عُمان لا يبنيها إلا أبناؤها

 

خليفة بن عبيد المشايخي

halifaalmashayiki@gmail.com

 

أكدت القرون الماضية بما لا يدع مجالًا للشك، أنَّ العُماني ذو همة عالية متقدمة، وذو قدرات مبهرة عصامية قوية، وأنه ناجح في كل المجالات إذا أتيحت له الفرصة قبلاً في الدراسة والتدريب، وتاليها في تبوئه للأعمال والوظائف والمناصب، وحتى الوظائف الدنيا، والعُماني قديما بنى وشيد وأسس واخترع وفكر وعمر، وشق الأفلاج وحفر الآبار وأقام المزارع والحقول، واستصلح الأراضي وغير ذلك، وأنشأ قلاعا وحصونا وأبراجا، ودافع عن بلاده في مواقع مختلفة، وتحمل الجوع والعطش، وصبر على شظف العيش ومرارة الحياة، وكان عنوانا للتفاني والبسالة والشجاعة والإقدام، ولم يرضَ العُماني على مدى مسيرته ومنذ نشأته، الذل والهوان والخنوع، ففي البحر عمل صيادا وصنعوا الأساطيل وبنوا سفنا نقلت حضارتهم خارج عُمان، وكانوا خير سفراء لبلدانهم.

وقد اهتمت القيادة الحكيمة منذ بداياتها بالإنسان العُماني فطورته وقدمته واعتنت به، ففتحت له المدارس والجامعات والكليات لكي يتعلم، فكان عند حسن الظن به إذ لم يتأفف من طلب العلم، ولم يترفع عن تحصيله، فاجتهد فيه ونبغ وتميَّز حتى صار إنسانا يشار إليه بالبنان، كيف لا يكون العُماني ذلك، وقد تشرب الجد والاجتهاد منذ نعومة أظفاره، بل عندما كان جنينا في بطن أمه، ثم طفلا في مهده، إذ كانت العُمانية قديمًا، تعمل وفي بطنها جيل محب لأرضه ولوطنه، فكانت قطرات العرق التي تسقط منها وهو في أحشائها، تعمل تارة في حرث الأرض وجني الثمرات وأعمال البيت ومساعدة الزوج، كل ذلك لم يورث معه الكسل وعدم العصامية، حتى بعد تخرجه وإنهائه لمراحل التعليم.

ووصل العُماني إلى مرحلة لا يجب أن يوصف فيها بأنه ليس ماهرا في عمله وليس صاحب سلوك جيِّد.

والتشكيك في قدرات العُماني من مسؤول في الدولة بالطريقة التي تابعناها وسمعناها، أمر غير مقبول، خاصة إذا كان المسؤول في مؤسسة وجهة تعنى بالتشغيل والتوظيف والعمل، ونعتقد أنَّ الحكومة بذلت الكثير من أجل أن يكون العُماني محل فخر واعتزاز، وسخرت له كل ما من شأنه عزته ورفعته وثقافته، حتى يكون دائما وأبدا عند مستوى الطموح.

وإذا كانت المخرجات ضعيفة بحسب تصريح المسؤول، فهذا يعني أن ثمَّة خلل، ينبغي علاجه.

الأمل معقود على أبناء البلد في أن يبنوا بلدهم ويأخذوا مواقعهم في العمل والتدريس والتدريب، وإذا كان هناك من خلل وضعف أصاب مخرجات التعليم، فعلينا مراجعته ووضع الحلول.

إن الفترة الحالية والمقبلة، تتطلب توسعة المجالات لينخرط العُماني في سوق العمل، وليكون في مؤسسات الدولة عاملا وموظفا، يأخذ دوره في العمل والتوظيف كمن سبقه، لا أن يُحبط أو يخذل بصفات سلبية تقلل من مهاراته وسلوكه.

وتجويد التعليم والتدريب أمر مضى فيه القول والعمل من الحكومة، وجلالة السلطان المعظم- أيده الله- وجّه باحتواء الشباب وتعليمه وتدريبه وصقله؛ فالذي يتخرج بعد سنوات من الدراسة وبعد حصيلة معرفية وجد واجتهاد ونتائج مرضية وتفوق مشرف، ينبغي أن يكرم بالعمل والوظيفة، لا أن يُترك لسنوات باحثًا عن عمل، وبعدها نسي ما تعلمه وتقادم عليه ما درسه وأخذه، وسهر عليه الليالي. فمعلوم أن الذي يتكرر يتقرر، والطالب الذي سيتخرج يحتاج أن يمارس ما تعلمه في بيئات الأعمال.

أعان الله تعالى مولانا السلطان المعظم على حمل الأمانة وسخر له البطانة الصالحة التي تعينه على المضي بعُمان نحو آفاق أرحب وأشمل وأكفأ، وأن يهيئ له الرجال حوله الذين همهم الوطن والمواطن، وشغلهم الشاغل منفعته وتقديره واحترامه ووضعه في مكانه المناسب واللائق به.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة