دور المحافظات في ملف التوظيف

 

فاطمة الحارثية

ليس لي في الإحصائيات باع، وبعيدًا عن الشركات والوظائف، كم نسبة التعمين لدى كل محافظة، بمعنى كم عماني مقابل أجنبي يقطن في كل محافظة؟ وهل هناك مقاييس وحدود لذلك؟ لأن الظاهر أن نسبة التعمين في محافظة مسقط تعاني وتئن، في المقابل لدينا حاجة ماسة للتوازن حفاظًا على ثقافتنا وقيمنا الأصيلة، وجمال الطبيعة ونقاء بيئتنا.

ومن جهة أخرى، ما التوزيع الجغرافي للاستثمارات لدينا والجهد الفعلي لنهضة وتنمية المحافظات؟ وإن قمنا بقياس البنية الأساسية لكل محافظة، ما هي إمكانياتها لجذب الاستثمار وتعزيز الإيرادات، لحل الأزمات وقضايا وملفات الوطن والمواطن؟ سواء من حيث توفير وجذب فرص الاستثمار ولتطوير وتنويع تلك الفرص، أو جذب العمالة ذات الخبرات والمهارات إليها، أو الأداء الفعلي لرفع مستوى الوعي المجتمعي، وتحسين ثقافة التنمية الذاتية ورفاهية القانطين والموظفين والعمال في تلك المحافظات؛ ولكن، ماذا سنجد؟ ولماذا يتمركز الاستثمار في محافظتين أو ثلاث فقط؟ هل بسبب قصور البنية الأساسية للمحافظات أو الحوكمة أو التفويض الإداري أو المالي؟؛ إن ملف التوظيف يقيس عدد الباحثين، في المقابل الجهات المعنية لا تحسب عدد الشركات وهيكلها الاستثماري والتطويري في كل محافظة، فكم شركة أو مؤسسة قوية في كل محافظة؟ والتي هي أساس حل ملف التوظيف؛ لماذا تحاسب الجهات المعنية الشركات وسعيها الفعلي هو الربح، وتفضل تسريح العمال على التفاوض أو تحسين تكاليف التصنيع لديها، ويقع اللوم على وزارة وضعت في الواجهة ودورها الأساسي هو التنظيم لا غير، ولا تحاسب المحافظات، والجهات الموكلة لصياغة الاستثمار والتوزيع الجغرافي وتعزيز ظروف المعيشة للعمل لدى تلك المحافظات؟ ولا تحاسب المؤسسات التي هي قدوة للشركات، وهي تنتهج سياسة تقليص القوى العاملة من أجل تقليل التكاليف المضافة من ضرائب ورسوم، لتحافظ على ثبات تقرير الأرباح، ولو أنها عززت من قدرات الموظفين وخرجت من ثوب التجارة التقليدية لاستطاعت تلك المؤسسات والشركات من مضاعفة الأرباح.

لدينا الموانئ على ضفاف حدودنا البحرية، ولدينا المطارات، ومثلما بدأت بعض المحافظات جادة في جذب الاستثمارات، فما الخطأ بأن يكون لدينا مراكز ملتقيات رجال الأعمال في جميع المحافظات، أن تعمل المحافظة على جذب المستثمرين والشركات، وأن تتوزع البنية الأساسية لدينا لتعزيز التنافسية، مع مكافأة كل محافظة بما أجادت وتميزت، وصنعت من حلول جادة مستدامة، وليتم نقل وتوزيع الكثافة الأجنبية (المتمركزة) على أساس أنها ذات خبرة لنهضة وإنشاء الشركات والمؤسسات إلى كافة المحافظات، ويحل العمانيون أماكن وظائفهم الحالية، نعم، للخروج من التجارة التقليدية والتوجه إلى الطرق والأساليب الحديثة، لجذب الاستثمار الأجنبي لكن ليس فرضا أو حكرا لمحافظة مسقط، والتوازن مطلوب وعلى كل مسؤول في تلك المحافظات العمل على توحيد الأهداف، وبدل مناقشة كم باحث عن عمل في كل محافظة، يتحول الملف إلى كم شركة أو مؤسسة ممكن فتحها لتحتوي الباحثين وتجذب العمالة الماهرة والخبيرة في المحافظات.

أرضنا غنية بالفرص والثروات، والمهارات والخبرات والعلماء والعقول المدبرة، ولا تحتاج إلا إلى التوجيه والتمكين، ورفع الوعي الثقافي والمؤسسي والمجتمعي والاقتصادي والتجاري.

إن حق لي الاقتراح، لتوجهتُ إلى الجهات المعنية، للحد من تدمير نقاء طبيعة محافظة مسقط الجميلة، والإيعاز إلى توجيه أية مصانع أو مؤسسات أو شركات بالتناسب مع خارطة تعزيز استثمارات المحافظات ونقل ما هو ممكن، وتحويل الطلبات إلى المحافظات المختلفة؛ فالتعاون أساس بقائنا والتنافس الإبداعي يحافظ على إرثنا وعلى جمال المحافظات، فالناظر اليوم إلى مسقط يشعر كيف هي تذبل وتفقد رونقها، وبدل زيادة وتوسعت الطرق انقلوا ما يُمكن نقله حسب المناسب جغرافيا.

لنتنافس بإبداع، وإيجابية على كافة المستويات داخليا وخارجيا، من أجل الارتقاء بعُمان ورفع معايير الرفاهية، ولنصنع لنا علامة وبصمة نتألق بها ونتفاخر على الأرض أمام جميع دول الجوار والعالم.

ألق..

جاب أهلنا قديمًا وقبل النهضة عباب البحر من أجل الرزق، وتغرب من تغرب، وهاجر من هاجر، وتنقل من سعى خلف رزقه، اليوم نحن على أرض واسعة طيبة، تحتوينا ولا نحتاج إلى أن نغترب فلنتفكر بحكمة، والسعي لها ليس محصورًا بمركزية معينة، كلنا حر الفكر فلنكن أحرارًا على ربوع جنتنا عُمان، فنحن مواطنون على أرض كل المحافظات، ومن شمال عُمان إلى جنوبها، لنصنع مكانًا أفضل لأجيالنا القادمة.