ملتقى التنمية والمسؤولية

هند الحمدانية

تحقيق التنمية الاقتصادية وتوفير فرص ذهبية لرواد الأعمال الناشئين والمحليين، يمثل الهدف المحوري الذي دار حوله ملتقى "التنمية وفرص الأعمال" بمحافظة شمال الباطنة والذي نظمه مكتب محافظ شمال الباطنة بالتعاون مع بنك التنمية العماني وبمشاركة الجهات الحكومية والخاصة وجميع المؤسسات المختلفة ذات العلاقة بدعم الاستثمارات وبحضور رواد الأعمال والشباب المبتكرين والباحثين عن فرص للتمويل والاستثمار.

وحقيقة في هذا المقال لا أود أن أتطرق إلى فرص العمل للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والتي تجاوزت 65 مليون ريال عماني ولا إلى الإعلان عن مضاعفة قيمة محفظة تمويل المشاريع في المحافظة من قِبل بنك التنمية العماني خلال العام الحالي، ولكنني هنا أقف وقفة متسائل حول هذه الحركة الاقتصادية المنعشة التي تحدث عنها الملتقى، وحول إذا ما كانت هذه الدوامة الاقتصادية سوف تغير واقع المجتمع في محافظة شمال الباطنة؟! أم أن المجتمع في محافظة شمال الباطنة هو من يدير زمام حركته الاقتصادية؟

أجزم أنه من المستحيل أن نفصل الحركة الاقتصادية للمحافظة عن واقع الحياة الاجتماعية والنفسية وحتى السياسية التي تعاصرها، لا يمكن لنا من تأطير الاقتصاد في نماذج محدودة وربطه بفرصٍ مالية مُعينة ننتظر من خلالها ازدهار المنطقة وانتعاش الحياة في ربوعها، وإنما يتوجب علينا تعزيز فكر الإنسان في محافظتنا تجاه الحركة الاقتصادية وأنها لا تتمركز فقط حول إنتاج واستجلاب المال وإنما هي حركة إعادة تدوير مستمرة ومتطورة للمال؛ فالمؤسسات الكبيرة تعيد تدوير مالها من خلال الفرص التي تقدمها للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وهؤلاء يقومون بإعادة تدويره عندما يصرفونه كرواتب لعمال شركاتهم أو مصانعهم، والعمال  يعيدون تدويره عن طريق إنفاق رواتبهم في المحال التجارية والاستهلاكية، مما يزيد الطلب وينعش القوة الشرائية في الأسواق ويحقق ارتفاع المبيعات في المقابل.

هذه العملية المتكاملة من إعادة التدوير تشكل فلسفة للصيرورة والتقدم والازدهار، وهنا يلعب بنك التنمية العماني وسائر البنوك التي تقدم الدعم والتمويل دور فعالا وجوهريا في عملية إعادة التدوير الحيوية تلك؛ حيث تعيد صياغة مفاهيم رواد الأعمال المبتدئين أو الشباب الطموحين والباحثين عن فرص للتحرر من فكرة الموظف والراتب الشهري الثابت والتطلع إلى إنشاء مؤسساتهم الخاصة وذلك عن طريق اقتناص فرص التمويل المتاحة والتي ستكون بمثابة بوابة واسعة لاحتضان التجار الجدد.

الخلاصة.. إن انعكاس وضع الاقتصاد لمحافظتنا في الداخل والخارج ليس إلا ما يدور في معتقداتنا تجاه الوضع الاجتماعي والسياسي ونظرتنا الإيجابية أو السلبية تجاه المجريات، ولذلك يحتم علينا واجبنا الأخلاقي تجاه الأرض التي قال فيها رسول الله صلي الله عليه وسلم: "من تعذر عليه الرزق فعليه بعمان"، أن نكون أسوة حسنة في القول والعمل وأن نعزز السمعة الحسنة للوطن فلا تقترن الأوطان إلا بالذكر الطيب لتصبح محط تقدير بين دول العالم الأخرى وشعوبها، وتعد سمعة الأوطان هي أغلى المكتسبات، لذلك عمل محافظ شمال الباطنة وفريق عمله على تعزيز روح المسؤولية لدى شباب المحافظة وخاصة الناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي ليكونوا سفراء لمحافظتهم ويعكسون القيم والأثر الجميل ويسهمون في شتى المبادرات الإنسانية والاجتماعية وغيرها، كما عمل على تعزيز الجانب السياحي ليمهد أرضية خصبة وسعة صدر لضيوفنا القادمين من داخل وخارج السلطنة، كل ذلك تأكيدا على أن اقتصاد محافظة شمال الباطنة يمثل أهلها وأرضها  وجغرافيتها وتاريخها وجيرانها وضيوفها.

تعليق عبر الفيس بوك