تخصيص يوم للاحتفاء بالطفل العُماني

حمود بن علي الطوقي

 

لفت انتباهي وأنا اتصفح جريدة الرؤية الصادرة أمس، خبر مفاده أنَّ عدد الأطفال العُمانيين في المرحلة العمرية (صفر-17 سنة)- بحسب ما أشارت إليه نشرة الفئات الخاصة لعام 2022 الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات- بلغ مليونًا و221 ألفًا و751 طفلًا؛ مشكلين ما نسبته 44 بالمائة من إجمالي السكان العُمانيين البالغ عددهم مليونين و804 آلاف و117 عُمانيا حتى نهاية عام 2021، وحسب الإحصائيات الرسمية أيضًا ارتفع معدل الأطفال العُمانيين بنسبة 16 بالمائة بين عامي 2017 و2021.

هذا الرقم الرسمي المعلن له دلالات مهمة، ويجب أن يوضع في الحسبان بالنسبة للجهات ذات العلاقة، خاصة المُخططين الذين يرسمون سياسات واستراتيجيات تخص الأجيال والناشئة في المراحل العمرية المبكرة. فهذه السياسات يجب أن تتفق مع مضامين رؤية "عمان 2040"؛ حيث جاء ذكر أهمية تربية الناشئة في حديث حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- أثناء لقائه بشيوخ ولايات محافظتي الداخلية والوسطى بحصن الشموخ في الرابع من يناير من عام 2022. هنا يتضح مدى حرص جلالته واهتمامه المباشر بهذه الفئة العمرية من أبناء عُمان الذين يتطلب منا جميعًا- حكومة وشعبًا- العمل بكل إخلاص من أجل تنشئتهم وتربيتهم وفق مبادئ ديننا الحنيف.

وجاءت في هذا السياق إشارة واضحة من جلالته في مواضع مختلفة؛ حيث قال "إن تربية الأبناء لا تتم عبر شبكات التواصل الاجتماعي، بل هي جزء من أصل المجتمع العماني"، وأنه "عندما يتشرب أبناؤنا عاداتنا وتقاليدنا والتمسك بالأسرة والمجتمع يتحقق نجاح المجتمع"، كما أن "التقنيات الحديثة وُجدت لخدمة البشرية، لكننا مع الأسف نستغلها بطريقة سلبية جدًا، وقد أثّرت على النشء، ليس في بلدنا وحسب ولكن في جميع أنحاء العالم". وقد وجه جلالته أفراد المجتمع إلى المحافظة على "الإرث العماني وترابطهم وعلى تربيتهم التربية الصالحة".

وأثناء ترؤس جلالة السلطان- حفظه الله ورعاه- اجتماع مجلس الوزراء الموقر، أكد جلالته أهمية العمل على ترسيخ المبادئ والقيم العُمانية الأصيلة لأبنائنا وأن تكون هذه القيم مستمدة من تعاليم ديننا الحنيف، كما حثَّ- أيده الله- الأسر العمانية على الأخذ بأيدي أبنائها وتربيتهم التربية الصالحة نظرًا لما يشهده العالم من تغيرات في السلوكيات والمفاهيم وترسيخ البعض لمفاهيمهم، واستغلال مبادئ حقوق الإنسان، وغيرها من المبررات لفرض رؤى وبرامج وسلوكيات لا تتفق مع الثوابت والمبادئ السائدة التي يسعى المجتمع العماني المحافظة عليها.

وبالرجوع إلى أهم المرتكزات لرؤية "عُمان 2040" والتي أشرف عليها جلالة السلطان المعظم، نرى أن هذه الرؤية لم تغفل الناشئة؛ بل وضعتهم في سلم الأولويات؛ باعتبارهم الركيزة الأساسية بين أفراد المجتمع العُماني، فلا بُد أن ينعموا بالرعاية الاجتماعية وتكون الأسر قادرة على ترجمة مضامين هذه الرؤية، وذلك من خلال تمكين الأسرة ودعم المرأة والاهتمام بالشباب وخاصة الأطفال، إضافة لتمكين مؤسسات المجتمع المدني، خاصة تلك التي تنضوي تحت الرعاية والحماية الاجتماعية.

وكوننا نعمل ضمن المنظومة الإعلامية التي تهتم بالناشئة ومن خلال إصدار مجلة معنية بالأطفال وهي مجلة "مرشد"، فإننا نرى أن هناك قصورًا في إطلاق برامج وتبني مبادرات تخص الأطفال، وإن كانت موجودة فهي محدودة، ولا تلقى الرعاية والاهتمام اللازمين، بينما هي مبادرات في غاية الأهمية ويجب دعمها لكي تؤتي أُكلها في المستقبل القريب.

إننا عندما ندعو إلى دعم هذه البرامج فهو ناتج عما نلمسه من تقصير وعدم التفات إلى دعم المبادرات التي تهم الناشئة، في الوقت نرى أنه يجب إطلاق وبشكل بارز استراتيجية تمكن الجهات الحكومية والقطاع الخاص والمجتمع المدني من التنافس فيما بينها من خلال الارتكاز على محور الطفولة والناشئة، وصولا إلى رسم خارطة طريق وتوجيه البوصلة الى جعل أطفال عُمان يتربعون أعلى قمة الهرم؛ لأنهم من سيقودون قاطرة المستقبل؛ كونهم تربوا على قيم ومبادئ وأخلاق تؤهلهم مستقبلا على تحمل المسؤولية والأمانة.

نقدم هذا المقترح للجهات المعنية إذا أرادت أن تهتم بالناشئة، ونأمل تخصيص يومٍ للاحتفاء بالطفل العماني، فكما نحتفل بالمرأة العمانية والشاب العماني، آن الأوان أن يكون للطفل العماني يوم نحتفي به فيه، وسنكتشف أن هذا الاحتفاء أكبر داعم لجعل أطفال عُمان يتصدرون المشهد، وسنرى كل الجهات تتسابق لدعم كل ما يخص الناشئة وبرامج الطفولة.

الأكثر قراءة