هل المنصب بالوراثة؟!

 

فايزة سويلم الكلبانية

faizaalkalbani1@hotmail.com

الجميع يطالب اليوم بالتغيير، والتجديد في الإدارات العليا والمناصب القيادية، وتمكين القيادات الشابة، من خلال إفساح المجال وإتاحة الفرص أمامهم لقيادة زمام الأمور بفكر منفتح وإبداعي ومواكب للتقنية والحداثة، فالدماء الجديدة مطلوبة لتغيير مسار بيئات الأعمال بما يتوافق مع التحول الرقمي أولاً، ومتطلبات بيئة الأعمال ثانيا.

لكنَّ بعضًا من هذه القيادات- وإن كان مؤهلاً ولديه الفكر المتطور، والقدرة على تحسين بيئة العمل وتحقيق عوائد ومردود إيجابي- كثيرًا ما يصطدمون باللوبيات والتكتلات من بعض القيادات السابقة لهم في ذات بيئة العمل، فقط لكونهم قد تم إزاحتهم من المنصب وبعدما ظلوا طويلًا على الكرسي، إما بإحالتهم للتقاعد وانتهاء فترة عملهم، أو لكونهم لم ينجحوا في الانتخابات كما هو الحال في بعض الجهات التي تعتمد آلية اختيار قياداتها على التصويت والانتخابات. البعض لا يستسلم ويسلِّم الراية ويكون عونًا جادًا ومتعاونًا مع القيادات الجديدة، أو أن يأخذوا بأيديهم لما فيه الصالح العام للمؤسسة وإدارتها والأطراف المستفيدة والمجتمع، إنما يقفون عثرةً أمام التقدم بكل ما لديهم من سلطة أو نفوذ أو جبروت فقط لإخفاق مسيرة من جاءوا بعدهم وهذا هو سبب فشل وإعاقة التقدم ببعض الوظائف العادية أو القيادية.

والشيء بالشيء يُذكر، نقف اليوم جميعًا أمام مُتغيرات وما يسمى بالدوران الوظيفي، والكل يبحث في مسيرته الوظيفية عما هو جديد وما يكون له ميزات تحسينية واستقرار أكبر في مساره الوظيفي، باحثاً عن الأمان الوظيفي والابتكار والتطوير، ولكن ما إن ينتقل لبيئة عمل جديدة، البعض قد يحظى ببيئة داعمة ومحفزة تأخذ بيده إلى التقدم والتطور.

أما البعض الآخر، فقد يواجهه العراقيل مثل أن تكون القيادة وفقًا للأقدمية وليس بناءً على الكفاءة والخبرات التراكمية، فيجد نفسه مستبعدًا لكونه مستجدًا، عوضًا عن عدم الاستفادة مما لديه من خبرات. وفي الوقت نفسه يجد نفسه واقفًا أمام تحدٍ آخر يتمثل في اللوبيات والتكتلات بين من هم حوله تحت زعم "الأقدمية" أو "الشللية"، متحدين أمام من يحاول إثبات نفسه أو التمكن من فهم متطلبات العمل بشكل شامل، وكأن بيئة الأعمال صارت تعتمد على التوريث وليس على تمكين أصحاب المهارات والخبرات.

قد نجد في بيئة الأعمال البعض من القادة اعتاد التعامل مع الفئة القريبة منه ممن تعايش معهم لسنوات، رافضًا دخول عناصر قيادية شابة قد تضيف له ولمؤسسته، في المقابل هذه الفئة الشابة تحتاج فقط لإشراكها بالحوار والنقاش، وإعطائها المزيد من الثقة والتوجيه لينخرطوا ويندمجوا معهم بعيدًا عن التفرقة والمحاباة، ولا سيما إذا ما كان يتحلى بقدرات ومهارات.

فكونوا عونًا لبعضكم، داعمين مساندين، موجهين، ناصحين للمهارات الشابة، فكلنا راحلون يومًا عن هذه الكراسي ليخلفنا جيل آخر يواصل المسير، ولذلك يجب ألا تكون بيئة الأعمال وراثية ولنعلم أنها لن تدوم لشخص دون آخر ولنا فيما حدث ويحدث خير دليل!

المناصب القيادية في أي مؤسسة تعد مسؤولية وتكليفًا يسند لمن يحظى بهذا التشريف الكثير من المهام والأعمال والخطط الواجب عليه الإشراف على تنفيذها وقيادة وإدارة تنفيذها، ومواجهة كل أنواع التحديات لتحقيقها في الموعد المحدد، برفقة فريق عمل هو في حد ذاته بحاجة لفن التعامل مع كل عضو فيه وتحت إشراف القيادات بالمؤسسة، وبحاجة لكي يكون القائد داعمًا مساندًا فطنًا قادرًا على الاستفادة من كل عضو وفقًا لإمكانياته- الجديد قبل القديم- لأنه سيخدم خطة عمله ومؤسسته وسيزرع فريق عمل متمكنًا متآلفًا متحابًا متحدًا مكملًا لبعضه البعض، وليس قيادة تقوم على المحسوبية والتفاضل والتفرقة!!