متدين دون علم أعمى.. وعالم بلا دين كسيح

 

أحمد بن موسى البلوشي

خلق الله سبحانه وتعالى الكون وبكل ما يحتويه قبل ملايين السنين، ومنه الأرض التي نعيش عليها، وأودع الله عليها الكثير من الظواهر الطبيعية التي نراها ونسمع عنها مثل الأمطار والزلازل والأعاصير وغيرها.

كل هذه الظواهر تشكل منظومة كونية متكاملة، تعمل بنظام أراده الله لها، ولا تزال قوانين الفيزياء تحكم الكون منذ أن صاغها العلم، قوانين أساسية وثابتة لا تتغير، والظواهر الطبيعية موجودة منذ وجود الإنسان على هذه الأرض، يرصدها منذ الحضارات الأولى له، لدرجة أن بعض الحضارات اتخذت من بعض الظواهر آلهة تعبدها وتقدسها، وإن كان البعض من هذه الظواهر ينجم عنه حدوث كوارث ومآس إلا أن الجميع يعي أن هذه الظواهر هي عمل خارج عن إرادة البشر وقدرتهم ليس لهم تدخل في حدوثها، فجميعنا نؤمن إيمانا كاملا بقدرة الله في كل شيء.

ما نلاحظه اليوم من بعض الأشخاص في تفسيرهم لهذه الظواهر الطبيعية، لهو دليل على عدم فهم هذه الفئة من الناس لماهية هذه الظواهر، والعلاقة بين الدين والعلم، فلا يمكن تفسيرها فقط من الناحية الدينية وربطها بالعقاب والثواب من رب العالمين، فهل نزول الأمطار يعد ثوابًا؟ وحدوث الأعاصير يمثل عقابًا؟، نجزم جميعًا أنه من الصعوبة بأن تكون دائمًا الإجابة بنعم أم لا.

كذلك لا يمكننا تفسيرها فقط من ناحية العلم، كونها ظواهر تحدث في الطبيعة، نحن نؤمن بأنَّ هذه الظواهر بيد الله يصرفها كيف يشاء، ولكن نؤمن في نفس الوقت بأن الله خلق أسباب حدوثها؛ فالعلم فسر هذه الأسباب وأوضح آلية حدوث هذه الظواهر، وهناك الكثير من الحقائق الكونية التي تم ذكرها بالقرآن الكريم، ولم يكن الإنسان يدركها ويفهمها، وجاء العلم وفسرها، فالدين والعلم لا يتعارضان مع بعضهما. يقول عالم الفيزياء إينشتاين: "أنا لا أعتقد أن العلم يجب أن يكون بالضرورة في حالة تعارض طبيعي مع الدين. في الحقيقة أجد أن هناك ترابطًا متينًا بينهما؛ لذا أقول بأن العلم بدون دين كسيح، والدين بدون علم أعمى. كلاهما مهم، وسوف يعملان يدًا بيد. ويبدو لي أن من لم تبهره الحقيقة في العلم وفي الدين هو كالإنسان الميت".

إن الشخص غير المتمكن، وغير المتبحر في العلم والدين من الأفضل له ألا يصدر أحكامًا وتفسيرات حسب ميوله وهواه وعاطفته؛ فالخير والشر موجودان في كل بقاع الأرض، وكلنا نعلم بأن الله غفور رحيم، وهو كذلك شديد العقاب، فلا ننسب الخير والشر لله حسب ما نرى نحن ونفسر، لذلك نجد أن الكثير من الناس قد فسر العلاقة بين العلم والدين من وجهة نظره فقط، وعممها حتى أصبحت حقيقة لديه وأصبح يصدقها ويروج لها، ففي الكثير من الظواهر الكونية يصبح الدين، والعلم وجهين لعملة واحدة.

تعليق عبر الفيس بوك