الصراخ

 

أحمد بن موسى البلوشي

 

يقول وليم شكسبير: "ثق بأنَّ الصوت الهادئ أقوى من الصراخ وأن التهذيب يهزم الوقاحة وأن التواضع يحطم الغرور"، من إنتاجات وسائل التواصل الاجتماعي ظاهرة الصراخ، وهي ظاهرة جديدة ظهرت في الفترة الأخيرة عندما يريد الشخص أن يُوصل صوته أو كلمته أو موضوعه للطرف الآخر، سواء كان هذا الطرف هو شخص، أو مؤسسة حكومية، أو مسؤول، أو المجتمع، صراخ يرافقه الكثير من عبارات التهكم والانتقاص من الآخرين والتقليل منهم، والإساءة لهم.

وللأسف هناك الكثير من الأشخاص الذين يتسلحون بالصراخ ويعتبرونه أداة قوة لإيصال المعلومة أو الانتقاد، وهم لا يعلمون أن هذا الصراخ يُعتبر تلوثا صوتيا وإن تفاعل معه بعض من الجمهور، وهناك علاقة عكسية بين الصراخ والعقلية، فكلما ارتفع صراخك دلَّ على أن لديك عقلية غير متزنة.

انتشرت الكثير من المقاطع عبر وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة لأشخاص يتكلمون في مواضيع متنوعة؛ أحيانًا تمسه شخصيًا، وأحيانًا تمس المجتمع، وأحيانًا تمس جهة حكومية أو خاصة، ولكن الحديث هنا يكون على شكل صراخ ورفع للصوت، ما الذي يدفع الشخص للصراخ بهذه الطريقة؟ هل هذا هو الأسلوب السليم لإيصال الموضوع للآخرين؟ أم أنها طريقة لاستعطاف الناس؟ أم هي حيلة الضعيف؟، أكيد أن هناك مجموعة من العوامل والأسباب التي تدفع هذا الشخص للصراخ، وربما نحن كجمهور ومتابعين لا نعرفها ولا نفقهها، وربما تكون هذه الأسباب غير وجيهة، وتفاعل الشخص معها بهذه الطريقة غير عقلاني، لذلك يُقال دائمًا بأن سلاح الشخص الضعيف هو الصراخ كونه يعتقد أن هذا الصراخ هو الحل أو الطريقة التي يمكن أن ينتصر بها، ولكنه لا يعي أن هذا الصُّراخ ليس مفيدًا ولا صحيًا، وفي كثير من الأحيان يؤدي إلى نتائج سلبية، وإن كان هذا الصراخ يرضي الشخص نفسه، إلا أنه يُعبر عن عقليته وتفكيره، يقول مهاتما غاندي: "عندما تكون على حق تستطيع أن تتحكم في أعصابك، أما إذا كنت مخطئًا فلن تجد غير الكلام الجارح لتفرض رأيك".

يجب أن تعي عزيزي الصارخ أن هناك الكثيرين من المتابعين لديهم عقول ويزنون الكلام المطروح ولا تؤثر فيهم عاطفة أي كلام يُقال، إن كان لديك مشروع خاسر أو مشكلة مع أي جهة حكومية أو خاصة أو مع مسؤول بالدولة فهذه ليست الطريقة العقلانية والسليمة في إيصال الموضوع لهم، نعم سيتعاطف معك مجموعة من المتابعين ويؤيدونك، ولكن بعد فترة بسيطة ستنتهي هذه العاطفة وهذا التأييد، وستبقى أنت في نفس الحلقة التي كنت عليها، فالأفضل لك أن تسلك طرقا مختلفة لحل مثل هذه المواضيع بدلًا من الصراخ الذي لا يغني ولا يسمن من جوع.

في النهاية يجب علينا جميعًا أن نبتعد عن الصراخ ورفع الصوت في حالة المطالبات، وإيضاح وجهات النظر مهما كان الوضع، فالحديث المنطقي والعقلاني والمرتب يصل وبسهولة للطرف الآخر وربما يتفاعل معه وتحصل على مرادك، ويجب علينا كمتابعين ومستمعين ألا نحكم على صدق هذا الصراخ دون أن نكون على دراية وإطلاع بالموضوع، فالحكم دون أن تسمع للطرف الآخر ظلم.

تعليق عبر الفيس بوك