مسيرة حافلة لسلالة البطل العُماني المغوار.. وبصمة لا تُمحى بالحضارة الإسلامية

حبر جديد يُعيد إحياء تاريخ آل المهلب وتأكيد دورهم في إثراء التاريخ العُماني

◄ يجمع الإصدار تاريخ المهلب وآله ونسبه

◄ النسخة الأصلية كتبها محمد بن عبدالله بن عرابة بخط يده

◄ الكتاب من تأليف العلامة سيف بن حمود بن حامد البطاشي

◄ ضبطت نص الكتاب ابنته سلمى بنت سيف البطاشية

 الرؤية- سارة العبرية

صدر حديثًا كتاب بعنوان "تاريخ المهلب القائد وآل المهلب" للشيخ الفقيه المؤرخ سيف بن حمود البطاشي، والذي يتناول العديد من المحاور التي تركز على تاريخ آل المهلب وخدمة التاريخ الإسلامي والعُماني، حيث خرج الكتاب بحلة قشيبة وحِبرة جديدة أضاف فيه فوائد جمّة وخصائص مهمة تتعلق بمحاسن الكتاب.

وضبطت نص الكتاب ابنته سلمى بنت سيف البطاشية؛ حيث كانت النسخة المطبوعة بها أخطاء مطبعية، كما تم نسخ هذا الكتاب من النسخة الأصلية المكتوبة بخط اليد، والتي كتبها محمد بن عبدالله بن علي بن عرابة.

وجاء الكتاب متوسط الحجم وطُبع سنة 1988م يتحدث عن تاريخ أسرة المهالبة، وجمع فيه المؤلف تاريخ المهلب وآل المهلب؛ حيث تطرق إلى ذكر أبي صفرة والمهلب وآل المهلب وذكر حادثة دبا ونسب آل المهلب، وكذلك سبب خروج سامة بن لؤي إلى عُمان، كما عنون المؤلف كتابه بأسماء المهالبة ولم يذكر سوى عناوين قليلة ومتفرقة.

ويذكر الكتاب نبذة عن المؤلف وهو الشيخ العلامة المؤرخ سيف بن حمود بن حامد بن حبيب بن محمد بن بلعرب بن عمرو البطاشي، ولد بإحدى قرى وادي الطائيين الواقعة بشرقية عُمان في الثالث والعشرين من شهر رمضان 1347هـ؛ وكانت مرحلته الابتدائية في التعليم قراءة القرآن الكريم على يد المعلم عدي بن أنيس البطاشي بعد ذلك درس النحو، ثم تاقت نفسه للذهاب إلى ولاية نزوى وكان الناس يقصدونها من أنحاء عُمان للتعلم والتمتع بكرم الإمام أبي خليل محمد بن عبدالله بن سعيد الخليلي.

وفي عام 1371هـ سافر إلى شرقي إفريقيا للعمل وعاد بعد 3 سنوات حاملا كتبا عظيمة كشرح النيل وتاج العروس وشرح القاموس، وتولى القضاء عندما رجع إلى عُمان في ولايات ضنك ودماء والطائيين وجعلان بني بو حسن وبوشر وإبراء، وكذلك قريات والسيب، وعمل الشيخ سيف البطاشي في وزارة التراث والثقافة، ثم انتقل إلى ديوان البلاط السلطاني بمكتب المستشار الخاص لجلالة السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- للشؤون الدينية والتاريخية، ومن مؤلفاته "إرشاد السائل إلى معرفة الأوائل"، "تاريخ المهلب القائد وآل المهلب"، "إتحاف الأعيان في تاريخ بعض علماء عُمان"، وغيرها، وتوفي الشيخ سيف بن حمود البطاشي صباح يوم الخميس التاسع من سبتمبر عام 1999م.

ورغبت الكاتبة في النسخة الجديدة- التي بين يدينا-  في تصحيح الأخطاء اللغوية والمطبعية وتخريج الآيات الواردة والأحاديث الشريفة من كتب الصحاح والسنة، وترجمة الأعلام والشخصيات غير المشهورة والبلدان، كذلك إضافة صور للمخطوط في أول الكتاب ووضع أرقام صفحات، وضبط بعض الكلمات وتصحيحها لاستكمال الفائدة العلمية في متن الكتاب والإشارة إليها في الهوامش، وإضافة ملحق لتاريخ الأحداث المذكورة في الكتاب بالتاريخ الهجري ويقابلها التاريخ الميلادي، كذلك أيضاً محاولة ضبط تشكيل الأبيات والقصائد، وإضافة ملحق يتضمن خريطة فيها ذكر أبناء وذرية المهلب وإخوته الذين ذكروا في الكتاب فقط، والخريطة الأخرى لموالي آل المهلب.

وجمع الشيخ سيف المعلومات من أمات كتب التاريخ التي كان يمتلكها وكانت موجودة في عدة مكتبات كمكتبة التراث ومكتبة السيد محمد بن أحمد البوسعيدي، ومكتبة الشيخ سالم بن حمد الحارثي، كما استقى من مصادر ابن الأثير "الكامل في التاريخ"، وابن حجر "تهذيب التهذيب"، والعوتبي "الأنساب"، السالمي "تحفة الأعيان"، والطبري "تاريخ الأمم والملوك" إضافة إلى الأصبهاني.

