العلوم معرفة.. والمعرفة قوة

 

 

أحمد بن موسى البلوشي

 

 

يُقال إنَّ "العلم معرفة، والمعرفة قوة"، وهي عبارة تدل على المعرفة العلمية التي يمتلكها الإنسان والتي تكونت لديه عن طريق العمل والجهد والتجارب والملاحظة والتراكمات والخبرات، ولا توجد هناك قوة أقوى من قوة العلوم والمعرفة والإبداع والفكر التي يحملها الإنسان؛ كونها تعتبر المحرك الأساسي لكل الابتكارات والاختراعات التي تعتمد عليها البشرية في أغلب جوانب الحياة المختلفة، ولا يمكن تعويض أو استبدال معرفة العلوم بمعرفة أخرى، فهي القوة البشرية التي تدير كل شيء على هذه المستديرة، ولهذا يجب على ممتلكي هذه المعرفة أن يجعلوها قوة لخدمتهم وخدمة البشرية، وأن لا يخزنوها في عقولهم وذاكراتهم فقط.

ما جعلني أكتب هذا المقال هو الحوار العابر مع أحد المختصين بمجال العلوم؛ حيث يقول "معي العديد من الأفكار التي يُمكن أن نستفيد منها وتخدم الجميع، ولكن"! بعد كلمة "ولكن" توقف الحديث، وطُرح السؤال: ولكن ماذا؟ ولم نحصل على إجابة لهذا السؤال، في هذه الحالة تعتبر المعرفة التي يمتلكها الشخص معرفة علمية شخصية فقط، متى تصبح هذه المعرفة قوة، إذا تم استخدامها وترجمتها على أرض الواقع، وتم الاستفادة منها وخدمت البشرية، يقول الفيلسوف الفرنسي الراحل ميشيل فوكو "إنَّ المعرفة هي القوة".

هذه المعارف والعلوم التي يمتلكها الإنسان لم تأتِ من فراغ؛ جاءت وتكونت بعد الكثير من الاطلاع والقراءة والدراسة وتبادل وجهات النظر والاحتكاك بالآخرين، ومن ثم تم تخزين هذه العلوم ومعارفها في العقل. وتتحول هذه المعرفة إلى قوة إذا تم مصادرتها من العقل إلى أرض الواقع كمنتج يستفاد منه؛ فهي السبيل لكشف الكثير من الحقائق والتأكد من صحتها، وتفسير الكثير من الظواهر، فهذه المعرفة تعطي إجابات حقيقية للكثير من المشكلات والتساؤلات التي تصادفنا، وربما يكون أقرب مثال لذلك "كوفيد 19"، فبالعلوم والمعرفة استطاع العالم الإجابة على كل الاستفسارات حوله حتي تمت السيطرة عليه، وإذا ما قارنا بين ما نحن عليه في الوطن العربي والعالم الغربي فإننا نجد إنتاجنا من هذه المعرفة لا يزال متواضعًا، واستثماراتنا لا ترقى لكلمة استثمار العلوم والمعرفة، وإن كان البعض يقول بأن العائق الوحيد لذلك هو الإمكانات المادية فيقول الدكتور سامي الرشيد "التقدم لا يحتاج إمكانات مادية خارقة أو قدرات بشرية ساحقة، وتجارب الآخرين أكبر دليل".

عزيزي عاشق العلم والعلوم، وجميع مختصي العلوم، وفي جميع المجالات حولوا هذه المعارف العلمية التي تمتلكونها في عقولكم إلى قوة، فجروا طاقاتكم، ما الذي يمنعنا من أن نسمع الكثير من الاختراعات والابتكارات على أرض الواقع، فنحن بحاجة للكثير من المعارف التي تفسر الكثير من الظواهر التي تحدث في محيط وطننا، فالهدف الحقيقي هو تحويل المعرفة لمنتج يقول توماس هكسلي: "الهدف النهائي للحياة هو الفعل وليس العلم، فالعلم بلا عمل لا يساوي شيئًا. نحن نتعلم لكي نعمل"؛ لذلك نحتاج من يحول علمه ومعرفته إلى عمل يُستفاد منه.

تعليق عبر الفيس بوك