الزلزلة

 

أنيسة الهوتية

قَبلَ مُباشرةِ الكِتابةِ هُنا سأقرأُ الفاتحةِ على أرواحِ ضحايا زِلزالِ تُركيا وَسوريا، وأرتَجي القُراء الكِرامِ بِذلك قَبلَ مُباشرةِ القِراءة.

خَبرُ الزِلزَالِ زَلزَل الكَيان البَشري الإنساني الطَاهِر، والإنسانُ لاحَول وَلاَقُوةَ لَهُ أمامَ القضاءِ والقَدرِ سوى الدُعاء والصَبرُ والتَعاونِ مَع المَنكوبينِ بِما يَسعهُم، و(لَا يُكَلِفُ آللهُ نَفسًا إلا وَسعها).

أما الكَيان البَشري المُلوث فقد ظَلمَ نَفسهُ مَع كُلِ كَلمةٍ باطلةٍ ألبَسها ثَوب النِفاقَ ونطقها فِي وَصفِ هَذا الابتلاء، مُصورًا إياهُ كَعِقابٍ مُزَلزِلٍ مِن اللهِ تَعالى على الفاسقين! وَبذلك القَول كانَ هُوَ الفَاسِقُ ذي البَصيرةِ العَمياء التي لا تَرى سوادَ خَوالجهِ وَمَكنوناتِ أفكارهِ السَامة.

فالكَوارِثُ الطبيعيةُ مَصائبُ فُجائيةِ تَحدُث بأمرِ اللهِ تَعالى لِحكمةٍ لا يعلمها إلا هوَ سُبحانه، نَعمَ تُخَلِفُ أضرارًا هائلةً وراءها لأنَها دَرسٌ واختبارٌ لِلبشرية أجمَع وَليسَ فقطَ لمن وقعتَ عَليهِ. بَل أيضًا عَلى مَن قعدَ يُشاهدهُ وَيُتابِعُ مستجداتهِ دُونَ أن تَتحركَ شفتاهُ بِدعاءٍ لا يكلفهُ شيءٌ مَادي؛ بَل عَلى العكسِ يؤجرُ عَليه وَذَلِكَ هُو أضعفُ الإيمان، أما من لا إيمانَ في قلبهِ فَهوَ مَن فسرَ عَلى هوى نفسهِ الضالة وَبثَ سُمهُ في أفواهِ وقلوبِ غيرهِ مِن أمثالهِ، فَمثَلُهُم  كَمثلِ مَن اغتَرَ بنعمةِ ربهِ عليهِ وظَن أنهُ الأفضلُ مَقامًا عِندهُ سُبحانه. كَما يغترُ الأبيضُ عَلى الأسود، والغَني على الفَقير، وصاحبُ الجاهِ عَلى المستضعفِ الذليل. مُتناسين أن اللهَ سُبحانهُ خَلقَ الاختباراتِ الدُنيوية بِأشكالٍ وأنواعٍ كثيرة، وأنزلَ الدَواءَ مَع الداءِ لِيُتداوى بِه! فالفقير بالصبرِ والغَني بِالشُكر، وليس كُل من لديهِ حياةً كريمةً وذريةً صالحةً وسُمعة طيبة وجسدًا ممشوقًا وجمالًا مُبِهرًا يكونَ قد نُعِمَ بِها حُبًا وَقُربى!

وَالكوارثُ الطبيعية جُزءٌ لا يتجزأُ مِن تطورِ القشرة الأرضية على هذا الكوكب الذي نعيشُ عليه، ولولاها لما تشكلت القاراتُ المُقَسمةِ إلى دُولٍ سكنها البشر بألوانهم، ولغاتهم، وأشكالهم المختلفة! وَلَولاها لَما كانَ هُناكَ مناخٌ وبيئةٌ مختلفةٌ مِن مَكانٍ إلى مكان!

فالزلازلُ، والبراكين، وأمواجُ تسونامي كوارثُ جيوفيزيائة، والجَفافُ، والتَصحرُ، وحَرائقُ الغاباتِ كوارثُ مناخية، والفيضانات، والانهياراتُ الثلجية، والعواصف، والأعاصير كوارثُ هيدرولوجية، وكَلُ نوعٍ يتمركزُ في منطقةٍ معينة من القشرة الأرضية وَنحنُ أهلُ عُمان ابتُلينا بكثرةِ الأعاصير وَمِثلُنا إيرانَ وباكستانِ والهِند! وتَزيدُ ويشتدُ نوعها إذا كانَ الصيفُ ذا حرارةٍ شديدة.

واليابانُ مِن أكثر الدُول عُرضةً للزَلازِل، ومِثلُها الدول التي تقع على طولِ الحزام الناري في منطقة المُحيط الهادئ وأندونيسا أكثر دولة تتواجدُ فيها النسبة الأكبر للبراكين وَهيِ 38 بُركانًا حسب الأبحاثَ الجيوفيزيائية الأخيرة مِن أصلِ 467 بُركانًا عُرِفَ وَرُصِدَ بمختلف أنواعه.

وأقولُ لأصحابِ العُقول الضيقة الذين يدعون العِلم والدين بعد أن درسوا شيئًا يسيرًا مِن كتابِ الله وَشريعتهِ فَدخل الشيطانُ مِنهُم مَدخلًا تصدأت بِهِ أنفسهم وقلوبهم، وأصبحوا كَالسنابلِ الفارغاتِ برؤوسٍ شامخةٍ مُتطايرةٍ في الهواء، بأن الزِلزالَ شيءٌ عَظيم وإلا لَما أنزلَ الله تَعالى في كتابه الكريم سورةَ الزَلزلةِ، إلا أنهُ ليسَ لأي إنسانٍ الحقُ بأن يُشبههُ بأنهُ عذابٌ أنزله الله تعالى على خلقه! لأنهُ هو سبحانهُ أعلم بخلقهِ وبِأعمالهِم ولَو أخذ الله الناس بمعاصيهم لما تَركنا وَإياكُم على وجهِ هذه الأرض وَلا لثانيةٍ واحدة.

أما عَن علاماتِ الساعةِ فإنها كثيرةٌ لاحصرَ لها حولنا، وَعلى ما يبدو أننا لَم نشعرُ حتى بخروج الدجالِ بَيننا لأن زمن الرويبضة يأتي بعد ظهوره. واليومَ صباحًا في الساعةِ العاشرةِ الشَمسُ كانت قَد أدركت القَمر! وَكِلاهُما كانتا ظاهرتينِ في كبدِ السماء! وَلكِن الليل لَم يسبق النهارَ والحمدلله.

وسُورةُ الزَلزلةِ نزلت بعد سورةِ النِساء وَقبلَ سورةِ الحَديد! فلنتفكر..