كما جمع البطاشي تاريخ المهلب وآل المهلب ومواليهم في كتاب واحد، وبهذا يعد ممن سبق في الكتابة في هذا الجانب، ولا غرابة في ذلك ما دمنا نتحدث عن أحد أبرز العلماء الذين ملكوا ناصية علم التاريخ وكان له باع طويل في استخراح الأفكار التي حوتها الكتب التي قرأها.

كما أورد المؤلف عددا من القصائد المختلفة التي قيلت في مدح الإمام المهلب بن أبي صفرة، وما أرّخته المصادر الفقهية حول عِلم وثقافة أسرة آل المهلب وحرصه على حضور المجالس العلماء والفقهاء، ومن قول الفرزدق يمدح يزيد بن المهلب:

لأمتدحن بني المهلب مدحة .. غراء ظاهرة على الأشعار

مثل النجوم أمامها قمر لها .. يجلو الدجى ويضيء ليل الساري

ورثوا الطعان عن المهلب والقرى.. وخلائقا كتدفق الأنهار

واعتمد المؤلف في منهجية الكتاب على اتباع عدة طرق، فقد كان يقرأ الكتاب ويكتب ملاحظاته وأعلاه اسم المصدر والصفحات أمام كل معلومة ويضيف إليها رأيه إذا استدعى الأمر، ثم يسلمها إلى الوالد محمد بن عبدالله بني عرابة وينسخها وهكذا إلى أن ينتهي، وكان منهجه أيضا في أغلب مؤلفاته أنه يعطي رأيه في موضوع ما ويشير إلى ذلك تحت عنوان: "قلت أو تنبيه أو فائدة".

وفي الفصل الثالث من كتاب "تاريخ المهلب" تحدث المؤلف عن أولاد المهلب بن أبي صفرة وعرفهم على حدة، ومنهم المغيرة بن المهلب بن أبي صُفرة والذي كان من شجعان العرب المعدودين؛ حيث قيل عنه: "كان المغيرة إذا نظر إلى الرماح قد تشاجرت في وجهه، نكص على قربوس سرجه، فحمل من تحتها فبراها بسيفه وأثر في أصحابها، وكان أشد ما تكون الحرب أشد ما يكون تبسما".

وشرح المؤلف في الفصل الخامس من الكتاب عدة صفحات لموالي آل المهلب ومنهم زربي بن عبدالله المهلبي مولاهم الملقب أبو يحيى البصري، وورد أنه: "رَوى عن أنس ومحمد بن سيرين، وعنه: عبيد بن واقدن وحرمي بن عمارة، وعبد الصمد بن عبد الوارث، وأبوه عبد الوارث، ومسى بن إسماعيل، ومسلم بن إبراهيم، وغيرهم، ولم يذكر تاريخ وفاته لكن يؤخذ من تاريخ حياة من روى عنه كمحمد بن سيرين المتوفي سنة عشر ومئة".

وفي آخر أجزاء الكتاب بيّن المؤلف صفحات من الخرائط التاريخية، ومخطط لملحق خرائط عائلة آل المهلب، وذرية أبي عيينة بن المهلب بن أبي صفرة، وبنات المهلب منهم هند شاعرة وزوجة الحجاج، وأم يزيد وأم الربيع وأم خداش، ونقيسة وفاطمة، وغيرهما، وأيضًا زوجات المهلب: خيرة القيشرية وبهيلة الهندية وهي أم المفضل وعبد الملك، ومن المواقف أن الحجاج لما ولى المهلب خراسان وذلك بعد أن فرغ المهلب من حروب الأزارقة، أخذه الحجاج بألف ألف من خراج الأهواز، فقال المهلب لابنه المغيرة: "إن الحجاج قد أخذني بألف ألف، فنصفٌ عليّ ونصفٌ عليك، ولم يكن عند المهلب مال، كان إذا عزل استقرض، قال: فكلم أبا ماوية مولى عبدالله بن عامر وكان أبو ماوية على بيت مال عبدالله بن عامر، فأسلف المهلب ثلاثمائة ألف، فقالت خيرة امرأته: هذا لا يفي بما عليك، فباعت حلياً لها ومتاعاً، فأكمل خمسمائة ألف، وحمل المغيرة إليه خمسمائة ألف، فحملها إلى الحجاج"، كما ذكر شجرة عائلة ذرية وموالي آل المهلب.

واختتم الكاتب هذه النسخة بكلمات قال فيها: "إن الذي دعا للاعتناء بالكتابة عن آل المهلب أنني رأيت أخبارهم لا يجمعهما كتاب؛ بل إنها أخبار متفرقة في كتب التاريخ والسير وكتب التراجم وغيرها، ولم أطلع على تاريخ مستقل فيهم، مع أن أبا الفرج الأصفهاني صاحب الوزير المهلبي في الدولة البويهية ألف فيهم كتابا سماه "نسب آل المهلب" وألف فيهم خالد بن خداش المهلبي مولاهم كتاباً سماه "الأزارقة وحروب المهلب"، لكن لم تصل إلينا هذه الكتب ولم أطلع على شيء منها...".

 

 

تعليق عبر الفيس بوك