المساعدات السكنية

مدرين المكتومية

خطوة إيجابية للغاية اتخذها معالي الدكتور خلفان بن سعيد الشعيلي وزير الإسكان والتخطيط العمراني، مع إصدار القرار الوزاري رقم (9/ 2023)، والمتعلق بتعديل المادة رقم (18) من القرار الوزاري السابق رقم (6/2011) حول قيمة المساعدة السكنية للمواطنين المستحقين للمساعدة السكنية.

القرار الجديد نص على رفعِ قيمة المساعدة السكنية إلى 25 ألف ريال للأسر المكونة من 2- 3 أفراد لبناء مسكن أو إعادة بنائه، 30 ألف ريال للأسرة المكونة من 4 أفراد فأكثر لبناء أو إعادة بنائه، مع تطبيق الشروط المتعلقة بالمساحة وغيرها. وهذا القرار الإنساني نابع من وعي وإدراك حكومتنا الرشيدة لما يتعرض له الكثير من المواطنين من ضغوط مالية في ظل ما يمر به العالم من أزمة اقتصادية طاحنة، تؤثر بلا شك على السلطنة؛ حيث ارتفعت معدلات التضخم خلال الفترة الماضية، نتيجة لارتفاع أسعار الكثير من السلع والخدمات، كما زادت أسعار مواد البناء، بسبب الأوضاع العالمية وفرض ضريبة القيمة المضافة.

وإذا نظرنا إلى القرار السابق الصادر في 2011، نجد أنه كان يقتصر فقط على مساعدة سكنية بقيمة 20 ألف ريال، بغض النظر عن عدد أفراد الأسرة أو الظروف الأخرى، الأمر الذي يؤكد أن القرار الوزاري الجديد يسهم في تحقيق العدالة الاجتماعية، في إطار المفهوم العام للحماية الاجتماعية التي تعمل مؤسسات الدولة على توفيرها للفئات المستهدفة، ويؤكد كذلك أن الحكومة ممثلة في وزارة الإسكان والتخطيط العمراني تُدرك التحولات الحاصلة في الوضع الاقتصادي بعد ارتفاع أسعار الكثير من السلع والمواد والخام.

وما يثلج الصدر أن نحو 1200 أسرة مُستهدفة هذا العام من برنامج المساعدات السكنية، مع تخصيص مبلغ 35 مليون ريال، وهو رقم كبير في ظل المخصصات المالية لبرامج الدعم الأخرى، والتي تتضمنها الميزانية العامة للدولة للعام المالي الجاري. فهذه الأسر ستدخل الفرحة بيوتها، وسيسعد أبناؤها سعادة كبيرة، لا سيما وأن هذه الأسر غير قادرة على بناء منزل دون هذه المساعدة الحكومية.

لا شك أن مثل هذه المساعدات تعكس الدور الاجتماعي للدولة ومؤسساتها، لكن في الوقت نفسه نتمنى أن نرى مؤسسات القطاع الخاص تتكاتف وتساهم في تلبية احتياجات المواطنين الأكثر احتياجًا لهكذا مساعدات، فكم من أسرة ربما لا تنطبق عليها الشروط لكنها في أمسّ الحاجة إلى مساعدة لبناء منزل أو ترميمه أو إعادة بنائه. والحديث عن القطاع الخاص يستدعي على الفور الإشارة إلى مشاريع وبرامج المسؤولية الاجتماعية، والتي نعلم أنها قائمة في الكثير من المؤسسات، لكن ما زالت الإسهامات لا تعكس قدرة هذا القطاع على تقديم مساعدات اجتماعية للمواطنين المستحقين، فمن خلال عملية رصد سريعة نكتشف أن عدد مؤسسات القطاع الخاص التي تسير وفق استراتيجية وبرامج مخطط لها لتنفيذ مشاريع المسؤولية الاجتماعية، لا يتعدى العشرات، بينما يصل عدد مؤسسات القطاع الخاص عشرات الآلاف، ما يؤكد أهمية العمل على التوسع في مثل هذه المشاريع، وتعزيز ميزانية المسؤولية الاجتماعية للشركات، لا سيما تلك التي تحقق أرباحًا مليونية كل سنة.

إنَّ الظروف الاقتصادية والمالية التي تمر بها الكثير من الأسر والأفراد في مجتمعنا، تستدعي مزيدًا من التكاتف والترابط والتعاضد بين أبناء المجتمع، وفي المقدمة القطاع الخاص، الذي يجب أن يعمل جنبًا إلى جنب مع الحكومة في تنفيذ البرامج والخطط الهادفة إلى دعم المواطنين المُستحقين، والعمل على دراسة المزيد من الحالات التي قد لا ينطبق عليها شرط واحد بينما تسري عليها الشروط الأخرى، حتى ينعم مجتمعنا بمزيد من الاستقرار الاجتماعي والنفسي، وتمضي عُمان في مسيرتها المتجددة نحو آفاق أرحب من التنمية الشاملة والمستدامة.