خلفان الطوقي
عُمان بحاجة إلى استثمارات إضافية نوعية تنعش الاقتصاد، ومنها سوف ينتعش الفرد والمجتمع والقطاع الخاص والدولة، في ذات الوقت لا أحد يُنكر أن هناك جهودًا حكومية تحاول جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، إلّا أنَّ المحيط الاستثماري يحتاج إلى مضاعفة الجهود أكثر فأكثر، كما إن الوضع يحتاج إلى ابتكار الأفكار الخلاقة بشكل مستمر وسريعاً جداً، فالعالم القريب منَّا في سباق محموم لجذب الجميع إلى محيطهم، وما لم تكن عُمان منافسًا شرسًا، فلن تكون هناك حصة لعُمان كما يتمناها المجتمع، بل أصبح الهاجس الحقيقي- قريبا أو في المستقبل- هو أن يذهب من تبقى من المستثمرين المحليين أو الأجانب الموجودين هنا إلى محيط الدول الأخرى.
هناك برنامج وطني يحمل اسم "نزدهر" معنيٌ بجذب الاستثمارات قام بجهود كثيرة لتحقيق الهدف من تكوينه، لكن بدون شك يحتاج البرنامج إلى تمكين جريء غير اعتيادي، يستطيع من خلاله أن يُحقق ما لم يحققه غيره من قبل، ولكي تتضح الصورة، فمن الممكن شرح الفكرة في نقاط متسلسلة كما سيتم إيضاحه أدناه:
الفكرة: تكمن في تكوين فريق وطني ممكن ومؤهل وغير تقليدي، ويملك صلاحيات غير محدودة، فريقٌ يستوعب معنى الاستثمار وأبعاده المنوعة، وفوائده المباشرة وغير المباشرة، وعوائده على المدى القريب والمتوسط والطويل.
المسؤوليات: أن يحدد بشكل علمي ودقيق المجالات الاستثمارية ذات الأولويات الوطنية، ويحدد الفئة المستهدفة من أفراد وشركات وصناديق استثمارية داخل السلطنة أو خارجها لإقناعها بالاستثمار في عُمان، ويكون ذلك بالذهاب إليهم أينما وجدوا، ومنحهم دراسة الجدوى الحقيقية، وتوفير كل التراخيص اللازمة، وتسخير الحوافز والإمكانيات المتاحة، واستحداث الإمكانيات غير المتاحة في وقت قياسي.
الممكنات: هذا الفريق غير الاعتيادي لا يمكنه أن يقوم بمهمته بنجاح إلا إذا تمَّ منحه فرق الدعم والمساندة التي توفر له دراسات الجدوى والإحصائيات التي يحتاجها المستثمر، كما أن هذا الفريق غير التقليدي يجب عليه أن يكون محملا بصلاحيات مطلقة وواسعة وجرئية، وحوافز مغرية واستثنائية وتنافسية.
المعطيات الأولية الواضحة تتمثل في أن عُمان بحاجة إلى استثمارات إضافية نوعية غير الاستثمارات السابقة التي تركز على النفط والغاز فقط، وأنَّنا محاطون ببعض الدول الخليجية المنافسة لنا في الحصة الاستثمارية ذات تعداد سكاني عالٍ من مواطنين ومقيمين، وسيولة مالية أعلى منَّا وغيرها من عوامل أكثر جذبا، وأنه لا يمكن لنا الاعتماد فقط على سلعة عالمية حساسة، يتحكم غيرنا في سعرها، ومعرضة للتقلبات السعرية اليومية بناء على الظروف الجيوساسية، أضف إلى ذلك هو أن عُمان في تحدٍ مستمر يظهر في تزايد القوة الفتية الباحثة عن فرص العمل.
عليه.. ماذا نحن فاعلون؟ هل نستمر في نفس المبادرات، وتكون النتيجة دون المأمول إحصائيا ومجتمعيا؟ أما أنه حان الوقت لتكوين فرق غير اعتيادية، فرق مبادرة وساعية غير منتظرة، فرق تقتنص الفرص النوعية، وممكنة من كل النواحي تجوب الأرض لتصل للفئات المستهدفة بشكل مدروس من أفراد ومؤسسات وصناديق استثمارية تخصصية، فريق وطني متخصص يملك حلولا مبتكرة وخلاقة، وحوافز تنافسية، وقرارات عملية وجرئية وسريعة.
فهل يا ترى الفكرة المطروحة أعلاه غير واقعية من باب الخيال وأحلام اليقطة؟، أم أنَّ هذا واقعنا وعلينا أن نرضى به؟ أم أن ما هو موجود هو أفضل ما يمكن القيام به حسب الإمكانيات المتوفرة؟ أم أن الفكرة يمكن تنفيذها بل تطويرها وتأطيرها بشكل أفضل؟ اترك لكم الجواب!