تعزيز المقومات السياحية

سلطان بن ناصر القاسمي

تكمن أهمية السياحة بشكل عام في إيجاد متنفس لجميع شرائح المجتمع، حيث تلعب دورا مهما في الإسهام في النمو الاقتصادي لأي بلد.

وتعرف على أنها القيام برحلات سفر إما داخل البلد إذا كانت سياحة محلية، وإما إلى وجهة دولية إذا كانت سياحة خارجية، وهذا إما لغرض المتعة، والترفيه، وإما العلاج، وإما العمل أحيانًا، وتعتبر السياحة مصدر دخل لكثير من البلدان، ويعتبر قطاعا يسهم بشكل كبير في بناء، ودعم بقية القطاعات في البلدان كلها.

وتعد تجربة السياحة مفيدة للأشخاص، وللأسرة بشكل عام، وقد تكون سببًا في تغيير نفسياتهم إلى الأفضل؛ لما يكتسبه الشخص، ويتعلمه أثناء سفره، وتجواله.

وللسياحة دخل كبير في الترفيه عن الأسرة، فكثير منِّا يدرك أهمية هذا الموضوع لدى جميع الأسر، فكل رب أسرة يعي الدور الذي قد تفعله رحلة أو جولة سياحية في ربوع الوطن الذي يزخر بكثير من المقومات السياحية على اختلاف المحافظات، والبيئات فيها، وكذلك على مختلف الفصول، وهنا أدعو الجميع إلى استغلال المرافق السياحية الداخلية، التي تعد لها مزايا كثيرة، منها أنها أقل التكاليف من السياحة الخارجية، وسهولة الإمكانيات المادية عن نظيرتها الخارجية التي تعتمد بشكل كبير على الجانب المادي للأسرة.

وعند الحديث عن واقع السياحة الداخلية فإنَّ السلطنة تمتلك مقومات سياحية- بحكم موقعها الجغرافي كبوابة بين شرق العالم، وغربه- حيث نمت السياحة في عُمان بشكل كبير خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، إلا أن الاهتمام الحكومي بها، وما وضعته، ورسمته في مكونات رؤية "عُمان 2040" يجعل الطموح أكبر في هذا القطاع، وكلنا أمل في أن تكون السياحة الترفيهية في السلطنة أهم مستهدفات المرحلة القادمة لهذا البلد حتى تستطيع تلبية احتياجات جميع الأسر، وبمختلف مستوياتها المعيشية .

كثيرا ما نسمع، ونقرأ في مواقع التواصل من تلك المقارنات بين السياحة الداخلية، والخارجية من حيث الاهتمام، والبرامج الترفيهية، وما يتم عرضه من أجل التسويق لها؛ لذا لابد أن تعي الجهات المعنية عن هذا القطاع، وبدعم من الحكومة أن الجميع يبحث عن الأفضل إلا أننا، وبنظرة مستقبلية متفائلة لقطاع السياحة، نرى أنه قد آن الأوان لأن تكون هناك نظرة إدارية ممعنة، من أجل استغلال جغرافية وطبوغرافية المدن، والمحافظات العمانية لتطوير خارطتها السياحية؛ لما تملكه عمان من مقومات سياحية، وعلينا أن نسابق الزمن في ذلك؛ كون الدول المجاورة تسير بسرعة عالية، وخطا متسارعة في هذا الجانب، والخوف كل الخوف أن نجد أنفسنا نسير ببطء، ونرى أنفسنا بعيدين كل البعد عما وصل إليه هؤلاء؛ وبذلك تجد جميع الأسر العمانية من ذوي الدخل المتوسط، والمرتفع خارج البلد سياحيا، ولا عزاء لنا في الأسر ضعيفة الدخل التي لا ملاذ لها إلا السياحة الداخلية الضعيفة التي تفتقر إلى البرامج الترفيهية، وهنا قد تظهر لنا مشكلة كبيرة في وجود المقارنات- على سبيل المثال- عند وجود حديث بين أبنائنا طلبة المدارس، وحتى طلبة الكليات، في حديثهم عن قضاء الإجازة الصيفية، أو حتى الأسر نفسها؛ حيث نجد الغيرة التي تولد الأحقاد، والكره، الذي يظهر من رصد تلك الفروقات المادية بين الأسر.

وعليه، فإننا نطالب الحكومة، ممثلة في وزارة التراث والسياحة، ضرورة العمل على سرعة دوران عجلة التقدم السياحي، ولا ننسى كذلك دور المحافظات في هذا الصدد، من خلال إعطائها الإمكانات للقيام بذلك الدور المهم في الارتقاء بمستوى الأداء السياحي.

ونعرج في الحديث عن هذا الموضوع على الأماكن السياحية، وآلية اختيارها.

