أيام شامية

تصرفاتنا بين سنديانة العقل والعاطفة

 

 

أمينة أحمد **

الإنسان الطيب الكريم الشهم المعطاء صاحب الابتسامة اللطيفة والكلمة الطيبة المحب والمحبوب بقدومه تبتهج القلوب وتشرق النفوس بالأمل وغالباً زوجته وأولاده يكونون على نفس القدر من الأخلاق الحميدة والطاقة الإيجابية، إنّها الشخصية المحببة بالبيئة الشامية وغالباً ما يجسّد ذلك الشخص دور البطولة الذي يستند العمل الدرامي بأكمله عليه والذي يمثل الجانب الخيّر بالقصة.

هكذا تكون الشخصية الإيجابية تلك الشخصية التي حدثنا عن أفعالها رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال عليه أفضل الصلاة والتسليم "تَبَسُّمُك في وَجْه أَخِيك لك صدقة" الابتسامة في الوجوه أسرع طريق إلى القلوب، وأقرب باب إلى النفوس، وهي من الخصال المتفق على استحسانها وامتداح صاحبها وهي أبسط الأمور التي يمكن أن نقوم بها وهو ما يطلق عليه في عصرنا الحالي الذكاء العاطفي أو الوجداني ذلك المصطلح الذي ظهر في التسعينيات من العصر الحالي في الولايات المتحدة عندما أجروا العديد من الأبحاث والدراسات التي أكدت أن نجاح الإنسان في حياته ومحيطه وعمله لا يعتمد على تحصيله العلمي أو ما يملك من شهادات أكاديمية حيث إن التعليم والشهادات الجامعية هي مقياس للذكاء العقلي الذي يعرف بـ IQ  أما التعامل مع مشاعرنا ووجداننا وفهم أعماق ذاتنا وتقبل مشاعر الآخرين من حولنا والتماس الأعذار لهم، فهو ما يعرف بعصرنا الحالي بالذكاء العاطفي أو الوجداني ويرمز له بـ EQ وماهي حصيلة الأبحاث والدراسات الحديثة سوى تقطير وتنميط وإطلاق مصطلحات على عاداتنا وتقاليدنا وتعاليم ديننا الحنيف.

يعد معدل الذكاء العقلي (IQ) عنصرا مهما جداً عندما يتعلق الأمر بالتحصيل الدراسي، حيث إن الأشخاص الذين لديهم معدل ذكاء مرتفع، يحققون نتائج أفضل من غيرهم في المدرسة، ولكن خبراء اليوم يؤكدون أنه ليس هو الوحيد الذي يدفع الإنسان للنجاح في الحياة، بل هناك مجموعة معقدة من التأثيرات الأخرى والتي تتضمن الذكاء العاطفي.

وهنا نخص بالحديث تلك المشاعر التي تقود عواطفنا بتصرفاتنا فكل إنسان يمتلك أربع مشاعر أساسية في حياته وهي الفرح ... الحزن ... الخوف ... الألم.

وينتج عن تلك المشاعر سلوكياتنا وردّات أفعالنا العاطفية حصراً، بعيداً عن العقل والتعقل بما يخص مواقف حياتنا اليومية وكما يُقال لكل فعل ردة فعل فإذا انتابنا شعور الفرح ذلك الشعور الذي يجعلنا نغرق في بحر السعادة والسرور ففي بعض الأحيان تكون سلوكياتنا عليه غير حميدة فيعبّر أحدهم عن فرحه الشديد بقدوم مولد جديد للعائلة مثلاً أو التخرج من الدراسة الجامعية بإطلاق النار بالهواء بطريقة عشوائية وهنا تسيطر العاطفة على العقل فهنا شعور الفرح ترجم بغير محله ومكانه المناسب... وفي الوجه الآخر عندما ينتابنا الحزن مع قلة الصبر وضعف الإيمان وعدم تحكيم العقل قد يدفعنا ذلك للانتحار أو الانعزال وغالباً الاكتئاب الذي قد يغير مجرى حياتنا بالأكمل .. وأقرب مثال الزلازل التي حدثت مؤخراً ولّدت حالة من القلق والهلع وصلت حد الهلوسة من الخوف ... وهذا ينعكس بطبيعة الحال على حياتنا التي قد تتعطل خوفا من مجهول... والأمثلة تطول.

باختصار نود القول إن المشاعر هي الشيء الذي يتوج إنسانيتنا ويترجم حسن أخلاقنا بوجود العقل.. فأي تصرف عقلاني خالٍ من المشاعر ما هو إلا حد سيف يقطع به أمر لا رجعة فيه... وبالمقابل أي تصرف عاطفي يجعل عاطفتنا تتصرّف بنا كيف تشاء مع تغييب كامل للعقل ما هي إلا حماقة لا نحسد عليها. البراعة تكمن بأن نحكم عقلنا ونسيطر على مشاعرنا بكل أنواعها عسى أن نوفق لطريق الصواب.

تعليق عبر الفيس بوك