من خلال الانتشار الإلكتروني، والسعي لاجتذاب متابعين جُدد بصفة مستمرة، وعقد الشراكات مع المؤسسات الحكومية والخاصة، لدعم توجهاتها ومساعدتها على بناء جسور متينة من التواصل مع الجمهور المُستهدف، وسن تشريعات تدعم استقرار قطاع الإعلام وسوق الإعلانات.

تعليق عبر الفيس بوك