ففي البداية لا بُد من معرفة وقت السياحة الأسرية، فهناك وقتان؛ الأول هو فترة إجازة الفصل الدراسي الأول (منتصف العام)، والذي نناشد- من خلال هذا الحديث- كلا من وزارتي التربية والتعليم، ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، ضرورة التنسيق فيما بينهما لمنح إجازة هذا الفصل بحيث تكون متوافقة، ومتناغمة مع جميع أبنائنا الطلبة في المدارس والجامعات، والمعاهد، وكل المؤسسات التعليمية؛ حتى تتمكن الأسر جميعا من حسن استغلالها في قضاء أوقات ترفيهية، سياحية داخلية ممتعة.

أما الحديث عن آلية اختيار أماكن السياحة الداخلية فيمكن على سبيل المثال في محافظة مسقط، الاعتماد على الشواطئ الجميلة المطلة على بحر عُمان، والتضاريس الجبلية الرائعة، علاوة على المتاحف، والمجمعات التجارية العصرية التي تسهم في استمتاع الأسر بقضاء أوقات ممتعة، مع العمل على تطوير وإنشاء الأماكن السياحية، مثل البوليفارد؛ وإقامة المهرجانات الترفيهية، والابتعاد عن المهرجانات التقليدية؛ لأن الجيل الحالي مختلف تمامًا عن سابقه في احتياجاته ومتطلباته.

وعند الحديث عن بقية المحافظات التي تتنوع فيها مقومات السياحة الداخلية، نأمل من أصحاب السعادة المحافظين إعطاء هذا الجانب مزيدًا من الاهتمام، من خلال وضع بعض اللمسات الفنية، مثل: الألعاب النارية، وإقامة المعارض التراثية، والمسابقات الترفيهية، مع وجود الحفلات الفنية التي تستقطب الأسر كثيرًا.

والتنوع الجغرافي للمحافظات، والبيئات المختلفة لكل محافظة، مع وجود تنوع في الطقس، كل ذلك يسهم في انتعاش السياحة الداخلية الوطنية.

وفي هذا السياق، أودُ الإشارة إلى مهرجان بدية السياحي، ولا ننسى الاهتمام الكبير من سعادة محافظ شمال الباطنة، والدور الذي قام، ويقوم به في إقامة المهرجانات المتنوعة التي أسهمت بشكل كبير في إيجاد متنفس للأسر في شمال الباطنة، وهذا ما نأمله من بقية الأسر العمانية بشكل عام، ونود أن نشير إلى أنه لا قصور في عمل بقية المحافظات، لكن نود مزيدا من الأدوار التي يمكنهم القيام بها.

ونصل إلى جوهر الموضوع، وهو كيفية الادخار للسياحة، والترفيه الأسري.

نعم، هناك كثير من الطرق التي يمكن القيام بها من أجل عملية الادخار للأسر ذات الدخل المتوسط، والضعيف؛ حيث أرى أن تقوم كل أسرة باستقطاع مبلغ بسيط تقوم من خلاله بإقامة مشروع يسير، مثل بيع بعض المنتجات المنزلية من واقع الطعام اليومي للأسر، وبيعه من خلال الترويج له في مواقع التواصل الاجتماعي، أو استئجار قسم في أحد محال بيع المأكولات، وما يخرج منه من الربح يتم ادخاره لغرض السياحة الداخلية، وهناك شواهد كثيرة في المجتمع العماني لمثل تلك الحالات.

أما الأسر المتوسطة، وذات الدخل المرتفع، فبالإمكان الدخول في جمعيات، يكون عائدها للسياحة الداخلية، والخارجية. كما إن هناك طرقا كثيرة، تستطيع الأسر القيام بها، واتباعها، مع مراعاة عدم الدخول في مشاكل مالية قد تحيط بالأسرة لاحقًا.

وفي ختام حديثي.. أتوجه بمناشدة الوزارة الموقرة المعنية بقطاع السياحة، بضرورة الاهتمام الكبير بمقوماتنا السياحية المنتشرة في كل محافظاتنا، والتخطيط السليم لها، ومواكبة التطور العالمي في استغلال المقومات السياحية وتطويرها، وخصوصًا محافظة مسقط، ومحافظة ظفار، من خلال إنشاء أماكن البلوفارد، وغيرها.

أما بقية المحافظات، فالدور الأكبر يقع على عاتق أصحاب السعادة المحافظين، في استغلال الموارد السياحية المنتشرة في المحافظات، وحسن استغلالها، مع إضافة بعض اللمسات التجميلية، والمهرجانات التي يمكن أن تعطي إضافة جميلة، ونوعية، وجديدة لقطاع السياحة الترفيهية الأسرية.

تعليق عبر الفيس بوك